رفض المعارضة للخطة الأفريقية يزيد المخاوف الأمنية في مالي

تجمع القوى القومية: توصيات المجموعة الأفريقية لا تأخذ في الاعتبار عمق الأزمة وخطورتها.
الأربعاء 2020/07/29
وضع مضطرب

يزيد رفض المعارضة المالية للخطة التي طرحتها المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا في قمتها الطارئة الاثنين وإصرارها على وجوب استقالة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا من حدة الأزمة في هذا البلد الذي يكافح تمدد الجماعات المتشددة على غرار دول الساحل الأفريقي ما يرفع المخاوف من تكرار سيناريو انقلاب العام 2012 الذي فسح المجال للجهاديين للسيطرة على شمال البلاد.

باماكو - بعد شهرين من التعبئة المناهضة للحكم والتي تثير قلق المجتمع الدولي، رفض الائتلاف الذي يقود الاحتجاجات في مالي الثلاثاء خطة تجاوز الأزمة التي طرحتها المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا مع إصراره على وجوب استقالة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا.

ووجّه الرؤساء الـ15 الأعضاء في المجموعة المذكورة، الاثنين بعد قمة طارئة عبر الفيديو، نداء من أجل “وحدة” الماليين وأصدروا “توصيات” للعودة إلى الحياة الطبيعية مهددين الأطراف المعنيين بالأزمة بعقوبات.

وأعرب هؤلاء عن خشيتهم من تكرار سيناريو 2012 حين أفسح انقلاب المجال لمجموعات جهادية للسيطرة على شمال البلاد. حتى أنها كادت توسع سيطرتها على مالي برمتها لولا تدخل عسكري دولي لا يزال مستمرا بمبادرة من فرنسا.

وتتواصل أعمال العنف الجهادية التي تضاف إلى نزاعات طائفية وعمليات عصابات، واتسعت في 2015 لتطاول وسط مالي وبوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.

وكثف أعضاء مجلس الأمن الدولي ضغوطهم عبر حض جميع الأطراف على “التزام هذه التوصيات من دون تأخير” معربين عن “قلقهم البالغ”.

لكن حركة الخامس من يونيو أو تجمع القوى القومية، وهو ائتلاف متنوع من المعارضين السياسيين والمسؤولين الدينيين وناشطي المجتمع المدني، جددت رفضها الثلاثاء خطة الخروج من الأزمة.

كاميسا كامارا: هدفنا تشكيل حكومة وحدة وطنية وتهدئة الأوضاع
كاميسا كامارا: هدفنا تشكيل حكومة وحدة وطنية وتهدئة الأوضاع

وقالت في بيان إنها “تبلغت بذهول ما صدر عن القمة الطارئة” للمجموعة الأفريقية “التي لا تزال تعزو الأزمة الاجتماعية والسياسية في مالي إلى مجرد خلاف انتخابي تخلل الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية” التي جرت بين مارس وأبريل.

ولاحظت الحركة “بأسف” أن توصيات المجموعة “لا تأخذ في الاعتبار عمق الأزمة وخطورتها”، معتبرة أنها “لا تنسجم البتة مع تطلعات الشعب المالي”.

وطالب الائتلاف المعارض الذي يعول على تحالفه مع الإمام النافذ محمود ديكو، الداعم السابق للرئيس  كيتا والذي تحول إلى خصمه الرئيسي، “أكثر من أي وقت باستقالة إبراهيم بوبكر كيتا ونظامه”.

وقال الطالب في جامعة باماكو يايا وتارا، الثلاثاء، إن “المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا لا يمكنها أن تفرض شيئا في مالي، وخصوصا معاقبة مسؤولي حركة الخامس من يونيو”.

وأضاف وتارا (27 عاما) “اعتقدنا أنهم ما عادوا نقابة للرؤساء، لكن المفاجأة كانت كبيرة حين تجاهلوا المشاكل الفعلية للماليين”.

