شركات تأمين الشرق الأوسط تغطي خسائر انفجار بيروت العقارية

رجحت أوساط اقتصادية ومصادر من قطاع التأمين أن تمتص شركات تأمين الشرق الأوسط جزءا كبيرا من خسائر انفجار بيروت من خلال تقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات والعقارات المحيطة بمكان الحادثة وليس عن أضرار السفن أو المرفأ نفسه.
بيروت - كشفت مصادر من داخل منظومة التأمين في لبنان أن شركات التأمين في الشرق الأوسط ستغطي كلفة خسائر انفجار بيروت، حيث ستعوض أضرار العقارات والمباني لكنها لن تعوض الأضرار التي تشمل السفن والبواخر، في وقت يعوض فيه مرفأ طرابلس مؤقتا مرفأ بيروت لسد النقص.
قالت مصادر في قطاع التأمين إنه من المتوقع أن تمتص شركات التأمين بالشرق الأوسط جزءا كبيرا من الخسائر الناجمة عن الانفجار الذي هز بيروت الأسبوع الماضي وأن تكون لويدز لندن ولاعبون عالميون آخرون أقل انكشافا على الخسائر.
وقال مسؤولون لبنانيون إن انفجار الرابع من أغسطس، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 172 شخصا وحول جزءا كبيرا من العاصمة إلى حطام، نجم عن شحنة من نترات الأمونيوم اشتعلت فيها النيران بعد أن ظلت مخزنة بشكل غير آمن في المرفأ لسنوات.
ونقلت رويترز عن مصادر في قطاع التأمين قولها أيضا إن قسما كبيرا من الخسائر سيتركز في تعويضات الأضرار التي لحقت بالممتلكات وليس عن أضرار السفن أو المرفأ نفسه.
وقال مصدر بسوق لويدز في لندن “الجزء الأكبر من الانكشاف سيكون من ناحية أضرار المباني”.
وأضاف “جزء كبير من المخاطر قد تغطيه الأسواق المحلية، وهو ما قد يشمل شركات تأمين في دبي”. وقالت متحدثة باسم لويدز إنه من السابق لأوانه تحديد قدر الخسائر المؤمن عليها.
وقال لبنان إنه “يتوقع خسائر تصل إلى 15 مليار دولار جراء الانفجار”، لكن مصادر في القطاع قالت إنها “تتوقع أن تبلغ الخسائر المؤمن عليها ثلاثة مليارات دولار فقط، معظمها في العقارات”.
ويرجع الاختلاف الكبير بين الرقمين إلى عوامل منها أن مستويات التغطية التأمينية قد تكون أقل في الأسواق الناشئة مثل لبنان. وقال المصدر لدى لويدز “سيكون هناك الكثير غير المؤمن عليه”.
وقال مصدر آخر في قطاع التأمين إنه من المتوقع أن تكون الخسائر في ما يخص السفن والشحنات محدودة.
وقالت شركتا شحن كانت لهما سفن بالقرب من المرفأ إن أضرارا طفيفة لحقت بسفنهما وإن أحدا لم يتأذّ من أفراد طواقمهما.
وقالت زيورخ للتأمين الأسبوع الماضي إن لها عملاء في لبنان لكنها لا تتوقع أن يسفر الانفجار عن خسارة كبيرة للشركة. ولكن شركات أخرى مثل أليانز وميونخ ري قالت إنه من السابق لأوانه إعلان تقديرات.
وقالت إحدى شركات التأمين في لبنان إنها تستبعد نجاة جميع شركات التأمين الستين العاملة هناك من جائحة فايروس كورونا والاضطراب المالي والانفجار.
ويستعد مرفأ طرابلس في شمال لبنان لينوب مؤقتاً عن مرفأ بيروت المدمر، رغم أن قدرته الاستيعابية أقل بكثير من المنشأة الأساسية في العاصمة التي كانت تُعد البوابة الرئيسية للاستيراد، في بلد صغير يؤمن معظم احتياجاته من الخارج.
ومباشرة بعد وقوع الانفجار الدامي، غيّرت سبع باخرات كانت في طريقها إلى بيروت مسارها إلى مرفأ طرابلس، ثاني أكبر مرافئ لبنان، لتفريغ حمولتها. وأوصى المجلس الأعلى للدفاع بتجهيز مرفأ طرابلس سريعاً “لتأمين العمليات التجارية من استيراد وتصدير”.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لمدير مرفأ طرابس أحمد تامر قوله “يُمكن لمرفأ طرابلس أن ينوب لفترة موقتة عن مرفأ بيروت، إلى حين استعادة عافيته، وعودة دورة العمل إليه”.
