شدوا الحزام.. الحرب على الأبواب

الحرب آتية لا محالة إنها مسألة وقت ليس إلا وقد تتوسع لتشمل المنطقة العربية بأسرها والكل يشترك فيها بشكل مباشر وهم على أتم الجاهزية لإحراق المنطقة وتدميرها على رؤوس ساكنيها.
الأربعاء 2024/08/14
تصدير “الثورة الإسلامية” بالقوة

أشار الكثير من المحللين الإستراتيجيين ومراكز البحوث والدراسات المستقبلية إلى أن الشرارة الأولى لاندلاع الحرب العالمية الثالثة قد بدأت فعلاً مع غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، ولكن عندما بدأ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني يتحول إلى حرب طاحنة (عام 2023) تدمر المدن وتقضي على آلاف الناس وتمارس كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية، وهي تتوسع يوما بعد آخر لتشمل لبنان وإيران وسوريا والمنطقة كلها، فإن البعض رأى أن العالم لا محالة أمام حرب كونية حقيقية!

بينما يؤكد البعض الآخر أن البداية الحقيقية للحرب العالمية الثالثة قد بدأت فعلا عندما غزت قوات صدام حسين دولة الكويت وضمها إلى العراق (1990) ومن ثم تصدي المجتمع الدولي لها في أكبر تحالف منذ الحرب العالمية الثانية ضم 34 دولة لطرد القوات الغازية، وسميت بحرب الخليج الثانية أو عاصفة الصحراء!

واستمرت تداعيات حرب الخليج على المنطقة، انتهت بغزو القوات الأميركية للعراق وإسقاط نظامه السياسي وتفكيك مؤسساته الأمنية والخدمية وإعادة تأسيسها من جديد على أساس ديمقراطي فيدرالي عام 2003، ومن ثم تسليم السلطة إلى الأحزاب والميليشيات الشيعية الموالية لإيران ضمن خطة إستراتيجية مقصودة ومعدة سلفا من قبل القوى الغربية لنشر القلاقل والفوضى العارمة في المنطقة، تماشيا مع إستراتيجية الفوضى الخلاقة الأميركية التي تبنتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عام 2005، وأوضحت معالم هذه الإستراتيجية في مقال نشرته في واشنطن بوست حول “كيفية انتقال الدول العربية والإسلامية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية”، وطبقا للفكرة فإن ذلك يتم من خلال إشاعة الحروب والصراعات الطائفية والعرقية والانقلابات العسكرية والشعبية ضد الأنظمة العربية والإسلامية بما يتناغم مع المصلحة القومية العليا لأميركا.

يبدو أن كل شيء يسير باتجاه المصير المحتوم، كل المؤشرات الأولية تدل على ذلك.. فأي مستقبل أسود ينتظر مناطق واسعة من العراق وسوريا

ولم تمض سنوات قليلة حتى اندلعت ثورات شعبية وعسكرية عارمة على طول البلدان العربية وعرضها سميت بثورات الربيع العربي عام 2011، الأمر الذي أدى إلى سقوط أنظمة حكم عربية كثيرة. والطامة الكبرى أن منطقة الشرق الأوسط تحولت إلى ساحة صراع وقتال حقيقية بين القوتين الراديكاليتين؛ القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة، ومحور المقاومة بزعامة وقيادة الجمهورية الإيرانية الإسلامية. ولكلا الطرفين مشروعه “الثوري” في المنطقة، الولايات المتحدة بمشروعها الإستراتيجي “الفوضى الخلاقة” لتغيير الأنظمة السياسية العربية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية “بالقوة”. والإيراني بتصدير الثورة “الإسلامية” التي لا تخمد أبدا إلى البلدان الإسلامية والعربية وتغيير أنظمتها “بالقوة” أيضا ومن خلال نشر الفوضى والقلاقل وبث التناحر الطائفي فيها.

وبين القوتين المتصارعتين تعيش شعوب المنطقة في حالة خوف وترقب دائم من التصعيد الخطير والمناوشات العسكرية والإعلامية المتبادلة التي تنم عن نية المواجهة المباشرة بين الطرفين، وهما بصدد المواجهة المباشرة وخروج زمام الأمور عن السيطرة واندلاع الحرب المباشرة في أي لحظة.

يبدو أن كل شيء يسير باتجاه المصير المحتوم، كل المؤشرات الأولية تدل على ذلك؛ هجوم تركيا الواسع على شمال العراق بحجة مطاردة حزب العمال الكردستاني، وإطلاق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لسراح أكثر من 1500 عنصر من العناصر الداعشية الإرهابية من سجونها، وهذا الإجراء يشكل خطرا جسيما على العراق والمنطقة بأسرها في قادم الأيام، فإذا ما أدركنا أن قوات هذا التنظيم الإرهابي استطاعت في عام 2014 أن تكتسح المدن العراقية (الموصل وديالى والدور وسامراء) وتحتلها بألفين من عناصرها، فإننا ندرك أي مستقبل أسود ينتظر مناطق واسعة من العراق وسوريا إذا ما هوجمت من قبل المفرج عنهم.

باعتقادي أن الحرب آتية لا محالة وهي مسألة وقت ليس إلا، وقد تتوسع لتشمل المنطقة العربية بأسرها، الكل يشترك فيها بشكل مباشر ودون استثناء وهم على أتم الجاهزية لإحراق المنطقة وتدميرها على رؤوس ساكنيها، أيديهم على الزناد ولم يبق غير الضغط عليه وإن صرحوا وادعوا بأنهم لا يريدون توسيع مساحة الحرب!

9