رحيل مريد البرغوثي الشاعر الفلسطيني المتيّم برام الله

عمان- توفي الشاعر والأديب الفلسطيني مريد البرغوثي، مساء الأحد، في العاصمة الأردنية عمان، عن عمر ناهز 77 عاما، بعيدا عن مسقط رأسه رام الله في فلسطين، المدينة التي رافقته طيلة حياته وكانت نواة أحد أبرز كتبه.
وعبر صفحته الموثقة بفيسبوك، نعى الشاعر تميم البرغوثي والده مريد، بنشر صورة سوداء مع كتابة اسمه، في إشارة لوفاته والحداد عليه.
وقد نعى الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين البرغوثي، بعد مسيرة إبداعية مديدة، وكفاح وطني عريض. معتبرا في بيان له رحيل الشاعر البرغوثي خسارة كبيرة، ومؤلمة للمشهد الثقافي العربي عامة، وللثقافة الوطنية خاصة، إذ يعتبر من القامات المؤثرة التي سيصعب تعويضها.
ولد مريد البرغوثي في 8 يوليو 1944 بقرية دير غسانة شمالي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة. وتلقى تعليمه في مدرسة رام الله الثانوية، وسافر إلى مصر عام 1963 حيث التحق بجامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها العام 1967.
في أواخر الستينات تعرّف على الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي واستمرت صداقتهما العميقة بعد ذلك حتى اغتيال العلي في لندن عام 1987، وقد كتب عن شجاعة ناجي وعن استشهاده بإسهاب في كتابه “رأيت رام الله” وأعلاه شعرا بعد زيارة قبره قرب لندن بقصيدة أخذ عنوانها من إحدى رسومات ناجي “أكله الذئب”.
وفي بيروت تعرف على غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي في عام 1972. وكان لكل هذه اللقاءات الأثر الكبير في أدبه وشعره بشكل خاص.
وقد ترجمت أشعاره إلى عدة لغات وحاز كتابه النثري “رأيت رام الله” – دار الهلال (1997) على جائزة نجيب محفوظ للآداب فور ظهوره وصدر حتى الآن في 6 طبعات عربية. وصدر باللغة الإنجليزية بترجمة لأهداف سويف، ومقدمة لإدوارد سعيد في ثلاث طبعات عن دار النشر بالجامعة الأميركية في القاهرة ثم عن دار راندوم هاوس في نيويورك ثم عن دار بلومزبري في لندن. ثم ترجم إلى لغات عديدة. كما حصل الأديب الراحل على جائزة فلسطين في الشعر عام 2000.
يهتم البرغوثي في قصائده بالمشترك الإنساني، ما يجعل شعره بالغ التأثير في قارئه أياً كانت جنسيته، وهو يكتب بلغة حسِّية مادية ملموسة، وتخلو قصيدته من التهويمات والهذيان وهذا ما ساهم في توسيع دائرة قرائه في العالم.
وللراحل 12 ديوانا شعريا، ومن أبرز رواياته، “رأيت رام الله” حيث لم يتمكن من العودة إلى مدينته رام الله إلا بعد مغادرتها بثلاثين عاما من التنقل بين المنافي العربية والأوروبية، وهي التجربة التي صاغها في سيرته الروائية تلك.
أوّل دواوين البرغوثي كان “الطوفان وإعادة التكوين” (1972) وآخرها “استيقِظ كي ترى الحلم” (2018)، وبينهما عشر دواوين، منها “فلسطيني في الشمس” (1974) و“طال الشتات” (1987)، و“زهر الرمان” (2000).
وقال وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبوسيف، في بيان إنه “برحيل الشاعر والكاتب مريد البرغوثي تخسر الثقافة الفلسطينية والعربية علماً من أعلامها، ورمزاً من رموز الإبداع والكفاح الثقافي الوطني الفلسطيني”.
وأضاف أبوسيف أن الراحل من “المبدعين الذين كرسوا كتاباتهم وإبداعاتهم دفاعا عن القضية الفلسطينية وعن حكاية ونضال شعبنا وعن القدس عاصمة الوجود الفلسطيني”.
وأكد أن “أفعاله الشعرية والنثرية ستخلد حكاية الكفاح والنضال الوطني الفلسطيني والفكر الإنساني”.
والراحل هو زوج الروائية المصرية رضوى عاشور، التي رحلت نهاية عام 2014، وهي أديبة شهيرة وترجمت أعمال لها إلى عدة لغات، منها الإنجليزية والإيطالية والإسبانية لاسيما “ثلاثية غرناطة” وتضم 3 روايات هي “غرناطة” 1994 و“مريم والرحيل” 1995، و“أطياف” 1999.
ووفق تغريدات بمنصات التواصل، عرف عن مريد البرغوثي ورضوى عاشور، حبهما الشديد. وفي يوم الحب الذي يحتفل به العالم كل عام في 14 فبراير، تصادف وفاة البرغوثي ليكتب الفصل الأخير من حياته ويلحق بمحبوبته بعد نحو 6 أعوام من الفراق.