زيارة البابا.. فسحة للفرح بين متوالية أحزان المسيحيين في العراق

ترقب في العراق للزيارة غير المسبوقة للبابا فرنسيس وتعطي الأمل للمسيحيين في لفت الانتباه إلى قضاياهم.
الخميس 2020/12/10
زيارة استثنائية منتظرة

كرمليس (العراق) - جاء إعلان بابا الفاتيكان مؤخّرا عن قراره القيام بزيارة إلى العراق في شهر مارس القادم بمثابة خبر استثنائي في إيجابيته، قياسا بما هو معهود في العراق من أخبار سلبية متواترة، في بلد ما يزال يعاني من عدم استقرار أمني وأزمة اقتصادية حادّة، وأخرى صحية ناجمة عن جائحة كورونا.

وفي القداس الصباحي الذي يقام يوميا في بلدة كرمليس قرب مدينة الموصل، كانت الأجواء توحي بالفرح وترقب الزيارة غير المسبوقة للبابا فرنسيس إلى العراق.

وقالت أديبة حنا (45 عاما) عقب القداس في الكنيسة الكلدانية “كلنا فرحون.. كنا ننتظر هذه الزيارة منذ وقت طويل”. وأضافت “كلما كان يزور بلدا نتساءل لماذا لا يأتي إلى العراق، ألا يوجد مسيحيون هنا؟”. واعتبرت أن الزيارة “أروع خطوة” يمكن أن يقدم عليها البابا.

وأعلن الفاتيكان الاثنين، أن الحبر الأعظم البالغ 83 عاما سيقوم بأول زيارة بابوية على الإطلاق إلى العراق تشمل محطات في بغداد ومنطقة أور في جنوب البلاد ومحافظة نينوى في شمالها.

وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على سهل نينوى وأجزاء واسعة من العراق عام 2014، ما أدى إلى نزوح الملايين من الأشخاص وبينهم مئات الآلاف من المسيحيين هربا من ممارسات التنظيم المتطرف الوحشية.

وبعد هزيمة التنظيم، بدأ المسيحيون في العودة تدريجيا إلى مناطقهم، ومن بينها بلدة كرمليس التاريخية التي تبعد 28 كلم شرق مدينة الموصل.

وعادت نحو 400 عائلة إلى البلدة، أي حوالى نصف عددها السابق، في حين لايزال الآخرون مترددين بسبب تردي الخدمات العامة والتوتر بين جماعات مسلحة تابعة للدولة تسيطر على مناطق مجاورة.

وقال كاهن كنيسة مار أداي الرسول ثابت حبيب يوسف بعد القداس، إنه يأمل أن “تثير الزيارة الكثير من القضايا العالقة التي تقف بوجه عودة النازحين والمهجرين المسيحيين، ومنع التغيير الديموغرافي والحفاظ على هوية مناطقنا، ومباشرة الإعمار الجاد”.

وتابع “بدأ العد التنازلي لموعد الزيارة” التي ينتظر أن “تساهم في لفت انتباه العالم إلى العراق ودعمه”.

انتظار الانفراجة
انتظار الانفراجة

وكان عدد المسيحيين في العراق أكثر من مليون ونصف المليون، لكن النزاعات المتتالية والاستهداف الذي تعرضوا له في مراحل عدة، أدت إلى تراجع عددهم إلى 400 ألف، وفق التقديرات.

ودفع الاقتتال الطائفي عقب الغزو الأميركي عام 2003 العديد من المسيحيين إلى مغادرة البلاد، ثم تفاقمت هجرة الأقليات بصفة عامة مع بدء هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

وعبّر مدير مدرسة البلدة زهير منصور (50 عاما) بدوره، عن أمله في أن تساعد زيارة البابا فرنسيس في تعافي العراق.

وقال خارج الكنيسة التي تمّ ترميمها عقب استعادة كرمليس من التنظيم المتطرف عام 2016، إنه يتطلع لأن تكون الزيارة “خطوة أولى لبناء سلام في هذا الوطن الجريح”.

ووجه الرئيس العراقي برهم صالح عام 2019 دعوة رسمية إلى البابا لزيارة البلاد، لكن هذا الأخير علّق جميع تنقلاته في يونيو الماضي بسبب تفشي وباء كورونا.

وستكون هذه أول زيارة خارجية للبابا منذ بدء تفشي الفايروس في إيطاليا. ورأى بطريرك الكلدان الكاثوليك، لويس ساكو، أن العراق يمثل وجهة مثالية.

وقال ساكو لوكالة فرانس برس في بغداد، إن البلاد تمر بـ”وقت استثنائي، وفي مثل هذا الوقت يجب أن يكون الأب بين أبنائه”. ورغم أن أغلب مناطق العراق أصبحت خالية من النزاعات المسلحة، لكن البلاد تواجه أسوأ أزمة مالية منذ عقود.

وأضاف ساكو “نحن كعراقيين وشرقيين بحاجة لأن نسمع صوتا آخر غير صوت البارود. يجب أن نسمع صوت تسامح”.

Thumbnail
Thumbnail
3