رسّام جزائري يجسد مآسي الهجرة السرية في كتاب قصص مصورة

الرسام سليم زروقي يقدم في كتابه رسوما كاريكاتيرية حول قضايا الهجرة السرية، كما يتطرق لعدة مواضيع إنسانية وسياسية حساسة.
الجمعة 2021/04/09
سليم زروقي: ما تفعله بعض الدول بالمهاجرين جريمة

تونس – “كيف تنجح في الهجرة غير القانونية”، عنوان صادم يحمله الكتاب الساخر لرسّام الكاريكاتير الجزائري سليم زروقي، لكن في تقدير المؤلف “ما يصدم أكثر هي مرارة الواقع”.

وانتقد زروقي بشدة في أعمال سابقة الأفكار المسبقة للمجتمعات المغاربية وكذلك العربية في مؤلف بعنوان “100” بلاد، كيف يمكن التخلص منا من أجل عالم أفضل”. وتناول فضلا عن ذلك في رسوماته، موضوع العلاقة بالدين والحب والعائلة بشكل مختلف وغريب.

وفي كتابه المصوّر الثاني، الصادر نهاية مارس المنقضي في فرنسا، يتطرق سليم زروقي، البالغ 43 عاما، بأسلوبه الساخر واللاذع إلى موضوع الهجرة غير القانونية، مستلهما رسوماته من أحداث واقعية.

ويقول زروقي “يُخيّل لبعض الناس أني نسجت قصصا قاسية، لكن المزج بين حس الفكاهة والحكايات الحقيقية يجعل الأمور بهذه الصورة القاتمة”.

ولمساعدة القرّاء على التمييز بين الواقع والرسوم الكاريكاتيرية التي ينجزها، أضاف الفنان في نهاية الكتاب رمز استجابة سريعة يحيلهم إلى المقالات الصحافية والشهادات التي اعتمد عليها في أعماله. ويحبس زروقي دمعته لدى استذكاره شهادات أدلت بها مهاجرات خلال مقابلات إذاعية معهن، ولا يفهم غياب رد الفعل تجاه الفظائع المرتكبة في ليبيا في حق المهاجرات.

ويقول الرسام “إنها مأساة آخذة في الاتساع، لكن كما يحصل مع كورونا، بات الأمر اعتياديا وأصبحت الوفيات أرقاما. يجب حصول صدمة”.

قصص تمزج بين حس الفكاهة والحكايات الحقيقية

منذ حادثة مقتل الطفل السوري آلان كردي الذي أثار العثور على جثته عند شواطئ تركيا في العام 2015 صدمة في العالم بأسره، لقي أكثر من 20 ألف شخص حتفهم خلال عبور المتوسط وفقا لاحصاءات الأمم المتحدة. كما أن آلافا آخرين من المهاجرين عاشوا في جحيم الأوضاع في ليبيا.

في منطقة “كل عائلة لديها أخ أو عمّ أو جار هاجر من دياره بصورة غير قانونية”، يرى زروقي أن “مهمته” تقتضي التطرق إلى أوجه هذه الرحلات اللاإنسانية إلى أوروبا.

ويظهر غلاف الكتاب عبثية الخيارات المعتمدة من الأوروبيين، إذ يصوّر مهاجرا يغرق بسبب عدم امتلاكه المال اللازم لشراء عوامات نجاة يموّلها الاتحاد الأوروبي.

ويرى الرسام الجزائري أن “أوروبيين كثيرين لا يصدقون أن السياسات المعتمدة من بلدانهم تفضي إلى حدوث آلام كبيرة”، في ظل مآس كثيرة تطول هؤلاء المهاجرين، من حالات اغتصاب وخطف وتعذيب وقتل وغيرها من جرائم وممارسات لا إنسانية.

وقد اعترض خفر السواحل الليبي، بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، الآلاف من المهاجرين بحرا وأرجعوهم إلى ليبيا، رغم تنديد الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية بظروف توقيفهم وطريقة معاملتهم.

ويعتبر زروقي أن تمويل أوروبا لوقف المهاجرين بهذه الطريقة ومعاملتهم بقسوة لا إنسانية يرقى إلى مرتبة جريمة، إذ إن القوى الأمنية الليبية تتشكل من مجموعات مسلحة لا تسيطر عليها الدولة بدرجة كبيرة، وبالتالي يشبه ذلك “إعطاء المال لميليشيات، هذا صادم”، وفق الرسام.

ويرسم زروقي في كتابه ما يشبه قادة أوروبيين يزورون سجنا في ليبيا “يجدون أنفسهم فاعلين بشكل مباشر في ما قاموا ببنائه”.

كما ينتقد الفنان بشدة ما يعتبره نفاقا من الدول المغاربية في هذه الأزمة، من خلال رسم يظهر حكومة تنظم عمليات هجرة غير قانونية لملء خزينتها بالموارد المالية. ويضيف “المهاجرون هم ثمرة السياسة الوطنية وتعطل الدولة والفساد”.

لا يتردد زروقي في التطرق لكل المواضيع مهما كانت حساسيتها أو قوتها.

وقد نشر الرسام الجزائري المقيم في تونس منذ عشر سنوات، بين 2011 و2013 مدونة حول شخصية سلفي غاضب يحمل اسم يحيى بولحية “يصدر فتوى كل يوم”، كلها تتسم بالغرابة.

ويأمل زروقي أن يكون كتابه المقبل حول الجزائر التي عاش فيها سنوات العنف في التسعينات أو ما عُرف بـ”العشرية السوداء”. وقد نشر في مواقع التواصل الاجتماعي بعض الرسوم التي أظهر فيها الحراك السياسي في بلاده والذي انطلق منذ العام 2019.

ويطبع بعض المحتجين هذه الرسوم على قمصانهم خلال الاحتجاجات.

ويوضح “مرة أخرى، سأعتمد مجددا على قصة حقيقية في الحي الذي نشأت فيه في العاصمة الجزائر”.

14