ذكرى عيد الاستقلال استراحة التقاط أنفاس لقيس سعيد

الرئيس التونسي يقضي يوم عيد الاستقلال مع السجناء ويترك الساحة لعراك خصومه.
الاثنين 2021/03/22
هدوء في مواجهة صراخ الخصوم

حالت الأوضاع الصحية التي تمر بها تونس على خلفية تفشي فايروس كورونا المستجد شأنها في ذلك شأن العديد من الدول، دون تنظيم الرئاسة التونسية احتفالات رسمية بذكرى الاستقلال عن المستعمر الفرنسي الـ65 السبت، ليتفرغ بذلك الرئيس قيس سعيد لالتقاط أنفاسه بعد أسابيع حافلة بالمعارك السياسية.

تونس - حاول سياسيون وناشطون الربط بين عدم إقامة حفل رسمي في ذكرى الاستقلال في تونس من قبل الرئاسة التونسية، وبين ابتعاد الرئيس قيس سعيد عن المواجهات مع رئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي، بعد أسابيع حافلة من التوتر السياسي.

وعاب ناشطون سياسيون في تونس عن الرئيس سعيد عدم إقامة موكب رسمي للاحتفال بذكرى الاستقلال الخامسة والستين السبت، إلا أنه من الواضح أن الوضع الصحي الحرج في ظل استمرار تفشي فايروس كورونا وراء عدم تنظيم الرئاسة التونسية لاحتفالات رسمية.

وقرر سعيد أن يزور قبيل ساعات من السبت سجن المرناقية بالعاصمة، حيث زار هناك السجناء وألقى كلمة شدد فيها على ضرورة إدخال إصلاحات في القضاء وغيره.

وفي المقابل، ترك الرئيس سعيد رئيس البرلمان الذي يرأس أيضا حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي الذي يخوض معهما معركة منذ أشهر، يطلقان تصريحات على خليفة المطالب المتصاعدة بحل البرلمان وكذلك الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.

واعتبر أحد المراقبين أن سعيد بذلك الخيار بقي “يتفرج على مناوشات وصياح وجدل بين الغنوشي والنائب عبير موسي، ليؤكد للتونسيين طبيعة الأزمة وارتباطها بالطبقة السياسية الحاكمة”.

وتباينت الآراء بشأن طريقة احتفاء الرئيس سعيد بذكرى عيد الاستقلال التي تصادف كل 20 مارس من كل سنة، ففيما حاول خصومه الترويج إلى أنه تجاهل الذكرى يبدو أن الأوضاع الصحية الحرجة هي الدافع وراء عدم تنظيم موكب رسمي يوم الذكرى.

محمد صالح العبيدي: تدهور الأوضاع يحتم على الرئيس سعيد التحرك لإنهاء الأزمة
محمد صالح العبيدي: تدهور الأوضاع يحتم على الرئيس سعيد التحرك لإنهاء الأزمة

وأعرب الحزب الدستوري الحر المعارض عن استنكاره الشديد لعدم إحياء رئاسة الجمهورية لذكرى الاستقلال.

وقال الحزب في بيان له الأحد إنه “يستنكر (الحزب) بشدة عدم تنظيم مؤسسة رئاسة الجمهورية المؤتمنة على تطبيق الدستور لموكب رسمي يليق بهذه المناسبة التاريخية، ويدعو لتقديم توضيحات حول هذا التصرف المهين للشعب وللدولة”.

وأعرب الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن استغرابه من تجاهل الرئيس قيس سعيّد لذكرى عيد الاستقلال السبت، قائلا “حان الوقت يا سيادة الرئيس كي تعدل ساعتك على وقع حياة شعبك ونبض الوطن وعلى استحقاقات المرحلة قبل فوات الأوان”.

وعبر الوزير السابق والناشط السياسي في حزب آفاق تونس فوزي عبدالرحمن عن أسفه “لاختيار الرئيس سعيّد عدم الاحتفال بذكرى الاستقلال الخامسة والستين”.

واعتبر الناشط السياسي خالد شوكات أن احتفال رئيس الجمهورية بذكرى الاستقلال ليس خيارا، قائلا إن “الأمر لا يتعلق بقيس سعيّد ذاته أو بشخصه كمدرس للقانون الدستوري وإنما بفرض دستوري، عيد الاستقلال هو فرض دستوري وهو من ثوابت الجمهورية، الرئيس أخل بمقتضيات الدستور وخرق قاعدة وعرفا وطنيا مقدسا، عيد الاستقلال فرض لا يقبل التأويل السياسي ولا يمكن لخلفية الرئيس أن تمنعه من ذلك سواء كان يساريا أو يمينيا”.

وأضاف شوكات في تصريح لـ”العرب” منقدا سعيد أن “الثابت أن قيس سعيّد لم يلبس بعد جبّة الرئيس، ولا يزال يتمسك بجبّة أخرى لا تتفق مع واجبات الرئاسة”.

وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية خانقة، وفيما يسارع خصوم الرئيس قيس سعيد إلى إطلاق تصريحات عشوائية تهاجمه وتكرس المزيد من الانقسام، يحافظ الرجل على هدوئه رغم المطالبات المتزايدة له بإطلاق الحوار الوطني لإنهاء الأزمة الراهنة.

ويحتمي خصوم الرئيس سعيد وأبرزهم الإسلاميون بدعوات الحوار، لكنهم لا يتوقفون عن مهاجمته حيث حمّل الأحد رئيس البرلمان راشد الغنوشي الرئيسَ سعيّد مسؤولية الأزمة الراهنة قائلا “رئيس الدولة هو المسؤول عن تعطيل الحكومة”.

Thumbnail

وكان الرئيس قيس سعيد قد رفض التعديل الوزاري المثير للجدل الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي منذ أسابيع، بحجة أن هذا التعديل شابته العديد من الخروقات.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية في البلاد، قد أطلقت مبادرة للحوار الوطني وحظيت بموافقة الرئيس سعيد، لكنه لم يطلقها بعد ما جعل مراقبين يرجحون أنه ينتظر تحصيل المزيد من الضمانات لإنجاح هذه المبادرة ولطرح حلول ناجعة للأزمة التي تمر بها تونس.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي لـ”العرب” إن الرئيس قيس سعيد مُطالب بالتحرك للعب دور جامع للتونسيين، مشددا على أن “المبادرات موجودة كما نعرف، والوضع لم يعد يحتمل، هناك ضغوط من المانحين الدوليين ما يحتم على الرئيس قيس سعيّد التحرك لوضع حد للأزمة الراهنة”.

ومع استمرار التصعيد الكلامي بين الفرقاء التونسيين فُتح الباب أمام تدويل الأزمة، خاصة في ظل الضغوط التي يكرسها المانحون الدوليون من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة.

وخلص السبت الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي ورئيس منظمة الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال في تونس) سمير ماجول ونائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بالحاج، إلى ضرورة التقاء المنظمتين مع الحكومة حول برنامج وطني للإصلاح.

وأكد هؤلاء في أعقاب لقاء جمعهم على حساسية الوضع الاقتصادي والاجتماعي وضرورة سرعة التحرك للإصلاح ولتجاوز الصعوبات.

4