زوكربيرغ يعول على "ميتافيرس" للسيطرة على سوق التكنولوجيا

ميتا تتوقع جذب مليار مستخدم لتقنيتها الجديدة في غضون 10 سنوات.
السبت 2021/10/30
نحن نقدم لكم أقصر الطرق إلى المستقبل وأسرعها

يكشف إصرار مؤسس فيسبوك للاستثمار بكثافة في “ميتافيرس”، والتي كانت الدافع الأساسي لتغيير اسم عملاق وادي السيليكون، عن مخططاته المستقبلية والتي يرى خبراء القطاع أنها تشكل خطوة نوعية نحو إحكام سيطرة الشركة على سوق التكنولوجيا خلال السنوات المقبلة رغم الانتقادات التي تتعرض لها بسبب سياساتها المثيرة للجدل.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) – ينظر مارك زوكربيرغ إلى تقنية “ميتافيرس” على أنها مستقبل الإنترنت وفيسبوك معا، فهي بمثابة عالم مواز يمكن للمستخدمين ولوجه عن طريق التكنولوجيا أي باعتماد نظارات الواقع المعزز أو خوذات الواقع الافتراضي.

وفي ظل تخبط فيسبوك في أزمة وُصفت بأنها الأسوأ منذ إنشائها سنة 2004 بعدما سربت المهندسة السابقة بالشبكة العملاقة فرانسيس هوغن وثائق داخلية حساسة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، لا يبدو أن الملياردير الأميركي يعير أي اهتمام لذلك من أجل تحقيق طموحاته بأن تسيطر شركته يوما ما على سوق التكنولوجيا.

وقال مؤسس الشبكة الاجتماعية العملاقة الخميس عندما أعلن عن الهوية الجديدة لشركته “نأمل أن نتمكن بحلول نهاية العقد الحالي من مساعدة مليار شخص على استخدام ميتافيرس وتحقيق إيرادات بمئات المليارات من الدولارات للمتاجر الإلكترونية وتوفير الملايين من الوظائف للمبتكرين والمطوّرين”.

وتأتي الخطوة بعد يومين من إعلان الشركة تحقيق أرباح صافية بلغت 9.2 مليار دولار خلال الربع الثالث، بزيادة 17 في المئة مقارنة مع العام الماضي، وهو نبأ سار نادر تتلقاه المجموعة الأميركية العملاقة التي تواجه إحدى أسوأ الفضائح في تاريخها.

لكن حتى الساعة، يبدو أن إيراداتها “جيدة بالقدر المتوقع”، فمن يوليو إلى سبتمبر الماضيين حققت فيسبوك رقم أعمال بلغ 29 مليار دولار أي بارتفاع 35 في المئة خلال عام.

ويمزج عالم ميتافيرس الموازي الذي يروّج له زوكربيرغ واستوحى منه التسمية الجديدة “ميتا”، بين خيال علمي وواقع يُترجم ببطء على الأرض رغم الانتقادات والمخاوف إلا أن المسار التقني لا يزال طويلا.

وقال رئيس فيسبوك “ستكون هناك طرق جديدة للتفاعل مع الأجهزة التي ستصبح سلسة أكثر بكثير من الطباعة على لوحة مفاتيح أو النقر على زر. ستقومون بحركات أو تقولون بضع كلمات. ويكفي حتى التفكير بحركة ما لكي تصبح واقعا”.

وأعلن الملياردير الأميركي تغيير اسم شركته إلى “ميتا”، وهي كلمة يونانية تعني “ما بعد” وتحيل أيضا إلى ميتافيرس، العالم الموازي الذي يرى فيه زوكربيرغ مستقبل الإنترنت.

وهذا التغيير في اسم الشركة الأم لن يطال أسماء الخدمات، التي تشغلها الشبكة تطبيقات فيسبوك وإنستغرام ومسنجر وواتساب، التي تستقطب يوميا 2.8 مليار مستخدم بزيادة 11 في المئة مقارنة مع العام الماضي.

