"ستة أيام في الفلوجة".. العراقيون أهداف في لعبة فيديو

مغردون يرفضون نشر لعبة "ستة أيام في الفلوجة" ويعتبرون أن ارتكاب جرائم افتراضية يؤدي إلى تفاقم الصدمة المستمرة التي يعاني منها العراقيون.
الثلاثاء 2021/06/22
جرائم افتراضية تفاقم صدمة العراقيين

رفض واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق لطرح لعبة جديدة شبيهة ببجي تسمى “ستة أيام في الفلوجة” تحاكي معارك الأميركيين في الفلوجة في عام 2004، تحت شعار “دماء العراقيين ليست للتسلية”.

بغداد- تجدد الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي حول لعبة الفيديو “ستة أيام في الفلوجة” التي تحاكي حسب صانعيها معركة الفلوجة عام 2004 التي من المنتظر طرحها في الولايات المتحدة قريبا.

ويقول العراقيون إن لعبة الفيديو تستغل المأساة الحقيقية لحرب العراق للترفيه. وفي هذه اللعبة يمكن للاعب أن يعيش من جديد واحدة من أكثر المعارك دموية، التي خاضها الجيش الأميركي على الإطلاق. ووفقا للفيديو الدعائي للعبة، الذي أصدرته شركة “هاي واير جيمز” (Highwire Games)، الشركة المطورة للعبة، وشركة “فيكتشورا” (Victura) الشركة الناشرة للعبة، يقوم اللاعب بدور جندي تابع لقوات المشاة البحرية الأميركية، ويجد نفسه يدخل عُنوة ودون دعوة منازل العراقيين الأبرياء في محاولة لتطهير الفلوجة من المسلحين في معركة الفلوجة الثانية.

وفي المقطع الدعائي، ظهر في أحد المشاهد لاعب يقتحم غرفة مضاءة إضاءة خافتة لتنطلق منها صرخات عائلة عراقية مُسالِمة ترتجف أمام أحد أفراد مشاة البحرية المدجج بالسلاح. ولم ينجُ عدد لا حصر له من العراقيين من مثل هذه المداهمات، كما اعترفت قوات مشاة البحرية الأميركية السابقة.

وأورد البيان الصحافي للعبة أنه يسمح للاعب، في مهمة واحدة، “أن يقوم بدور أب عراقي أعزل يحاول إخراج عائلته من المدينة”. ومع ذلك، فإن ما لم يذكره هذا البيان يتمثل في أن قبل العملية، أُلقيت منشورات على الفلوجة تطلب مغادرة النساء والأطفال فقط. ونتيجة لذلك، مُنِع الرجال الذين كانوا يحاولون الهروب لأن الجيش “أصدر تعليماته للقوات الأميركية بإعادة جميع الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و55 عاما” لأنه “يعتقد أن العديد من رجال الفلوجة هم من مقاتلي الجماعات المسلحة”، وفقا لتقرير وكالة “أسوشييتد برس”.

ويُعد إغفال الأحداث التاريخية، الذي يرمي إلى جعل اللعبة مستساغة لدى الجمهور الغربي، أمرا ثابتا وواضحا في اللعبة. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ #6DaysInFallujah. وتقول الناشطة العراقية نور غازي:

ويذكر أن الهجوم على المدينة، المعروف أيضا باسم عملية فانتوم فيوري (Phantom Fury)، والذي وقع في أواخر عام 2004، يُعد وفق كثيرين “جريمة حرب”. وشاب معركة الفلوجة الثانية العنف المفرط والمآسي. وكانت المعركة مشينة نظرا لاستِخدام القوات الأميركية الفوسفور الأبيض فيها، وهو مادة كيميائية تحترق فورا عند ملامستها للهواء وتحرق اللحم حتى العظام.

وأدَّت معركة الفلوجة الثانية إلى مقتل ما يقدر بنحو 800 مدني عراقي وما يقرب من 100 من أفراد الجيش الأميركي والبريطاني.

ويقول معلقون إن “ارتكاب جرائم افتراضية يؤدي إلى تفاقم الصدمة المستمرة التي يعاني منها العراقيون في جميع أنحاء العالم. ولا ينبغي على الإطلاق نشر هذه اللعبة”.

