زعيم داعش الجديد ضمن لائحة الإرهاب الأميركية

في الوقت الذي فتحت فيه الولايات المتحدة باب التفاوض مع تنظيم طالبان، تأسيسا لمرحلة جديدة، أعلنت الخارجية الأميركية الثلاثاء الماضي، إدراج زعيم تنظيم داعش الجديد أمير محمد عبدالرحمن المولى، على لائحة الإرهاب، في تزامن سمح بتأويلات تعتبر أن واشنطن تفاوض طالبان وتحاصر داعش، في مقاربة ذكّرت بالرهان الأميركي الخاسر على الإخوان زمن حكم باراك أوباما.
واشنطن - أدرجت الخارجية الأميركية، زعيم تنظيم داعش الجديد أمير محمد عبدالرحمن المولى، ضمن لائحة الإرهاب. جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب المتحدث باسم الوزارة، الثلاثاء، أوضح فيه أن المولى حل مكان الزعيم السابق للتنظيم أبي بكر البغدادي.
وكانت وسائل إعلام دولية قد ذكرت أن المولى الملقب بـ”أبوإبراهيم الهاشمي القرشي”، صنفته الخارجية الأميركية “إرهابيا عالميا”.
ولفت بيان الخارجية الأميركية إلى أن “المولى اعتلى الهرم في التنظيم الإرهابي بعد مقتل البغدادي، وأنه أعطى الإذن لارتكاب الكثير من الجرائم في المنطقة، وعلاوة عن إدارته العمليات الدولية للتنظيم”. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أعلن في الـ27 من أكتوبر الماضي، مقتل البغدادي في عملية خاصة نفذتها قوات بلاده، شمال غربي سوريا، بالتنسيق مع تركيا وروسيا والعراق.
وفي نوفمبر الماضي، خصصت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار للقبض على المولى من خلال برنامج “المكافآت من أجل العدالة”.
وفي تبريره لإدراج زعيم داعش الجديد على لائحة الإرهاب قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن “المولى كان نشطا في تنظيم داعش وقبلها في القاعدة في العراق، كما أنه قام بتعذيب أفراد من الأقلية الإيزيدية”، مضيفا “ما زلنا ملتزمين بهزيمة داعش المستمرة، بغض النظر عمّن يسمونه زعيمهم”.
ونتيجة لإدراج المولى على هذه اللائحة، يحظر على المواطنين الأميركان الدخول في أيّ عمليات مع المولى بشكل عام، كما يتم حظر ممتلكاته ومصالحه في الممتلكات الخاضعة للولاية القضائية الأميركية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر منح الدعم المادي أو الموارد أو محاولة منحها إلى تنظيم داعش جريمة، إذ أن هذا التنظيم مدرج على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
يأتي إدراج المولى على لائحة الإرهاب في توقيت عالمي موسوم بتضييق الخناق على تنظيم داعش في أكثر من دولة، وموسوم أيضا برهان أميركي على طالبان، من خلال تدشين مسار تفاوضي ييسر الانسحاب الأميركي من أفغانستان، ويمكّن من محاصرة بقية التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش.
في هذا الصدد أشار الجنرال كينيث ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية التي تشمل أفغانستان، خلال جلسة مساءلة في مجلس النواب الأميركي حول الأوضاع الميدانية بعد توقيع الاتفاق مع طالبان، إلى أن حركة طالبان برهنت على قدرتها على التصدي لتنظيم داعش الإرهابي بدعم أميركي “محدود”.
وأضاف ماكينزي “شهدنا في الأشهر الأخيرة، في غرب أفغانستان، احتواء طالبان تنظيم داعش الإرهابي وسحقه ميدانياً في ولاية ننغرهار، وقد فعلوا ذلك بفاعلية كبيرة”. وقال “لقد برهنوا على قدرتهم على ذلك. كان الأمر دموياً لكنهم فعلوها، لم يعد تنظيم داعش يسيطر على الميدان في ولاية ننغرهار”.
وكرر ماكينزي موقفه أن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من أفغانستان في غضون 14 شهراً يتوقّف على وفاء طالبان بالتزاماتها الأمنية.
ربط هذا الإجراء الأميركي الجديد، الذي يؤكد مختصون أنه سيتبع بإجراءات أخرى ضد تنظيم داعش، بما يحدث في منطقة غرب أفريقيا، وفي علاقة بفرع تنظيم القاعدة في غرب أفريقيا الذي عبّر عن استعداده للدخول في مفاوضات مع الحكومة المالية شرط انسحاب القوات الفرنسية، كما يوحي أولا بحجم الشرخ القائم بين التنظيمين الإرهابيين، داعش والقاعدة، ويشير كذلك إلى أن القوى الإقليمية والدولية، بدأت تراهن على الدخول من هذا الشرخ لإحداث تصدع في تنظيم داعش وما تبقى من فلوله.
لكن الرهان على تنظيم إرهابي لضرب آخر، يذكّر بالرهان الأميركي الذي ارتبط بالرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والقائم على الرهان على “إسلام معتدل” (تمثل وقتها في جماعة الإخوان المسلمين) لسحب البساط الفكري والسياسي من تحت بقية التنظيمات الإسلامية الأخرى، التي عدّت وقتها أكثر راديكالية من جماعة الإخوان.
وإذا ما كان التواصل الأميركي مع طالبان تواصلا تكتيكيا يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية مرحلية، ويختلف عمّا يحدث في غرب أفريقيا من حيث استعداد فرع القاعدة على فتح الحوار مع الحكومة المحلية، فإن التجارب الكثيرة السابقة في التعامل مع تنظيمات إرهابية والتعويل عليها من قبل قوى دولية كثيرة، وصلت كلها إلى فشل ذريع.