رئيس الحكومة التونسية: قرقنة تعاني من فراغ أمني واضح

سكان مدينة قرقنة ينتقدون طبيعة القرارات التي أعلن عنها رئيس الحكومة ويرون بأن الحلول الأمنية وحدها لا تكفي ويطالبون بإعطاء أمل للشباب في مستقبل أفضل.
الأربعاء 2018/06/06
نصيب الأهل الدموع

تونس- أكدت الحكومة التونسية الثلاثاء، أنها ستعزز التواجد الأمني في جزيرة قرقنة التابعة لولاية صفاقس جنوب البلاد التي شهدت مساء السبت حادثة غرق مركب صيد كان على متنه حوالي 180 مهاجرا غير شرعي أغلبهم تونسيون، مما أسفر عن وفاة أكثر من 50 منهم فيما تم إنقاذ حوالي 68 آخرين. وأقرت الحكومة أن السبب في الحادثة هو الفراغ الأمني بالجزيرة.

وقالت وزارة الداخلية الثلاثاء، إنه تم انتشال 57 جثة  إلى حد مساء الثلاثاء منذ بدء عمليات الإنقاذ مساء السبت حال تلقي السلطات الأمنية بولاية صفاقس نداء استغاثة من المركب المنكوب. وتتواصل عمليات البحث عن المفقودين إثر غرق مركب الصيد.

 

أقر المسؤولون التونسيون بأن الفراغ الأمني في جزيرة قرقنة، التابعة لولاية صفاقس جنوب البلاد، يعد أحد الأسباب المباشرة للانتعاشة التي عرفها نشاط مهربي البشر من الجزيرة باتجاه السواحل الإيطالية. وتسعى الحكومة لتفادي الثغرات الأمنية من خلال تعزيز حضور رجال الشرطة في قرقنة لمواجهة عصابات تنظيم الهجرة غير الشرعية

وأكد عادل الخبثاني والي صفاقس لـ”العرب”، تواصل عمليات البحث عن المفقودين في حادثة مركب الصيد الذي غرق على مقربة من سواحل جزيرة قرقنة مساء السبت.

وأعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال زيارة أداها إلى قرقنة الثلاثاء، عن نية الحكومة تعزيز حضور رجال الأمن في جزيرة قرقنة من خلال إحداث مجمع أمني بهدف تجنب نقائص العمل الأمني الذي تسبب في تنظيم أو محاولة تنظيم رحلات الهجرة السرية. وأقر الشاهد بوجود “فراغ أمني واضح في قرقنة”.

وأوضح أن المجمع الأمني الذي ستتم تهيئته في الأيام القليلة القادمة سيضمن تناوب رجال الشرطة على العمل بصفة مسترسلة. وأعلن الشاهد عن توفير التجهيزات الضرورية لخفر السواحل ليتمكنوا من تأمين مهمات المراقبة التي يقومون بها.

كما تعهد رئيس الحكومة بـ”تتبع تجار الموت والعصابات المنظمة التي تغرر بالشباب التونسي”، إلى جانب تحسين الأوضاع التنموية. ولفت الشاهد إلى أن الهجرة السرية ارتفعت وتيرتها منذ مطلع العام الحالي، مشددا على ضرورة التصدي لها من خلال المعالجتين الأمنية والاجتماعية.

يوسف الشاهد: سنتتبع تجار الموت والعصابات المنظمة التي تغرر بالشباب التونسي
يوسف الشاهد: سنتتبع تجار الموت والعصابات المنظمة التي تغرر بالشباب التونسي

ورافق رئيس الحكومة في زيارته إلى قرقنة وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي ووالي (محافظ) صفاقس وكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين.

وانتقد سكان قرقنة طبيعة القرارات التي أعلن عنها الشاهد خلال زيارته إلى الجزيرة. ويرون، بحسب مصادر "العرب"، بأن الحلول الأمنية وحدها لا تكفي لمواجهة الوضع مطالبين ببرامج تنمية وإحداث فرص عمل للعاطلين وإعطاء أمل للشباب في مستقبل أفضل.