ويضيف أحمد تويج، محلل مستقل لشؤون الشرق الأوسط ومستشار للمنظمة العراقية غير الحكومية “سند لبناء السلام”، في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن استغلال مآسي العراقيين في لعبة فيديو للترفيه في الغرب أمر مستهجن من الناحية الأخلاقية.

ويذكر أن الناشر الأول لِلعبة “ستة أيام في الفلوجة”، وهي شركة “كونامي” اليابانية، أدركت العيوب المتأصلة في اللعبة وأوقفت الإنتاج منذ أكثر من عقد من الزمان بعد انتقادات واسعة النطاق من قدامى المحاربين في حرب العراق والسياسيين ومحبي ألعاب الفيديو. لكن بيتر تامت، العقل المدبر للعبة، لم يتخل عن الفكرة أبدا. والآن حوَّل المطورون الجدد، بقيادة تامت، هذه الحقبة من التاريخ إلى محاكاة، بهدف تبييض الغزو الأميركي. وأجرى مطورو اللعبة مقابلات مع 26 مدنيا عراقيا فقط.

أكثر من 20 ألف شخص، معظمهم من العراقيين، وقعوا عريضة على موقع "تشينج.أورغ" تطالب بإلغاء اللعبة

ووقَّع أكثر من 20 ألف شخص، معظمهم من العراقيين، على عريضة على موقع “تشينج.أورغ” تطالب بإلغاء اللعبة. وقالت المخرجة والمنتجة العراقية هلا السلمان التي شاركت في إطلاق العريضة إن لعبة الفيديو تأتي بعد سنوات من ظهور ألعاب إلكترونية “تدعو لقتل العراقيين وقصف العراق وتصدر من الولايات المتحدة”.

وأكدت أن من أهم الدوافع للاحتجاج على اللعبة أن الشخصيات فيها “جنود أميركيون أبطال”، وأن “العراقيين الموجودين هم عبارة عن أشياء يجب تجاوزها، أو قتلها واستهدافها للحصول على نقاط إضافية أو الانتقال إلى مستوى آخر من اللعبة”.

وأضافت السلمان أنها تتمنى أن تصل هذه المسألة للحكومة العراقية، وأن يكون هناك وعي، ولكن الدولة لديها مشاكل أكبر من هذا الموضوع وهي ليست ضمن مسؤوليتها في المقام الأول حسب وصفها. وروّج مغردون على نطاق واسع للعريضة.  وكتب حساب في هذا السياق:

Maysam Alrawi@

“لعبة 6 أيام في الفلوجة” لعبة تروج للقتل الجماعي للعراقيين على يد القوات الأميركية، صارت حملة كبيرة ضد هاي اللعبة لأنها تحرض على العنصرية ضد العراقيين ومسيئة ومهينة للمواطنين الي راحوا ضحية الحرب الغير شرعية على العراق. هدف الحملة: 1- منع انطلاق اللعبة. 2- إنهاء تسليع الموت العراقي والتقليل من شأنه في وسائل الإعلام والسينما. ساعدونا بالحملة ووقعوا ويانه.

ويذكر أنه قبل المعركة، كان بعض الجنود الأميركيين يلعبون ألعاب الفيديو التي يقومون فيها بدور القناص لإثارة أنفسهم والاستعداد للحرب. وعلى غرار لعبة الفيديو إلى حد كبير، تحوَّل قتل العراقيين بعد ذلك إلى إحراز أهداف عن طريق الجنود أنفسهم، وخاصة القنَّاصة الذين يفتخرون بعدد “القتلى المؤكَّد”. وقالت صفحة على فيسبوك:

واختار عراقيون تذكر أبطال الفلوجة. وكتب مغرد:

ويتفق العراقيون على أن اللعبة، والتي صمِّمت لتقديم محاكاة للصراع، تطمس الخط الفاصل بين ما هو افتراضي وما هو حقيقي، خاصة أن الحرب الحديثة تدار بسهولة وتشبه الألعاب من خلال برامج الطائرات من دون طيار.

19