سوريا ترفع أسعار البنزين لمواجهة شح المحروقات

رفع الأسعار يفاقم معاناة السوريين الذين ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على البنزين المدعوم ويشكون من الغلاء في ظل تدهور الليرة.
الأربعاء 2021/03/17
الضعفاء يدفعون فاتورة فشل الحكومات

اضطرت الحكومة السورية إلى رفع أسعار البنزين إلى مستويات قياسية في ظل أزمة اقتصادية إضافة إلى شح المحروقات وهو ما تسبب في ازدحام جحافل من السيارات أمام محطات الوقود بالتزامن مع انهيار غير مسبوق للعملة الليرة ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق لأسعار مختلف المواد الاستهلاكية.

دمشق- رفعت الحكومة السورية سعر البنزين بأكثر من 50 في المئة وسط تفاقم أزمة شحّ المحروقات وانهيار اقتصادي متسارع يضرب البلاد، التي اعتادت خلال الأسابيع الماضية على مشهد الطوابير أمام محطات الوقود.

وهذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها الحكومة السورية سعر البنزين، في وقت تسجل الليرة السورية انهيارا متسارعا. وقد تخطى سعر الصرف في الفترة الأخيرة عتبة 4200 في مقابل الدولار في السوق السوداء، بينما سعر الصرف الرسمي المعتمد من المصرف المركزي يعادل 1256 ليرة في مقابل الدولار.

وتشهد سوريا، التي دخل النزاع فيها الأسبوع الحالي عامه الحادي عشر، أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها مؤخرا تدابير التصدي لوباء كوفيد – 19. كذلك زاد الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر بينهم رجال أعمال، أموالهم، الوضع سوءا في سوريا.

وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مساء الاثنين على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك أنها عدلت سعر ليتر البنزين الممتاز أوكتان 90 “للكميات المخصصة على البطاقة الإلكترونية، مدعوم وغير مدعوم”، إلى 750 ليرة سورية لليتر الواحد بعدما كان 475، أي بزيادة قدرها نحو 58 في المئة.

كذلك زادت سعر البنزين غير المدعوم إلى ألفي ليرة للتر الواحد بعدما كان 1300 ليرة، أي بزيادة نحو 54 في المئة تقريبا. وقررت الوزارة أيضا تحديد سعر أسطوانة الغاز المنزلي بحوالي 3850 ليرة سورية، مقارنة مع 2700 ليرة في السابق.

ومنذ بدء النزاع العام 2011، مُني قطاع النفط والغاز في سوريا بخسائر كبرى تقدّر بنحو 91.5 مليار دولار جراء المعارك وتراجع الإنتاج مع فقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى فضلا عن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية، وآخرها العقوبات التي أعلنت عنها بريطانيا الاثنين وطالت ستة مسؤولين سوريين.

تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها بسبب العقوبات الأميركية

وأعلنت وزارة النفط السورية الأسبوع الماضي أنه “نتيجة تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها بسبب العقوبات الأميركية”، عمدت إلى “تخفيض كميات البنزين الموزعة على المحافظات بنسبة 15 في المئة وكميات المازوت بنسبة 20 في المئة إلى حين وصول التوريدات الجديدة”.

وكانت لقانون العقوبات الأميركي المعروف باسم قيصر آثار مدمرة على الاقتصاد السوري، حيث تجلى ذلك في استهداف كل شخص أجنبي يتعامل مع الحكومة السورية وحتى الكيانات الروسية والإيرانية في سوريا، وشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز.

واستهدف القانون عددا من الصناعات التي تديرها سوريا، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة. كما فرضت الولايات المتحدة أخيرا جولة جديدة من العقوبات على سوريا، استهدفت البنك المركزي السوري وأدرجت العديد من الأشخاص والكيانات في القائمة السوداء لخنق الحكومة السورية.

ومع حدوث هذه الأزمات، استمرت الليرة السورية في التدهور وارتفعت أسعار جميع المواد بشكل كبير، علاوة على ذلك، حدث نقص حاد في الوقود، بالإضافة إلى أزمة تأمين القمح للخبز بسبب ارتفاع أسعار القمح المستورد.

ويفاقم رفع الأسعار معاناة السوريين الذين ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على البنزين المدعوم ويشكون من الغلاء وارتفاع الأسعار المتواصل. ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر وفق الأمم المتحدة، بينما تضاعفت أسعار السلع في أنحاء البلاد خلال العام الأخير. ويعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي.

وقال راني (37 عاما)، الذي يشتري مواد غذائية من المعامل ليوزعها على المحلات الصغيرة، لوكالة فرانس برس “اليوم بكل تأكيد سوف نضطر لزيادة أسعار منتجاتنا لتغطية زيادة سعر البنزين هذا الأمر سوف ينسحب على كل شيء”.

واضطرّ راني الأسبوع الماضي لشراء البنزين من السوق السوداء بسعر ألف ليرة لليتر الواحد، ويوضح “لا نستطيع الوقوف لساعات طويلة (أمام المحطات)، لذلك أفضل شراء البنزين على الانتظار”. ويضيف “لكن هنالك من لا يستطيع تحمل ثمنه (في السوق السوداء)، فيضطر للانتظار ساعات طويلة”.

وألحق هبوط الليرة الضرر بأنشطة الأعمال مع تردد الكثير من التجار وشركات التجارة في البيع أو الشراء، في بلد يلجأ فيه كثيرون إلى المدخرات الدولارية للحفاظ على أموالهم.

50 في المئة نسبة زيادة أسعار البنزين في سوريا في ظل شح المحروقات وانهيار العملة

وتنتقد أوساط اقتصادية تردد السلطات في التدخل لحماية احتياطياتها من النقد الأجنبي، مما زاد الضغوط على الليرة، في ظل تراجع حاد في التحويلات النقدية من الخارج، والتي تمثل مصدرا مهما للنقد الأجنبي، من عشرات الآلاف من السوريين المقيمين في دول متضررة من جائحة كوفيد – 19.

وبلغ متوسط الراتب الشهري للموظفين في القطاع العام في مناطق سيطرة الحكومة السورية مطلع العام 2021، حوالي عشرين دولارا وفق سعر الصرف في السوق السوداء. فيما بلغ متوسط راتب الموظفين في القطاع الخاص حوالي خمسين دولارا. وقدرت قيمة كلفة السلة الغذائية الأساسية لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد لمدة شهر، بحوالي 136 دولارا وفق سعر الصرف في السوق السوداء.

11