دراما منسوخة.. حقائب جلدية مقلدة

ضاع التقييم بعد أن صار المقياس هو "إنها بضاعة مقلدة أصيلة لا تفرقها عن الأصل".
الخميس 2024/07/25
غزو الصناعات التركية

يتذمر النقاد العرب من أن الصيغة الدرامية التركية أزاحت النماذج الدرامية المصرية والسورية وغيرها من الصيغ العربية التي سادت خلال العقود الثلاثة الماضية من ثورة الدراما العربية. يتذمر الكثير من صناع السلع التقليدية في الأسواق العربية من غزو الصناعات التركية التي أزاحت معظم المنتجات الحرفية مثل الحقائب الجلدية والنحاسيات والخزفيات. نفس الكلام تسمعه من أصحاب معامل الخياطة ومصممي الأزياء العرب الذين شاهدوا كيف حلت الملابس التركية محل ما كانوا يبيعونه، سواء أكانت بتصاميم تركية حديثة أم تلك الموجهة للنساء المحجبات. ولا شك أن كثيرين في صناعات أخرى يتذمرون.

لكن ما يحدث في تركيا مثير للاستغراب. يلوم النقاد الأتراك إزاحة النموذج الدرامي الغربي، وخصوصا الهوليوودي أو الأوروبي، الأسلوب التركي في معالجة الدراما وتقديمها. البعض يشخصون أن بعض المنتجين الأتراك صاروا لا يتعبون أنفسهم للعمل على حث كتاب الدراما وتحويل الروايات المحلية إلى سيناريوهات لمسلسلات، بل ينسخون مسلسلات غربية كما هي، مشهدا بمشهد، ويقدمونها كدراما لمتفرج تركي أو أن تدبلج لتذهب إلى سوق إقليمية متلهفة للإنتاج التلفزيوني، ومنها السوق العربية. قبل أيام أوردت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا عن حالة السوق التقليدية في إسطنبول وكيف أن كل ما له علاقة بالمنتجات الجلدية التركية اختفى وحلت محله منتجات صينية تقلد الماركات العالمية الشهيرة. الحقائب والأحزمة صارت الآن نسخة عن منتجات الأسماء الفرنسية والإيطالية الكبرى. كل البضائع الجلدية المعروضة في بازار إسطنبول الآن هي تقليد في تقليد. أما الملابس، فصار من الصعب التمييز بين الأصلي والتقليد. لعل الأزياء التقليدية النسائية لا تزال تحارب من أجل البقاء بحكم أنها ترتبط بما صار يعرف بالزي الشرعي، لكن حتى تحت تلك الجبب والعباءات، ثمة ملابس بموديلات غربية مقلدة. أغطية الرأس للنساء والإيشاربات بدورها تقليد لماركات عالمية معروفة.

شاهدت بضع حلقات من مسلسل سوري – لبناني يعرف نفسه بأنه منسوخ عن مسلسل تركي من الواضح أنه حقق نجاحا لكي تهتم به شركات الإنتاج العربية وتستنسخه. لكن الطريف أنني لم أشاهد أيا من حلقات المسلسل التركي، مترجمة أو مدبلجة، لكن ما شاهدته من حلقات للمسلسل العربي ذكرتني بمسلسل بريطاني عرض قبل بضعة أعوام. نسخة طبق الأصل، بعد أن مرت بمرحلة تناسخ غربية – تركية.

ثمة تقليد رديء في أسواق تقليدية عربية لماركات عالمية من مقتنيات جلدية أو ملابس، لا أعرف بالضبط إن كان التقليد قد تم في مصانع عربية محلية أم تركية انتقالية، تمرر لنا مستويات متواضعة من النسخ للماركات الشهيرة. ضاع التقييم بعد أن صار المقياس هو “إنها بضاعة مقلدة أصيلة لا تفرقها عن الأصل”.

18