دعوات إلى هدنة سياسية في ليبيا قبل الانتخابات

طرابلس - يثير التوتر المتصاعد بين الحكومة الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة من جهة والجيش والبرلمان من جهة أخرى مخاوف الأوساط السياسية الليبية من نسف رهان إجراء الانتخابات المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
وقال رمضان التويجر مقرر لجنة صياغة الدستور "إن ما يحدث اليوم من مهاترات وصراعات بين مختلف الأطراف السياسية والأجسام القائمة وفي هذا الظرف الحساس هو أمر يمس الأمن القومي للدولة الليبية ويهدد كيانها (..) لذلك ندعو الجميع وخاصة مجلس النواب والحكومة إلى ضبط النفس والابتعاد عن التصريحات العدائية والعمل على هدنة سياسية يركز فيها على إقامة الانتخابات العامة في مواعيدها المحددة".
وأضاف لـ"العرب"، "لا نتعجب من الدول المتدخلة في الشأن الليبي أن تبحث عن مصالحها، لكن على الليبيين أن يختاروا إما أن يكونوا شركاء لهذه الدول المتصارعة وفق مبدأ احترام سيادة الدول وتبادل المصالح أو أن يكونوا تبعا لها، وعلى هذه الدول أن تعي جيدا أن مصالحها في ليبيا لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال إرجاع السيادة إلى ليبيا والسماح للشعب الليبي بإجراء الانتخابات العامة".
وتابع "كل ما نخشاه أن تكون دعوات المجتمع الدولي إلى إجراء الانتخابات العامة هي دعوات إعلامية فقط وأن يكون هناك شيء ما يُدبر لتعقيد الأزمة في ليبيا كما حصل في العديد من الدول، والشواهد التاريخية كثيرة".
ويتواصل الموقف الأميركي والأوروبي الداعم لإجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا في موعدها المحدد.
وسبق أن دعت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في ليبيا جميع الجهات الليبية الفاعلة إلى ضمان الشمولية والحرية، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.

رمضان التويجر: الصراعات تمس الأمن القومي للدولة الليبية وتهدد كيانها
وذكر بيان مشترك للسفارات الخمس أن "مثل هذه الانتخابات على النحو المحدد في خارطة الطريق لمنتدى الحوار السياسي الليبي في تونس في نوفمبر 2020 والتي تم التأكيد عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2570، هي خطوة أساسية نحو تحقيق المزيد من الاستقرار وتوحيد ليبيا"، وشددت على ضرورة احترام نتائجها من قبل الجميع، مؤكدة استعدادها "لدعم السلطات الليبية المؤقتة بناءً على طلبها في تنظيم الانتخابات”.
وتفاقمت الأزمة السياسية بين البرلمان والحكومة الليبيين، حيث أثار تصويت البرلمان بسحب الثقة من الحكومة المؤقتة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال غضب رئيسها عبدالحميد الدبيبة الذي دعا المواطنين إلى الاحتجاج ضد القرار.
وكان البرلمان أقر سحب الثقة من حكومة الدبيبة بموافقة تسعة وثمانين صوتا من بين 113 نائبا حضروا الجلسة، ودعا الحكومة إلى مواصلة عملها "في إطار تسيير الأعمال" حتى موعد الانتخابات المقبلة، وذلك بعد أن رفض رئيس الحكومة وبعض الوزراء الحضور للمشاركة في استجوابات طلبها النواب في عدة قضايا تتعلق بميزانية الحكومة والاستعدادات لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
ووصف الدبيبة رئيس وأعضاء مجلس النواب الذين صوتوا على سحب الثقة بـ"المعطلين الذين لا يريدون إلا الحرب والدمار".
ورفض الدبيبة دفع رواتب عناصر الجيش وعدم تخصيص ميزانية للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي.
وفي أغسطس الماضي قال الدبيبة إنه "لا يمكن لمؤسسة الجيش أن تنتسب لأي شخص مهما كانت صفته، ولا يمكن أن تطلق صفة الوطنية على جيش دمر العاصمة وشرد سكانها".
وجاء ذلك بعدما صرح قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر بأن "الجيش لن يكون خاضعا لأي سلطة ولن نستسلم للمؤامرات التي تحاك باسم المدنية".
وحذر برلمانيون ليبيون من مغبة استمرار إيقاف رواتب عناصر الجيش، في خطوة قد تؤدي إلى زعزعة الأمن في ربوع البلد الأفريقي الغني بالنفط.
وقال تسعة عشر نائبا ليبيا في بيان مشترك إنهم فوجئوا بإيقاف رواتب منتسبي المؤسسة العسكرية "التي حملت على عاتقها حماية وحراسة الحقول النفطية، والتي ما زالت إلى هذه الساعة تقاتل الإرهاب نيابة عن العالم، وتؤمن الحدود الغربية والجنوبية للبلاد التي كانت منتهكة من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة وتجار البشر".
وأكد الدبيبة أن "وزارة المالية لم تتسلم حتى الآن بيانات العسكريين بالمنطقة الشرقية رغم طلبها من الحسابات العسكرية ذلك لإحالة الرواتب المتأخرة".
وأوضح أن "المؤسسة الوحيدة التي لم تتوحد حتى الآن هي وزارة الدفاع"، مشيرا إلى أن "هناك ميزانية واضحة للجيش الليبي".