لكنّ منتقدي فيسبوك يرون أنها تسعى بشتى الطرق لحرف الأنظار عن الفضائح الكثيرة التي يواجهها عملاق وادي السيليكون، من عدم بذل جهود كافية للتصدي للأخبار الكاذبة إلى استغلال موقعها المهيمن في سوق الإعلانات الرقمية.

شركة ستاتيستا: فيسبوك باعت 1.87 مليون خوذة "كويست 2" منذ إطلاقها في 2020
شركة ستاتيستا: فيسبوك باعت 1.87 مليون خوذة "كويست 2" منذ إطلاقها في 2020

وأبعد من كونه استراتيجية سياسية محتملة، يشمل عالم “ميتافيرس” أجهزة وأنماط حياة موجودة أصلا وتستخدمها قلة قليلة من الناس، مثل السيارات الذاتية القيادة.

ووفق الباحثين في شركة ستاتيستا، فإنه منذ إطلاقها قبل عام خوذة الواقع الافتراضي “كويست 2” من ماركة أوكولوس، التي اشترتها فيسبوك سنة 2014، بيع حوالي 1.87 مليون جهاز من هذا النوع حول العالم.

وفي هذه المرحلة، تُستخدم هذه الخوذات في الألعاب الانغماسية، مع أجهزة تحكم يدوي لمباريات التنس على سبيل المثال.

وكذلك بدأت فيسبوك تنشئ مساحات ابتكارية، بينها وورك رومز (غرف العمل) حيث يظهر المشاركون متحلقين حول طاولة مستديرة مع صور تشخيصية مكيفة تشبه شخصيات الرسوم المتحركة.

ورغم أن الطريق لا يزال طويلا أمام تعميم هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، أكد زوكربيرغ خلال العرض الذي قدمه من منزل افتراضي أن “عددا كبيرا من هذه التقنيات ستصبح شائعة في غضون 5 إلى 10 سنوات”. واستعرض أيضا الأدوات التقنية اللازمة لإنشاء هذا العالم الموازي.

ولن تقتصر مهمة التجهيزات والخوذ ونظارات الواقع المعزز على سبيل المثال على عرض صور بوضوحية فائقة على 360 درجة، لكن يجب أن تكون قادرة، من خلال أجهزة استشعار، على إعادة تكوين المظهر الجسدي لشخص ما، من الحبوب على الجلد إلى تعابير الوجه، بطريقة واقعية فائقة وفي الوقت الحقيقي.

وتعمل فيسبوك على تطوير خوذ مختلفة عن أوكولوس، تحمل اسم كامبريا ويُتوقع أن تكون مريحة أكثر ويمكن وضعها لفترات أطول، مع أداء تقني أكبر أيضا.

وقالت أنجيلا تشانغ مديرة أجهزة الواقع الافتراضي في ميتا “يمكن النظر إلى أعين الصور التجسيدية للأشخاص بطريقة طبيعية”. وأضافت “نحن نجمع سلسلة لواقط مع خوارزميات لإعادة تكوين العالم الحسّي مع عمق وآفاق”.

ولاعتماده على نطاق واسع، سيحتاج عالم ميتافيرس إلى نظام تشغيل مفتوح يتمكن المستخدمون فيه من الدفع في مقابل منتجات افتراضية ونقلها من عالم إلى آخر، من بينها الملابس على سبيل المثال.

وتسعى المجموعة العملاقة لدعم نشوء منظومة شركات ستستحدث برامج لهذا الشكل الجديد من الإنترنت.

وستكون هناك حاجة لحماية التبادلات والابتكارات غير المادية وقد يتم الاعتماد على تكنولوجيا سلسلة الكتل (بلوكتشين) التي أتاحت ظهور العملات الرقمية مثل البتكوين، وأيضا أن.أف.تي (الرموز غير القابلة للاستبدال) المستخدمة في توثيق أصالة المنتجات الرقمية.

وقال زوكربيرغ إن “أولويتنا ستكون ميتافيرس وليس فيسبوك وهذا يعني أنكم لن تعودوا بحاجة يوما ما إلى فيسبوك للدخول إلى باقي خدماتنا”.

10