رحيل سلامة لا ينهي غضب البرلمان الليبي

قدّم البرلمان الليبي شكوى إلى الأمم المتحدة يندّد فيها بتجاوزات المبعوث الأممي إلى ليبيا المستقيل غسان سلامة في إدارة الملف الليبي، في خطوة تؤكد فشل سلامة في مهامه.
طرابلس - أعلن البرلمان الليبي إرسال مذكرة احتجاج للأمين العام للأمم المتحدة ضد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة على خلفية تصريحات الأخيرة وصفها البرلمان بـ”غير مقبولة”، إضافة إلى تجاوزات المبعوث الأممي المستقيل في إدارة الملف الليبي.
وقال الناطق باسم البرلمان، عبدالله بليحق، إن المجلس قرر خلال جلسته التي عقدت، الثلاثاء، في مدينة بنغازي، إرسال “برقية احتجاج” إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن التصريحات الأخيرة لمبعوثه لدى ليبيا، غسان سلامة.
وأضاف بليحق أنه “بعد مداولة هذا البند ومناقشة الخطوات القادمة لمجلس النواب (البرلمان) تجاه الحوار السياسي من أجل إنهاء الأزمة الليبية، وأيضا تجاوزات البعثة الأممية قرر المجلس إرسال برقية احتجاج وشجب للأمين العام للأمم المتحدة بشأن التصريحات الصحافية الأخيرة للمبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، وتقديم احتجاج على هذه التصريحات”.
وبيّن الناطق باسم مجلس النواب أن الأمين العام للأمم المتحدة “لم يصدر عنه أي موقف” تجاه تصريحات سلامة، التي اعتبرها “غير مقبولة، خصوصا أنه يمثّل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة”، منوّها بأن المجلس علّق جلسة اليوم (الثلاثاء).
وكان غسان سلامة قد انتقد انسحاب أعضاء البرلمان الليبي من مفاوضات جنيف، ورفضهم المشاركة في محادثات الحوار السياسي التي انطلقت أواخر فبراير الماضي. كما تعرّض لحملة انتقادات واسعة خلال الأيام الأخيرة وسط تشكيك من كلا الطرفين في ليبيا في جديته وقدرته على حل الأزمة سياسيا.
وفيما أكد سلامة بالقول إن “البعثة نفذت حرفيا ما كانت قد تعهدت به ولا أقبل أيّ انتقاد في هذا المجال”، أوضح البرلمان أن تعليق مشاركته في محادثات جنيف كان بسبب “تدخل” المبعوث الأممي في اختيار الأعضاء الممثّلين عن البرلمان.
واستنكر البرلمان تدخل البعثة الأممية في اختيار المشاركين وعدم التزامها بالقائمة المقترحة.
ونقلت وسائل إعلامية عن رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح قوله ” إن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة لم يستجب لقرارات مجلس النواب حول تشكيل لجنته للحوار في جنيف”.
وأضاف في مقابلة مع “سبوتنيك” الروسية، “طلبنا استفسارا، ولم يستجب لطلب مجلس النواب في معرفة من هم المشاركون من المستقلين، ولم يوضح جدول أعمال المؤتمر ولا مدته ولا آلية عمله”. وأرجع صالح تعليق المشاركة في مفاوضات جنيف إلى أنه رشح أشخاصا غير مستقلين.
ودفعت سياسة الأمم المتحدة المنحازة في اختيار الممثلين والمشاركين في الحوار البرلمان الليبي إلى مقاطعة المحادثات. واعتبر البرلمان الليبي في قرار سلامة الاستقالة من منصبه، بمثابة اعتراف ضمني بفشله في إدارة الحوار بين الليبيين.
واعتبرت عضو البرلمان الليبي صباح الترهوني في تصريحات صحافية أن “استقالة المبعوث الأممي غسان سلامة جاءت متأخرة بسبب فشله الذريع في ليبيا خاصة بعد عدم نجاح عقد مؤتمر غدامس الذي رفضه الليبيون ومجلس النواب لأن المشاركين فيه ومعالمه لم يكونوا واضحين، علاوة على استعماله مصطلحات لا تليق به كممثل للبعثة وشخصية دبلوماسية”.
وأعربت عن استغرابها من العبث الذي أظهره سلامة وعدم احترامه إرادة الليبيين بدلاً من أن يكون وسيطا لإعادة شملهم، معتبرةً أنه من الضروري عند طرح أي حوار أن تكون الآلية والأجندة التابعة له واضحة”.
وبشأن مستقبل حوار جنيف بعد استقالة المبعوث الأممي، ترى الترهوني أنه لا يمكن التعويل على مفاوضات جنيف لحلّ الصراع الدائر في ليبيا.
وعزت ذلك إلى أن “المشكلة في ليبيا أمنية وليست سياسية وما يهم الجميع حالياً المسار العسكري 5+5 لأنه أهم المسارات والاجتماعات وفي حال نجاحه سينجح المسار السياسي والاقتصادي”.
وأضافت ”المجتمع الدولي لو لديه رغبة في مساعدة الليبيين كان عليه أن يضع آلية لجمع السلاح وفك الميليشيات قبل اجتماع جنيف وسلامة كان عليه الأخذ بمخرجات ترهونة للقبائل الليبية ودعمهم لمجلس النواب والقوات المسلحة”.
وسبق أن اشترط الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر والبرلمان الليبي مواصلة المسار السياسي بضرورة تفكيك الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة والعصابات المسيطرة على العاصمة، وانسحاب تركيا من المشهد الليبي.
وسعى سلامة إلى إطلاق ثلاثة مسارات عسكرية واقتصادية وسياسية لطرفيْ الصراع في ليبيا بموجب مخرجات مؤتمر برلين الذي عقد في التاسع عشر من شهر يناير الماضي، ولكنّ عقد اجتماع للمسار العسكري في جنيف، الشهر الماضي، لم يتمخض عن نتائج ملموسة.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، على تويتر، الاثنين، استقالته “لأسباب صحية” بعد قرابة ثلاث سنوات في هذا المنصب.
وتم اختيار سلامة في 22 يونيو 2017 من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كممثل خاص ورئيس بعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا خلفا للألماني مارتن كوبلر.