وأوردت آوا ديالو، التي تدير مخبزا في باماكو، “يمكن تطبيق حلول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، شرط أن ينظم الرئيس كيتا حوارا مسبقا. نأمل السلام والهدوء في مالي. يجب أن يجري حوار الآن وهنا”.

وأكد الائتلاف المعارض الذي أعلن “هدنة” حتى ما بعد عيد الأضحى الذي يحل الجمعة، أن “الشعب المالي سيبقى مستنفرا وعازما على ممارسة حقه الدستوري في العصيان المدني”.

وتعود جذور الأزمة إلى أعوام من انعدام الاستقرار الأمني في وسط مالي وشمالها، أضيف إليها تراجع اقتصادي وتفش للفساد. وفي أبريل ألغت المحكمة الدستورية عددا من نتائج الانتخابات البرلمانية التي تأخر صدورها، ما منح حزب كيتا تقدما على منافسيه.

وفي العاشر من يوليو، تحولت ثالث أكبر تظاهرة ضد السلطة إلى ثلاثة أيام من المواجهات الدامية في باماكو، هي الأسوأ في العاصمة منذ 2012، أسفرت عما بين 11 و23 قتيلا.

وطالب قادة غرب أفريقيا، خلال قمتهم، بـ”استقالة فورية لـ31 نائبا” و”إعادة تشكيل المحكمة الدستورية سريعا” وتأليف “حكومة وحدة وطنية” مستبعدين رحيلا قسريا للرئيس كيتا.

و”شجعوا” الائتلاف المعارض على “المشاركة” في هذه الحكومة ضمن “روح وطنية”.

وتجاوبا مع ذلك، شكل كيتا مساء الاثنين حكومة مصغرة بهدف “التفاوض مع الأطراف” في شأن تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وأعلنت الأمينة العامة للرئاسة المالية كاميسا كامارا، خلال نشرة الأخبار المسائية للتلفزيون الرسمي “أو.آر.تي.أم”، “أن رئيس الجمهورية قرر تطبيقا للتوصيات التي أصدرها قادة دول ‘ايكواس’ في القمة الطارئة التي عقدت الاثنين تشكيل فريق وزراي مصغّر مهمّته التفاوض مع الفرقاء المعنيين، وذلك بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية والمساهمة في تهدئة الأوضاع”. وقالت كامارا إن “هذه الحكومة تتألف من الوزارات السيادية التالية: الدفاع، العدل، الأمن، الإدارة الإقليمية، والشؤون الخارجية، والاقتصاد والمالية”.

لكن المعارضة ترى أن قرارات المجموعة الأفريقية “تستند إلى تقديرات لن تحصل على الأرجح مثل الاستقالة النظرية لنواب” أو “التزام” تعيين محكمة دستورية جديدة.

وتعتبر أن هذه التدابير “تنتهك القوانين والدستور”، مشددة على وجوب أن تعاقب المجموعة الأفريقية الرئيس المالي على “إدارته السيئة” للأمور، منددة بـ”الحماية التي يبدو أن نظراءه يوفرونها له”. وبناء على اقتراح رئيس الحكومة الذي عيّن مجددا في منصبه في 11 يونيو بعد استقالة الحكومة إثر الانتخابات التشريعية، عيّن رئيس الدولة الجنرال إبراهيما داهيرو دمبيلي الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى القوات المسلحة والعضو في الحكومة السابقة، وزيرا للدفاع. وبقيت حقيبة الإدارة الإقليمية بيد أبوبكر ألفا باه.

وأوكلت وزارة الأمن والحماية المدنية للجنرال بيمبا موسى كيتا، الذي كان مكلفا بإصلاح قطاع الأمن. وعُيّن المحامي والسياسي كاسوم تابو وزيرا للعدل وحقوق الإنسان، فيما احتفظ وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة تييبيلي درامي بحقيبته الوزارية.

وعيّن المصرفي المتقاعد عبدالله دافي الذي يعد مقرّبا من شريف نيورو، معلّم القيادي في الحركة الاحتجاجية الإمام محمود ديكو، وزيرا للاقتصاد والمالية.

5