وأثارت حادثة غرق مركب الصيد مساء السبت جدلا واسعا في تونس. وانتقد متابعون ضعف العمل الأمني في قرقنة، إذ قالوا إن الجزيرة صغيرة وسكانها يعرفون بعضهم البعض، متسائلين كيف لم يتم التفطن إلى أن 180 شخصا غريبا دخلوا الجزيرة واختبئوا في منزل استعدادا لانطلاق رحلة اجتياز البحر في اتجاه السواحل الأوروبية. ورجح هؤلاء فرضية تواطؤ رجال الأمن مع الشبكات التي تنظم رحلات الهجرة غير الشرعية في تلك المنطقة.

وبدأت وزارة الداخلية تحقيقا داخليا، بحسب تصريح الوزير لطفي براهم الاثنين، سيشمل تنقل فرق التحقيق التابعة للوزارة إلى قرقنة لكشف ملابسات الحادثة وللتحقيق في شبهة التقصير.

وكان الوزير قد أكد أن “القوات الأمنية بمختلف أسلاكها ستتمركز في القريب العاجل بجزيرة قرقنة من أجل سد الفراغ الأمني بها والتصدي للجريمة المنظمة”. وتراجع وجود رجال الأمن في قرقنة بعد انسحابهم من الجزيرة في العام 2016 بشكل كامل لتعوضهم منذ ذلك الحين عناصر الجيش، وكان ذلك إثر موجة احتجاجات عاشتها الجزيرة لمطالبة شركة “بيتروفاك” الناشطة في مجال استخراج الغاز الطبيعي والمتمركزة بقرقنة بتوظيف العاطلين عن العمل والمساهمة في تحسين الوضع التنموي بالجزيرة مقابل استغلال ثرواتها.

عادل الخبثاني: عمليات البحث عن المفقودين في حادثة غرق المركب متواصلة
عادل الخبثاني: عمليات البحث عن المفقودين في حادثة غرق المركب متواصلة

واستهدف المحتجون في العام 2016 رجال الأمن في جزيرة قرقنة ومقراتهم وسياراتهم بالتسبب لهم في أضرار مادية. وأكدت إحصائيات قدمتها المنظمة الدولية للهجرة الاثنين، ارتفاع عدد المهاجرين التونسيين الذين وصلوا إلى إيطاليا منذ مطلع العام الحالي وإلى نهاية أبريل الماضي، إذ بلغ العدد 1910 مهاجرا بعد أن كان 231 مهاجرا تونسيا في نفس الفترة من العام الماضي.

وأفادت المنظمة أن من بين المهاجرين التونسيين غير الشرعيين 39 امرأة و307 قصر منهم 293 ليس معهم أولياء أمورهم. وقالت لورينا لاندو رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة بتونس، “لا توجد كلمات تصف هذه المأساة، إذ فقد رجال ونساء وأطفال حياتهم بينما كانوا يسعون وراء حلم غير مؤكد لحياة أفضل”، في إشارة إلى حادثة غرق مركب الصيد الذي كان يقل ما لا يقل عن 180 مهاجرا غير شرعي.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن عدد ضحايا حادثة غرق المركب وصلت إلى 100 قتيل ومفقود على سواحل قرقنة. وأفادت رئيسة بعثة المنظمة في تونس أنه تم نقل ضحايا حادثة الغرق الستين إلى قسم الطب الشرعي في مستشفى الحبيب بورقيبة في صفاقس وعددهم 48 تونسيا، حيث تم تحديد هوية 24 منهم.

وأوضحت المنظمة أن عدد غير التونسيين من الضحايا يبلغ 12، وهم 6 نساء و6 رجال. وقالت المصادر الرسمية وغير الرسمية إن 60 تونسيا من بين من تم إنقاذهم، بالإضافة إلى و2 يحملون الجنسية المغربية وليبي ومالي وكامروني و3 من الكوت ديفوار.

4