ستون عاما على ميلاد السنافر

معرض باريسي يستعيد تاريخ السنافر أشهر الشخصيات الكرتونية في العالم بمناسبة الذكرى الستين على ولادتهم.
الأحد 2018/08/05
عوالم المرح والسنفرة

باريس –اتهمهم البعض بأنهم مجرد تمثيل لدكتاتوريّة شيوعيّة عنصريّة، يعيش فيها الجميع تحت إمرة رجل عجوز، يتحكم بالموارد، ويجهّل من يخضعون له. كما أن اسمهم تحول إلى فعل للدلالة على غسيل الأموال.

 واستخدم أيضا أثناء حملة قرصنة إلكترونيّة عالميّة، هذه الأشكال الثقافيّة المحتفلة، جعلت السنافر من أشهر الرسوم المتحركة عالميا، إذ أصدرت الحكومة البلجيكيّة عملة معدنيّة بقيمة 5 يورو احتفالا بذكراهم الخمسين، وكأن هذه الكائنات الصغيرة الزرقاء، جزء من الثقافة الشعبية في كل أنحاء العالم، فاسمهم حاضر على ألسنة الكبار والصغار على حدّ السواء.

يقيم مركز والوني-بروكسل في العاصمة الفرنسيّة باريس، معرضا استرجاعيا للسنافر بمناسبة الذكرى الستين على ولادتهم، إذ يُضيء على تجربة الفنان البلجيكي بيير كويفورد أو بيو(-Peyo 1928-1992)، والد السنافر ومؤسس عوالمهم المختلفة، والذي أصدر أول مجلة مصورة للسنافر عام 1958، ليتحولوا بعدها إلى ظاهرة عالميّة، وخصوصا بعد أن قام استوديو هانا باربرا الأميركيّ  بتحويل السنافر إلى مسلسل كرتونيّ في الثمانينات.

 المميز أن المعرض يركز على بيو نفسه، وتطور تجربته الفنيّة وتعاطيه مع السنافر في المراحل المختلفة من حياته، وكأننا في رحلة إبداعيّة داخل مسودات وتخطيطات مُبدع أكثر شخصيات الكرتون شهرة في العالم.

تعلم بيو فن القصص المصورة لوحده بعد أن ترك المدرسة بعمر الـ15 عاما مهاجرا مع أسرته إلى فرنسا بسبب الاحتلال النازيّ، وكانت قدوته حينها كل من والت ديزني وهيرجي صاحب شخصية تان تان الشهيرة. وفي المعرض نشاهد أول رسومه المصورة، ومحاولاته دخول عوالم القصص المصورة بعد الحرب، إلى أن نشر شريطه المصوّر الأول بعنوان “أرجل ناعمة” عام 1946.

أول ظهور للسنافر عام 1958
أول ظهور للسنافر عام 1958

 وتمكن عام 1952 من العمل في مجلة سبيرو الشهيرة، لينشر فيها سلسلة جون وبيرلويت، والتي ظهر السنافر للمرة الأولى في العدد التاسع منها، في قصة بعنوان “الناي ذو الفتحات الست”، حينها كان السنافر مسؤولين عن صناعة الناي السحري، إذ نشاهد أول تصميم للسنافر، والذي اختارت زوجة بيو التي كانت تلوّن رسوماته باللون الأزرق لهذه الكائنات، كونه لا يمثل مرجعية عرقيّة ولا يشوش ألوان الخلفيّة.

لكن من أين أتى الاسم؟ يقول بيو إنه كان في إجازة مع زوجته، وعلى طاولة العشاء طلب من صديقه الذي كان معهم أن يمرر له الملح، لكنه نسي كلمة الملح، وقال له “مرر لي… السنفور”، وبقيت هذه الكلمة عالقة في أذهان الحاضرين طوال العطلة، إلى حين استخدمها كاسم لكائناته الزرقاء لاحقا، والتي تكرر ظهورها عدة مرات كقصة فرعيّة، إلى أن نٌشر كتاب صغير منفرد لهم للمرة الأولى بعنوان “السنافر السود” عام  1959، كملحق لمجلة سبيرو، إثرها نال السنافر شهرة عالميّة، جعلتهم غواية للمنتجين لتحويل قصصهم إلى أفلام رسوم متحركة.

نتتبع في المعرض تحول السنافر إلى ظاهرة عالميّة، إثر الشهرة التي نالوها في الولايات المتحدة، وتحول قصصهم إلى مسلسل كرتونيّ للأطفال ثم سلسلة من الأفلام التي مازالت تنتج إلى الآن، إلى جانب الكم الهائل من المنتجات الثقافية المرتبطة بهم كالصور والألعاب والتماثيل والثياب، كما يتيح لنا المعرض مثلا تأمل الـ story board التي استخدمت في الأفلام الأولى، والتي تكشف عن حيوية أسلوب بيو، الذي يتميز بالوضوح والسلاسة السرديّة، كما نشاهد أيضا بداية ظهور الشخصيات الجديدة في السنافر، كقصة “السنفورة” المنشورة عام 1966، والتي تحكي عن المشكلات والفوضى التي حصلت بين السنافر بسبب ظهور السنفورة بينهم.

نلتقي في المعرض أيضا ابن بيو وابنته، اللذين عملا مع والدهما للحفاظ على تراث السنافر من جهة، واستمرار إنتاج حكايات جديدة من جهة أخرى، إلى جانب محاولتهما شرح الجوانب الجماليّة في تصميم السنافر الغرافيكي، وآليات التعبير المستخدمة، والتي تعتمد على تعابير الوجه، بسبب كبر حجم رأس السنافر، فكل حركة تقوم بها تعكس حسا وشعورا مختلفين، ما يجعلها مفهومة للصغار، ومغرية للكبار كون القصص تحاكي التغيرات الاجتماعية والسياسية المعاصرة.

14