شركات البث الرقمي تجني أرباحا من انتشار فايروس كورونا

استفادت شركات البث الرقمي وخصوصا نتفليكس من الحجر الصحي الذي فرضه فايروس كورونا على الناس، فأصبحت خدمات الترفيه الرقمية ملاذهم الوحيد، وهو ما يترجم زيادة أرباح شركات الإنترنت، ويفرض عليهافي المقابل زيادة إنتاجها لتلبية الطلب.
واشنطن - تغزو أخبار فايروس كورونا وسائل الإعلام التقليدية والرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي مع حالة من القلق والخوف في أنحاء العالم، لكن هذه الأخبار كانت لها بالمقابل تأثيرات إيجابية على شركات البث حسب الطلب وحققت أرباحا جراء ارتفاع عدد المودعين بالحجر الصحي.
وساهم انتشار فايروس كورونا حول العالم في انخفاض أرقام المبادلات التجارية بين الدول وهبوط أسعار النفط، كما انعكس سلبا على اقتصاد البلدان، غير أن شركة نتفليكس استفادت باعتبارها إحدى الشركات الرائدة في مجال خدمة البث الترفيهي في العالم، من العزلة التي فرضها فايروس كورونا على الأسواق.
وقد سجلت أسهم نتفليكس ارتفاعا، على عكس أغلب مؤشرات البورصة عالميا، والتي سجلت تراجعا سريعا، وأرجع خبراء البورصة سبب ارتفاع أسهم نتفليكس إلى أنه عندما يظل الكثيرون في منازلهم خوفا من الإصابة بالمرض، ترتفع نسبة مشاهدتهم للأفلام والمسلسلات المعروضة على نتفليكس.
وتطمح شركة البث العالمية إلى السيطرة على البث التلفزيوني لجميع أنواع وفئات المشاهدين، من خلال دعم شبكتها بدراما قوية وكوميديا، وحتى البرامج الواقعية.
وذكرت شبكة “سي.إن.إن.بزنس” الإخبارية، أن أحدث عرض لنتفليكس “الحب أعمى” وسيلة لسيطرتها على سوق البث التلفزيوني، على الرغم من أن بعض النقاد اعتبروه غير جيد، حيث كتب دانييل داداريو الناقد التلفزيوني الرئيسي لفاريتي، أنه برنامج ليس جيدا لكنه يحظى بالمتابعة.
وقالت “سي.إن.إن” إن البرنامج مهم لنتفليكس، التي لم تسيطر بعد على تلفزيون الواقع، الذي أثبت أنه يحظى بشعبية على التلفزيون التقليدي، فعلى سبيل المثال، بلغ عدد مشاهدي الموسم الأخير من برنامج “باتشيلر”، على قناة “آ.بي.سي” نحو 7.7 مليون مشاهد، تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاما.
وبحسب الشركة، فإن برنامج “الحب أعمى” كان العرض الأول الأكثر شعبية على خدمة نتفليكس في الولايات المتحدة، لذلك فإن هناك آمالا معلقة عليه، في محاولة نتفليكس إعادة تعريف تجربة مشاهدة التلفزيون، التي ستجعلها تخوض المنافسة مع خدمات البث الأخرى بشكل قوي.
وأضافت نتفليكس مجموعة من المسلسلات التي تجمع بين الخيال والإثارة، السحر والعلم، حيث تدور صراعات متعددة شرسة من أجل البقاء أو الحب.
وستقوم الشركة بتطوير مشاريع في الدراما المحلية من البلدان الأفريقية وما حولها، بناء على القصص والممثلين والشخصيات والطاقم والنصوص الأدبية والأساطير والسيناريوهات والعناصر الأخرى، مع التركيز على غرب وشرق أفريقيا.
ويزداد الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي عن إصدارات نتفليكس والمسلسلات والدراما التي تبثها، مع تفشي الكورونا وحرص الناس على الالتزام بالإرشادات الوقائية.
ويختار غالبية المستخدمين نتفليكس لتمضية الوقت، وبحسب الإحصاءات الصادرة عن الشركة فقد زادت نسبة المشاهدات حيث توقعت أن ينضم إلى المنصة أكثر من 7 ملايين مستخدم جديد في الربع الأوّل من العام الحالي والسبب بالدرجة الأولى فايروس كورونا.
