دائرة الرافضين للمقاربة الأمنية ضد الاحتجاجات في الجزائر تتوسع

عشرات الأستاذة الجامعيين البارزين يعربون عن رفضهم لـ"سياسة الكل أمني" المطبقة من طرف السلطة.
الأحد 2021/05/23
تضييق أمني مستمر

الجزائر - أمام إمعان الحكومة الجزائرية في مقاربتها الأمنية تجاه الاحتجاجات المستمرة لا زالت فعاليات سياسية وأكاديمية وحقوقية تصرّ على ضرورة الذهاب إلى رؤية سياسية تنهي حالة الاستقطاب وتحيّد البلاد عن مخاطر الانزلاق في أتون مواجهة تعيد سيناريو تسعينات القرن الماضي.

وأعرب العشرات من الأستاذة الجامعيين البارزين ومن مختلف الجامعات الجزائرية والدولية عن رفضهم لما وصفوه بـ”سياسة الكل أمني” المطبقة من طرف السلطة، ضد الاحتجاجات السياسية خاصة خلال الأسابيع الأخيرة.

وجاء في بيان وقعه نحو 100 أستاذ جامعي أبرزهم الباحث في وكالة النازا الأميركية نورالدين مليكشي، ورشيد عيساوي من جامعة مونتريال الكندية تخصص الذكاء الاصطناعي، وأستاذ علم الاجتماع الهواري عدي من جامعة واشنطن، وأستاذ العلوم السياسية بجنيف حسني عبيدي، ولويزة آيت حمادوش من جامعة الجزائر بأن “الموقعين ينددون بسياسة الكل أمني التي تنتهجها السلطة “، وطالبوا بـ”الإفراج الفوري عن معتقلي الحراك الشعبي وإطلاق الحريات المكرسة دستوريا”.

وكان محافظ العاصمة يوسف شرف قد أصدر تسخيرا لقوات الأمن بالتجند للحفاظ على ما أسماه بـ”الأمن العام”، ومنع المسيرات غير المرخصة، ومراعاة السير العادي للحياة اليومية لسكان العاصمة، وهو ما تجلى في الإنزال الأمني الذي تشهده العاصمة خلال الأسابيع الأخيرة والتي انتهت إلى إجهاض مسيرة الجمعة الأخيرة.

كما شددت وزارة الداخلية والجماعات المحلية على إخضاع المسيرات والمظاهرات الشعبية للنصوص التشريعية الناظمة، والتي تتطلب الحصول على ترخيص من السلط المختصة، بعد تقديم طلب يتضمن مؤطري المسيرة والمسار والتوقيت والشعارات.

غير أن الطلب الذي تقدم به محامون مكلفون من طرف الناشط السياسي المعارض رشيد نكاز الذي شمل طلبات لتنظيم مسيرات شعبية في عموم المحافظات الـ58 في البلاد، لم يحظ بأيّ متابعة، بينما نفت وزارة الداخلية تلقيها أيّ طلب في هذا الشأن.

التصعيد الذي تسلكه الحكومة كسبيل لفرض أجندتها المرفوضة من طرف غالبية الجزائريين قد تنجرّ عنه عواقب وخيمة

وشدد موقعو بيان الأساتذة الجماعيين على “رفض القمع” وذكروا في بيانهم بأن “الجمعة 117 من الحراك الشعبي شهدت تضييقا أمنيا وقمعا، لم يشهد لهما مثيل”. وذكروا أن “هذا القمع بلغ ذروته باعتقال المئات من المواطنين دون تمييز (رجال، نساء، شيوخ، شباب) وإطارات من مختلف القطاعات والتخصصات ونخب جامعية تعتبر مفخرة للجزائر”.

وتساءل البيان “أيعقل أن يعتقل أستاذ جامعي فضّل البقاء في بلده للمساهمة في تكوين أبناء وطنه (..) أيعقل أن يعتقل محام مهنته الدفاع عن المواطن باسم القانون؟”، وذلك في إشارة لأستاذ الفيزياء النووية جمال ميموني الذي وضع تحت الرقابة القضائية بسبب مشاركته في مسيرة شعبية.

وشدّد الموقعون على أنهم “يرفضون سياسة التعنيف وينددون بشدة بسياسة الكل الأمني التي تنتهجها السلطة السياسية من أجل إفشال حراك سلمي ومسؤول لطالما أشادت به أمام الرأي العام الوطني والدولي”.

وحذر هؤلاء من أن “التصعيد الذي تسلكه الحكومة كسبيل لفرض أجندتها المرفوضة من طرف غالبية الجزائريين قد تنجرّ عنه عواقب وخيمة من شأنها تعميق القطيعة بين الشعب والسلطة السياسية”.

كما طالب هؤلاء، بـ”الإفراج عن جميع معتقلي الرأي والكف عن المضايقات التي تطال نشطاء الحراك والمشاركين في المسيرات، ورفع القيود عن الحريات الفردية والجماعية، والإقرار بحق التظاهر السلمي المكرس دستوريا بإلغاء التعليمة الأخيرة لوزارة الداخلية وفتح المجال الإعلامي العمومي أمام الآراء والاتجاهات المختلفة”.

وذكرت حصيلة نشرتها السبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عن توقيف عناصر الأمن لنحو 800 متظاهر في المسيرات المجهضة في المسيرة 118، ومن بينهم 40 ناشطا وضعوا تحت الرقابة القضائية.

ويأتي الانتشار الأمني الكثيف  والمستمر في العاصمة الجزائرية غداة بدء حملة الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الـ12 من يونيو.

ورغم نسبة المشاركة المتدنية بشكل غير مسبوق في الانتخابات الرئاسية عام 2019 والاستفتاء الدستوري عام 2020 فإنّ النظام المدعوم من الجيش مصمّم على المضي قدما في خارطة الطريق الانتخابية رغم رفضها من الحراك وأحزاب معارضة علمانية ويسارية.

2