روسيا متهمة بعرقلة عمل اللجان الأممية لزيادة نفوذها في أفريقيا

موسكو - وجهت أوساط سياسية وحقوقية اتهامات لروسيا بعرقلة مهام اللجان الأممية في مناطق الصراع وخاصة أفريقيا، في الوقت الذي تسعى فيه لزيادة نفوذها هناك.
وذكر دبلوماسيون الأربعاء أن التحقيقات التي تجريها لجان عدة من الخبراء مكلفة بمراقبة الامتثال لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة والعقوبات الاقتصادية في مناطق الصراع بما فيها مالي، تعرقلها، وأحيانا لأشهر، روسيا.
وأوضح دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه لوسائل إعلامية أن “الروس يقولون إن ثمة نقصا في التنوع الجغرافي” داخل اللجان وأن لديها تحيزا للغرب.
وكشف دبلوماسيون أن روسيا غير راضية عن عدد الخبراء المعينين من دول غربية وتود تعيين المزيد من الروس في اللجان.
وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي لوكالة رويترز “علّقت روسيا بالفعل الموافقة على عدد من اللجان أو خبراء منفردين”. وأضاف “مازلنا للأسف نواجه وضعا يكون فيه التشكيل المقترح لمثل هذه اللجان غير متوازن من الناحية الجغرافية. لدينا هيمنة لممثلي الدول الغربية”.
وجميع اللجان التي تواجه عرقلة لعملها هي في طور تجديد أعضائها.
وعملية تكليف خبراء في اللجنة المعنية بجمهورية أفريقيا الوسطى متوقفة منذ الحادي والثلاثين من أغسطس. وانتهى تفويض اللجنة الخاصة بجمهورية الكونغو الديمقراطية في الأول من أغسطس.
وفي مالي سيكون على لجنة الخبراء تعليق عملها ابتداء من الخميس. أما بالنسبة إلى جنوب السودان، فلم ينفّذ أي عمل تحقيقي منذ الأول من يوليو.
وأدانت اللجنة المكلفة بالمراقبة في جمهورية أفريقيا الوسطى هذا العام “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” المنسوبة إلى عناصر مسلحة تابعة لمجموعة فاغنر الأمنية الروسية الخاصة.

دميتري بوليانسكي: التشكيل المقترح لمثل هذه اللجان غير متوازن من الناحية الجغرافية
ويعتقد أن هذه المجموعة مقربة من الكرملين وهي تجري محادثات مع حكومة مالي التي يسيطر عليها الجيش لإرسال عناصر إلى هناك.
وأكد دبلوماسيون أن روسيا منعت بعض الخبراء من تولي مراكزهم في اللجان التي تتكون من أقل من 10 خبراء يقدمون تقارير منتظمة عن انتهاكات العقوبات.
وقال دبلوماسي من دولة عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوسائل إعلامية “هناك العديد من الخبراء الأفارقة من بين هؤلاء”، رافضا ذريعة موسكو بأن اللجان منحازة للغرب.
وإلى أن تتم الموافقة على من اختارهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتفويض الجديد لهذه اللجان، لا يمكن للخبراء بدء العمل وستتعثر جهودهم لرصد انتهاك العقوبات.
وتأتي التعويقات الواضحة فيما تسعى موسكو لتعزيز نفوذها في أفريقيا، خصوصا في البلدان الناطقة بالفرنسية التي تعتبر حتى الآن في منطقة النفوذ الفرنسية بشكل مباشر.
وتعمل روسيا على توسيع نفوذها في أفريقيا وتنافس النفوذ الفرنسي التقليدي في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.
ولم تخف فرنسا انزعاجها مما يروّج عن اتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في مالي ومجموعة فاغنر الروسية، وهي الخطوة التي تظهر، وفق مراقبين، أن روسيا توظف أدواتها غير المعلنة للدخول على خط منافسة النفوذ الفرنسي المتراجع في أفريقيا.
وسيضيف دخول روسيا إلى مالي، ولو بشكل مقنّع، منافسا قويا لفرنسا التي دخلت السنوات الأخيرة في صراع مفتوح مع الولايات المتحدة حول مواقع النفوذ في أفريقيا.
وحذرت فرنسا الأربعاء مالي من أنها ستفقد “دعم المجتمع الدولي” وستتخلى عن “مقومات كاملة من سيادتها” إذا استعانت بمجموعة فاغنر الأمني الخاصة الروسية.
وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في مجلس الشيوخ “إذا دخلت مالي في شراكة مع مرتزقة، فستُعزل وستفقد دعم المجتمع الدولي الملتزم جدا (تجاهها) وستتخلى عن مقومات كاملة من سيادتها… وبدل أن تنوع شركاءها ستنغلق في علاقة ثنائية مع مجموعة من المرتزقة”.
وعناصر مجموعة فاغنر موجودون خصوصا في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى حيث يواجهون اتهامات بارتكاب انتهاكات. وكانت فرنسا حذرت باماكو من أن أي انخراط لهذه المجموعة لن يتماشى مع وجودها العسكري ووجود دول أخرى ومنظمات دولية في البلاد.
ونددت بارلي مرة جديدة بتصريحات رئيس الوزراء المالي شوغل كوكالا مايغا الذي اتهم فرنسا السبت بأنها “تخلّت” عن بلاده “في منتصف الطريق” بقرارها سحب قوة برخان، مبررا بذلك بحث بلاده عن “شركاء آخرين”، من بينهم “شركات خاصة روسية”.
وباشرت باريس في يونيو إعادة تنظيم وجودها العسكري في منطقة الساحل، لاسيما من خلال مغادرة القواعد الواقعة في أقصى شمال مالي (كيدال وتمبكتو وتيساليت) والتخطيط لتقليص العديد من قواتها في المنطقة بحلول عام 2023 ليتراوح بين 2500 و3 آلاف عنصر، مقابل أكثر من 5 آلاف حاليا.