صعوبات المؤسسات تحد من رواج السلع التونسية في الأسواق الخارجية

الأوضاع السياسية المرتبكة من بين أسباب مشكلات قطاع التصدير، ودعوات لتعزيز الإجراءات والتشريعات المشجعة للمؤسسات.
الجمعة 2018/06/01
في انتظار إجراءات مشجعة

تونس - يحتاج التصدير إلى إمكانيات مالية وإجرائية كبيرة لا تتوفر لدى الشركات الصغرى والمتوسطة في تونس، مما تسبب لها في صعوبات كثيرة تعطل نشاط هذه المؤسسات وتؤثر على رواج المنتج التونسي في الأسواق الخارجية.

وبحسب دراسة ميدانية حول “عوائق وإشكاليات التصدير بالنسبة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة”، أنجزها مكتب “برودوتا” للدراسات وشملت 300 مؤسسة صغرى ومتوسطة في تونس، فإن 61 بالمئة من المؤسسات المصدرة لا تبحث عن أسواق جديدة في ظل الانفتاح على  منافسين جدد. وبالكاد تتجاوز نسبة المؤسسات التي تصدر إلى السوق الخارجية الـ16 بالمئة.

وقال طارق الشريف، رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (كونكت)، إن “العائق الأساسي في التصدير هو صغر المؤسسة الاقتصادية التونسية”، وبين أن  92 بالمئة من المؤسسات المصدرة صغرى ومتوسطة.

وجاء تصريح طارق الشريف خلال ورشة عمل تم عقدها الأربعاء بالعاصمة التونسية لتقديم الدراسة حول صعوبات التصدير بالنسبة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة. وحضر ورشة العمل وزير التجارة التونسي عمر الباهي ومجموعة من الخبراء وأصحاب المؤسسات وممثلي الأطراف المتدخلة في مجال التصدير.

وتلعب الأوضاع السياسية المرتبكة التي تعيشها تونس دورا كبيرا في مشكلات المؤسسات الصغرى والمتوسطة، إذ يرى ملاحظون أن انهماك الطبقة السياسية في صراعات مختلفة ومتواترة ساهم في عدم الاهتمام بتعديل التشريعات المشجعة على الاستثمار في البلاد.

وتشهد تونس حاليا وضعا سياسيا مضطربا حيث يرجح البعض من المتابعين أن تسير الأمور نحو المزيد من التعقيد، خاصة بعد قرار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي تعليق العمل بوثيقة قرطاج بسبب عدم توصل الأطراف المشاركة في المفاوضات إلى اتفاق بخصوص مصير يوسف الشاهد وحكومته.

ووقعت أحزاب ومنظمات تونسية بارزة في عام 2016 على وثيقة قرطاج التي كانت قاعدة على أساسها تشكلت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الشاهد، لكن البعض من الموقعين على الاتفاق يطالب بتغيير كلي للحكومة واستبدالها بحكومة كفاءات وطنية، فيما يرفض البعض الآخر هذا النوع من التغيير ويقترح إجراء تعديل جزئي على التركيبة الحكومية الحالية.

انهماك الطبقة السياسية في صراعات متواترة ساهم في عدم الاهتمام بالتشريعات المشجعة على الاستثمار في البلاد

ويؤكد مراقبون أن الاستقرار السياسي في تونس يعد أول الضمانات لانتعاش الاستثمارات في البلاد لا سيما الأجنبية، وفي ظل وضع سياسي واجتماعي مرتبك باعتبار الاحتجاجات التي تشتعل من حين إلى آخر في مناطق مختلفة من تونس خاصة في مناطق إنتاج الفوسفات والنفط فإن الوضع يخيم عليه الغموض.

ولا يخدم هذا الغموض أوضاع المؤسسات الصغرى التي طرقت باب التصدير وتوفر موارد مالية هامة لتونس، إلى جانب دعم احتياطي البلاد من العملة الأجنبية، فالأوضاع السياسية غير المستقرة كان لها صدى أيضا في البرلمان فقد تعطلت أعماله بسبب التجاذب الحزبي بين مختلف الكتل مما أخر الحسم في العديد من مشاريع القوانين الهامة.

ويطالب أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تنشط في مجال التصدير بتنفيذ استراتيجية وطنية لتطوير التصدير، كما يدعون إلى تطوير خدمات البنوك والمؤسسات المالية التي تستفيد منها الشركات المصدرة بتوفير التسهيلات المالية وتبسيط الإجراءات الإدارية.

ويأمل هؤلاء في أن تحل هذه التسهيلات المالية مشكلاتهم المتراكمة وتساهم في تحسين أوضاع المؤسسات المصدرة، فيما دعا طارق الشريف من جهته إلى تقديم تسهيلات إدارية ومالية للمؤسسات الصغرى داخل تونس وخارجها.

ويرى الشريف أن من الضروري فتح فروع لبنوك تونسية في الأسواق الخارجية، إذ يعتبر ذلك أمرا يساهم في دعم المؤسسات التونسية بالخارج وتوسيع نشاطها. وأثرت هذه الصعوبات المالية على ترويج المنتج التونسي بالشكل اللازم، إذ تدعو منظمة كونكت إلى تعزيز برامج وآليات الدبلوماسية التونسية للتعريف بالسوق المحلية في الخارج لتخفيف مشكلات النقل والإجراءات الجمركية.

وتتفق القراءات على أن مشكلات قطاع التصدير في البلاد تتضمن صعوبة الحصول على تمويلات من البنوك إلى جانب مشكلات النقل والجمارك والإجراءات المعقدة. لكن بعض الخبراء يرون كذلك أن عقلية المصدر التونسي لم تواكب التطورات العالمية لهذا النشاط.

وأقرت الحكومة إجراءات عديدة لتشجيع التصدير، شملت مجالات اللوجيستيك والنقل والجمارك والبنوك إلى جانب البنك المركزي التونسي.  كما تسعى وزارة التجارة إلى اعتماد منصة إلكترونية خاصة بمعاملات التصدير مما يسهل حصول أصحاب المؤسسات على أذون بممارسة هذا النشاط تفاديا لتعقيدات الإجراءات الإدارية التقليدية.

وأكد وزير التجارة عمر الباهي أن نسبة التصدير ارتفعت في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بـ32 بالمئة.

وأفاد الباهي بأن الحكومة ضاعفت ميزانية صندوق النهوض بالصادرات لتصل إلى 40 مليون دينار (حوالي 15 مليون دولار) ومن المتوقع أن تبلغ 80 مليون دينار(حوالي 28 مليون دولار) في 2019.

4