سلطنة عُمان توسع مظلة دعمها لبرنامج توطين الوظائف

مسقط – وسّعت الحكومة العمانية آفاق مواجهة تحدي البطالة، في ظل حزم الدعم التي تقدمها في كافة القطاعات ضمن برنامج تنويع الاقتصاد في إطار برنامج متكامل لإدخال تعديلات عميقة على سوق العمل من أجل ملاءمته مع الإصلاحات الاقتصادية.

وتستهدف وزارة العمل في خططها الجديدة توطين الوظائف في قطاعي الطاقة والتعدين بهدف تطويع أضعف اقتصادات دول الخليج للاستجابة للتغيرات الاجتماعية وعلى رأسها تزايد أعداد الشباب العمانيين الباحثين عن عمل.

ووقّعت وزارة العمل الأربعاء اتفاقية تدريبية مقرونة بالتشغيل مع الجمعية العُمانية للخدمات النفطية (أوبال) لتدريب عدد من الباحثين عن عمل وتأهيلهم وتشغيلهم في قطاعي الطاقة والمعادن وغيرهما من القطاعات وفق احتياجات سوق العمل.

وتأتي هذه الاتفاقية في إطار خطة السلطنة الشاملة لتوفير فرص عمل للعمانيين في ظل ظروف المرحلة الراهنة المتعلقة بتداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي أفرزت انكماشا في أسواق العمل، إضافة إلى التأثيرات الناتجة عن الجائحة.

وبموجب الاتفاقية، ستُشرف الجمعية العُمانية للخدمات النفطية على تدريب وتأهيل ممن توفر فيهم المؤهلات في تلك القطاعات بعد أن يتم اختيارهم وفق الشروط والضوابط المحددة. وتنصّ الاتفاقية على قيام الطرفين بتنفيذ وإعداد استراتيجيات وخطط التدريب التي تكفل جاهزية القوى العاملة العمانية ليتم تشغيلهم في مجالات الطاقة والمعادن والقطاعات المختلفة، وحصر المهن التي يمكن شغلها من قبل الباحثين عن عمل وتحديد المهارات والمؤهلات المطلوبة لشغلها والتعاقد مع المعاهد التدريبية المرخصة.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى عبدالرحمن بن حميد اليحيائي الرئيس التنفيذي للجمعية قوله إن “الاتفاقية تهدف إلى إيجاد برامج تدريبية وبرامج المهارات المهنية والخبرات المطلوبة للباحثين عن وظائف بما يكفل استمرارية القوى العاملة الوطنية في العمل وتحقيق تطلعاتهم المهنية والعملية وذلك بالتعاون مع وزارة العمل”.

ويُعتبر توفير فرص عمل للمواطنين ضمن الأولويات الحكومية التي تنسجم مع رؤية “عُمان 2040”، لتعزيز دور الكوادر المحلية في التنمية الشاملة وضرورة تدريبها وتنمية قدراتها وتمكينها في سوق العمل. ومعدل البطالة في عُمان الأعلى بين جيرانها، فأرقام دائرة الإحصاء العامة تشير إلى أنها تبلغ نحو 23 في المئة ويشكل الخريجون 8 في المئة من مجموع العاطلين.

عبدالرحمن اليحيائي: برامج التدريب تكفل استمرارية الشباب في العمل بالطاقة والتعدين

وكانت وزارة العمل قد أطلقت في يوليو الماضي بالتعاون مع جهاز الاستثمار العماني مبادرة لتوفير قرابة خمسة آلاف فرصة وظيفية وتدريبية في مجموعة من الشركات المملوكة له، مما يدعم سياسة الحكومة في تنفيذ خطوات “التعمين”.

وقامت شركات تابعة للجهاز بالإعلان عن فرص وظيفية وتدريبية وآلية التسجيل فيها مؤخرا، بينما سيقوم البعض الآخر بالإعلان عن ذلك لاحقا عبر منصاتها الخاصة؛ وفقا لخطة المبادرة المعدّة بالتنسيق مع وزارة العمل.

وشرعت مسقط خلال الأشهر الأخيرة في تسريع عملية توطين الوظائف خاصة بعد احتجاجات نادرة على التوظيف في مايو الماضي، عبر سلسلة من الإجراءات والقرارات المشجّعة على توظيف العمانيين بدل الوافدين، الذين بلغت نسبتهم وفق إحصائيات سنة 2020 أكثر من 41 في المئة من إجمالي سكان البلد الخليجي.

وكانت الحكومة قد أعلنت في يناير الماضي استثناء المقيمين الأجانب من عدة قطاعات ومهن، لتصبح حكرا على العمانيين في البلد الساعي إلى تنفيذ حزمة من الإصلاحات يطال كثير منها الاقتصاد سعيا لتنشيطه والرفع من إنتاجيته.

ويقول خبراء إن تتالي القرارات الهادفة لإدخال تغييرات عميقة على سوق عمل اعتاد على استقدام عمالة رخيصة هو بمثابة استثمار مهم للأزمة الاقتصادية عبر تسريع تنفيذ الحلول لمعظم الملفّات العالقة منذ سنوات والدفع بإصلاحات طال انتظارها.

وتؤكّد الخطوات المتّخذة منذ تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في مجال توطين الوظائف أن مسقط اختارت الحسم لهذا الملف الحساس، لاسيما وأنّ الظروف الاقتصادية والمالية للبلد الخليجي لم تعد تسمح باستقبال المزيد من العمال الأجانب وتشغيلهم.