سجال بين نقابات المربين والصحة يثير مخاوف من صراع قطاعات في تونس

أوساط سياسية تحمل الحكومة التونسية مسؤولية أزمة اللقاحات والتوتر الحاصل بين نقابات التعليم والصحة لأنها فتحت الباب أمام الاستثناءات والتجاوزات.
الثلاثاء 2021/05/25
اللقاحات تفجر صراعا جديدا بين القطاعات

تونس- أعاد سجال بين نقابات التعليم والصحة في تونس المخاوف من صراع قطاعات حقيقي رغم تدخل الأمين العام لاتحاد الشغل، المركزية النقابية في البلاد، للتخفيف من حدة الأزمة بين الطرفين.

وأعلنت الجامعة العامة للصحة ونقابة أطباء الصحة العمومية وأطباء الأسنان رفضهما تطبيق منشور صادر عن وزيري الصحة والتربية ينص على تقديم التلقيح للكوادر التربوية بداية من الاثنين 24 مايو 2021.

وأعربت جامعة الصحة ونقابة الأطباء في بيان مشترك صادر عنهما عن رفضهما العمل خارج المنظومة الوطنية المعتمدة لتلقيح كافة التونسيين على حد سواء معتبرين أن ”هناك ارتباكا وارتجالا في فتح مراكز التلقيح وعدم جدية في التعامل مع حاملي الأمراض المزمنة وفي احترام تمتعهم بالأولوية”، موضحتين أنها “يجب أن تخضع هي الأخرى لتقييم منظومة التلقيح”.

هشام الحاجي: الحكومة تتحمل المسؤولية لأنها ضربت منظومة التلقيح

وشددتا على أن مجرد الاستظهار بالتسجيل المسبق لا يمنح الحق في الانتفاع بالتلقيح ما لم ترد إرسالية “الدعوة أو الموعد” المعمول بها لكافة التونسيين.

ودعت الجامعة والنقابة كافة الكوادر الطبية وشبه الطبية إلى عدم الالتحاق بالمراكز المحدثة خارج المنظومة الصحية حتى لا يقع المس بجوهر الحق في الصحة للجميع والمساواة بين كافة المواطنين في تلقي الخدمة الصحية مثلما هو الشأن بالنسبة إلى العاملين في قطاع الصحة.

كما دعتا الحكومة والوزارة إلى التعجيل باستكمال تلقيح العاملين في قطاع الصحة وتحمل مسؤوليتها والإحاطة بهم وتحسين ظروف عملهم.

وبعد أن أثار البيان جدلا واسعا في الأوساط التونسية التي تخوفت من تكرار السجالات بين بعض القطاعات الحساسة في البلاد على غرار المحامين والأمن والصحة والتعليم، دخل أمين عام اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي على خط الأزمة.

وانتظمت الاثنين جلسة جمعت نقابات المربين والتعليم بإشراف من الطبوبي حيث تم الاتفاق على بدء تلقيح المربين الثلاثاء.

وشددت الأطراف المجتمعة على “ضرورة إحكام التنسيق بين وزارة الصحة ونقابات العاملين في قطاع الصحة في كل ما يتصل بالحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد – 19 من تخطيط وتنفيذ وتقييم ومتابعة إلى جانب تفعيل منظومة التلقيح تأمينا لمبدأ الإنصاف أمام الحق في الصحة”.

وطالبت النقابات بتسريع استكمال حملة التلقيح للعاملين في قطاع الصحة ضد كورونا ودعم قطاع الصحة العمومية بتحفيز كافة العاملين فيه والإحاطة بهم والاستجابة لمطالبهم المنتصرة لمرفق صحي عمومي قادر على رفع التحديات التي تطرحها الجائحة فضلا عن تسريع عملية الانتدابات للكادر الطبي وشبه الطبي لتوفير الاحتياجات المتزايدة من الموارد البشرية لإدارة المرفق الصحي.

محمد صالح العبيدي: الخلافات بين القطاعات تُنذر بخطر حقيقي

ودعت إلى “ربط كل عملية إحداث لمراكز تلقيح جديدة ضد كوفيد – 19 بالتنسيق المحكم مع الإدارات الجهوية للصحة التي تسهر على احترام الاشتراطات العلمية الضامنة لنجاح عملية التلقيح والقطع مع إحداث مراكز تلقيح دون الأخذ في الاعتبار طاقة الموارد البشرية المستنزفة وربط أي إحداث مستقبلي بانتداب الموارد البشرية الكافية لتسييره”.

لكن هذا البيان لا يبدد مخاوف المراقبين من نشوب خلافات في كل مرة بين قطاعين مختلفين في تونس.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إن “مثل هذه الخلافات وإن بدت للبعض عادية فإنها تنذر بخطر حقيقي خاصة أنها تتصاعد. قبل أشهر رأينا خلافات مماثلة لكن بين المحامين والأمنيين واليوم بين الأطباء والمدرسين”.

وأضاف لـ”العرب” أنه “للأسف لا يوجد امتثال لقرارات الحكومة، هذه الخلافات تعطي انطباعا بأن الدولة بصدد التفكك، هذه المرة تدخل الأمين العام لاتحاد الشغل وهدأ الوضع، في المرة القادمة قد يتصاعد الخلاف ويؤدي ذلك إلى نتائج غير متوقعة لأن أخطر صراع هو صراع القطاعات، لأن كل طرف له ولاء تام لقطاعه وزملائه”.

في المقابل تُحمل أوساط أخرى الحكومة التونسية برئاسة هشام المشيشي مسؤولية هذه الأزمة خاصة بعد الاضطرابات التي عرفتها حملة التطعيم سواء بسبب الإضراب الذي شنه العاملون في الصحة أو الاستثناءات التي أقرتها الحكومة على تلك الحملة.

وقال المحلل السياسي هشام الحاجي إن “الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية التوتر الحاصل لأنها فتحت الباب أمام الاستثناءات والتجاوزات وضربت منظومة التلقيح التي وقع القبول بها رغم نقائصها من الناحية التقنية، هذه المنظومة ضُربت في العمق”.

واستدرك الحاجي في تصريح لـ”العرب”، “لكن الوحدة الظاهرية للنقابيين لا تخفي دائما وجود علامات تمييز لا شعورية بين المهن وبين الرتب والقطاعات، وحين نضيف إلى ذلك غياب مقومات المشروع الوطني القائمة على التجميع سواء داخل المجتمع أو داخل المنظمة النقابية التي بالغت في المطلبية وأصبحت في مستوى القيادة مهتمة بإدارة التجاذبات حول مستقبل المنظمة وحول وضعية قيادييها”.

4