شاعر لبناني هاجسه المشي ولا يكترث بالوصول

شربل داغر في مجموعته الجديدة يتمرد على أشكال شعرية قديمة وعلى نفسه مجربا في أفق مغاير.
الخميس 2020/01/30
المشي حياة

ميلانو (إيطاليا) – يستهل الشاعر اللبناني شربل داغر مجموعته الشعرية الجديدة "عشها مثل أبد لا ينقضي" بفقرة للخليل بن أحمد الفراهيدي عن الشعراء، جاء في مطلعها “الشعراء أمراء الكلام، يصرفونه أنّى شاؤوا".

ومن خلال هذه الجملة يكون الشاعر شربل داغر، الذي كتب دراسات حول الشعر العربي الحديث، وقصيدة النثر؛ قد مهد لخوض تجربة جديدة، أكثر تمردا ربما، وهو يواصل مشروعه الشعري، متقدما من دون أن يلتفت إلى الخلف، هو الذي يسمي الأشياء، فتتبعه الأشياء، وهو الذي يمسك اللحظة الواحدة، إذ يضعها على طرف لسانه تتمدد وتتسع وتحول دون غيابه، هو المقامر المغامر الذي لا بوصلة له، ولا منفذ نجاة.

داغر يواصل مشروعه الشعري دون أن يلتفت
داغر يواصل مشروعه الشعري دون أن يلتفت

 وهنا نقرأ “للجندي قطعة معدنية، فيها رقمه، وأنا ما أفعل، وليس لي مثلها، فيما لا أتوانى عن الوقوع يوما تلو يوم،/ ولا أجد من يدلني على منفذ نجاة؟”.

هاجس الشاعر، هو المشي، البقاء على قيد الخطى، “لا أزال أجد في السير،/ وأرقص فيما أظنني أمشي”. بل هناك في الكتاب قصيدة بعنوان “لن أتوقف عن المشي” وأخرى “كانت، بينما كنت أمشي”، ولا يهم بعد ذلك هل من وصول، بالنسبة إلى الشاعر لأن في المشي حياة، وفي الحياة خفة، تجعل الشاعر شاعرا، لأنه كذلك يسهو ويمحو ويدق بنعومة على الكلمات، كما لو أن لها أبوابا.

يتمسك شربل داغر في كتابه الجديد، بهوائه المغاير، بقدرته على التمرد على نفسه أولا، ثم على ما كان جاهزا من قوالب تطوق اللغة والشعر، لتجعله حبيس أبنية إسمنتية تحول دون أن يتسرب هواء التغيير والتجدد بداخلها.

في قصائد داغر نلتقي بقصص وحالات نثرية تجلسنا من خلالها فيروز، وتبقينا أم كلثوم واقفين في حفلتها، فيما نحاول استدراك ما فاتنا من أغنيات نجاة الصغيرة، وإذ نمضي مع بول كلي في القيروان، فإننا كذلك نمشي خلف خطى كاندينسكي، ونحب في زمن الفيس، ونتحدث بألسنة “النت” المبتورة.

ونذكر أن “مجموعة عشها مثل أبد لا ينقضي”، صدرت في 144 صفحة من القطع المتوسط، ضمن سلسلة “براءات” التي تصدرها منشورات المتوسط بإيطاليا، منتصرة فيها للشعر والقصة القصيرة والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.

14