ويلفت انتباه المستخدمين حاليا فيلم أصبح من أكثر الأعمال مشاهدة على نتفليكس، وهو “أنا أسطورة” الذي يروي قصة خبير في علم الفايروسات يبقى وحيدا على قيد الحياة بعد إصابة الجميع بفايروس جعلهم يتحولون إلى مسوخ بشرية لا يعيشون إلا في الأماكن المظلمة.
وهناك فيلم “التفشي”، ويتحدّث أيضا عن تفشي فايروس في مقاطعة أميركية، وهذا الفيلم تصدر شباك التذاكر في العام 1995 وقد تزامن مع انتشار فايروس إيبولا حينها.
وتثير هذه الأفلام الجدل بسبب توقيتها وارتباطها بالواقع الحالي وبما يجري حول العالم، ما يخلق حالة من الخوف.
وبحسب ما نقلت “سي.إن.إن.بزنس”، قال كريج هوبر، المدير التنفيذي لهوبر للأبحاث، إن “تصاعد الأزمة المتعلقة بالفايروس تسبب في تجنب خروج الناس من منازلهم، ومن المرجح أن يؤدي هذا الأمر إلى قفزة باشتراكات خدمات البث الرقمي الترفيهي الكبرى على غرار نتفليكس وديزني بلس”.
تصاعد أزمة الفايروس تسبب تجنب الناس الخروج من منازلهم، ما أدى إلى قفزة في اشتراكات خدمات البث
وأضاف هوبر “إذا ما كنت محتجزا في منزلك فخيارك الوحيد على الأرجح للترفيه هو التلفزيون أو مشاهدة الاشتراكات في خدمات الترفيه الرقمية”.
وأشار إلى أن ارتفاع نسب المشاهدة لخدمات البث الرقمي الترفيهي ستصاحبه زيادة في أعداد المشتركين الجدد وهو ما سينعكس في نهاية المطاف على النتائج المالية لأسهم تلك الشركات. وارتفع سهم نتفليكس نحو 17 في المئة منذ مطلع العام الجاري، في وقت تكتسي فيه غالبية مؤشرات وأسهم “وول ستريت” باللون الأحمر.
وانضم إلى نتفليكس خلال الربع الماضي نحو 8.8 مليون مستخدم عالميا بما يتخطى توقعات المحللين، وتوقعت الشركة إبان الإعلان عن نتائج الربع الأخير من العام الماضي إضافة نحو 7 ملايين مستخدم جديد خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري.
لكن التوقعات التي أعلنت عنها الشركة في حينه لم تتضمن التبعات المتوقعة لفايروس كورونا المستجد وما قد يسفر عنه في زيادة أعداد المشتركين.
وتفرض زيادة المشتركين على شركة نتفليكس إنتاج برامج ومسلسلات جديدة لتلبية الطلب المتزايد على منصتها، وقال لينوود بايدن الرئيس التنفيذي لـ”ريتش.تي.في” في تصريحات لشبكة “فوكس نيوز” إن خدمات البث الرقمي قد تتكبد المزيد من المصاريف لإنتاج المزيد من الأعمال مع توقعات بارتفاع الطلب على منتجاتها.
وأشار بايدن إلى أن المنصات التي تدعم الإعلانات ستكون من أكثر المستفيدين من الزخم المتوقع في الطلب عليها مع قفزة متوقعة في إيرادات الإعلانات بخلاف المنصات التي تعتمد على المشتركين كمصدر رئيسي لإيراداتها.
وليست نتفليكس المنصة الوحيدة التي تستفيد مما يجري، إذ يعتبر أيضا تطبيق تيك توك من التطبيقات التي تلاقي رواجا كبيرا بفضل مقاطع الفيديو التي ينشرها المستخدمون من كافة أنحاء العالم والتي تحمل جانبا من التوعية الصحية.
كما ذكرت شبكة دوتشه فيله الألمانية أن أبرز مستفيد في ألمانيا من الذعر من كورونا هي شركات الخدمات المقدمة للمنازل، وفي مقدمتها نتفليكس وفيسبوك وأمازون وشركة “زوم” صاحبة التطبيق الشهير لعقد اجتماعات العمل عبر الإنترنت، بالإضافة إلى شركة “بيلوتون” التي تصنع دراجات التدريب البدني المنزلية.