ويستقبل مرفأ طرابلس الذي تبلغ مساحته ثلاثة ملايين متر مربع وفق تامر، كافة البضائع بينها القمح، باستثناء المواد البترولية.
وخلال الأسبوع الأخير، بات المرفأ، الذي بقي خلال عقود يعاني من إهمال متماد من الحكومات المتعاقبة، أشبه بخلية نحل. يعقد مديره أحمد تامر اجتماعاً تلو الآخر، ويتجوّل مسؤولون محليون وأجانب في أقسامه وبين عنابره بينما يعمل موظفوه 18 ساعة يومياً وسط إجراءات أمنية مشدّدة.
ويسعى القيمون عليه حالياً إلى زيادة ساعات تشغيله حتى 24 ساعة يومياً، لسدّ النقص جراء خروج مرفأ بيروت من الخدمة عقب الانفجار.
ورغم الدمار الكبير الذي لحق به، ورغم استمرار عمليات البحث عن مفقودين، إلا أن بعض الأقسام في مرفأ بيروت ما زالت قيد الخدمة، وفق تصريحات مسؤولين لبنانيين.
وذكر وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة خلال جولة مع وزيري الأشغال والدفاع داخل المرفأ أن “12 رافعة تعمل من أصل 16 في مرفأ بيروت”، مضيفاً “يعمل المرفأ الآن كي تفرغ البواخر حمولتها ويأتي التجار لأخذ بضاعتهم”.
وقبل الانفجار، جرت العادة أن يستقبل مرفأ طرابلس مليوني طن سنوياً بينما تصل قدرته الاستيعابية إلى خمسة ملايين طن، أيّ أنه يعمل فقط “بأربعين في المئة من قدرته”.
ويستقبل سنوياً 80 ألف حاوية فيما تبلغ قدرته الاستيعابية 300 ألف. ويشهد مرفأ طرابلس منذ أشهر ورشة لتوسيعه ورفع قدرته التشغيلية، كان هدفها أساساً أن يتحول إلى مرفأ أساسي لمرور البضائع الضرورية إلى سوريا خصوصاً في مرحلة إعادة الإعمار نظراً لقربه الجغرافي من سوريا.
ولرفع جهوزية المرفأ وتوسيع نطاق خدماته، لا بدّ من تفعيل المنطقة الاقتصادية، حسب مدير المرفأ أحمد تامر، وكذلك الترانزيت إلى دول مجاورة بينها سوريا.
والمنطقة الاقتصادية التي تم تأسيسها عام 2008 من دون أن يبدأ العمل بها، كانت قد أحيت الآمال بمساهمتها في إنعاش مدينة طرابلس، حيث كان 57 في المئة من سكانها يعيشون عند خط الفقر أو دونه، بحسب الأمم المتحدة عام 2015.
ويُرجّح أن تكون النسبة قد ارتفعت على وقع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بلبنان منذ خريف 2019. ويستورد لبنان أكثر من 85 في المئة من مواده الغذائية. وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن يؤدي الانفجار إلى “تفاقم الوضع الاقتصادي والغذائي المتردي بالفعل” في البلاد.
وبعد انفجار مرفأ بيروت، جرى التداول باقتراح بناء إهراءات في مرفأ طرابلس، على مساحة تبلغ 36 ألف متر مربع، وسط خشية اللبنانيين من انقطاع الخبز في بلد يعاني أساساً من غلاء الأسعار بعد انهيار إهراءات مرفأ بيروت.
واعتبر تامر أن “البلد الذي لا يملك إهراءات للقمح، يكون مستهدفاً وعرضة للتجويع”.
وتفقد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة دايفيد بيزلي الأسبوع الماضي مرفأ طرابلس. وأعلن أنه سيتم إحضار 17500 طن من الطحين إلى لبنان.
إلى جانب طرابلس، أفرغت باخرتان تجاريتان تحملان 11500 طن من القمح حمولتهما في ميناء صيدا، الذي يتوقع أن يتحمّل كذلك جزءاً من العبء عن مرفأ بيروت، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام.