خمول القطاعات يمدد حالة انكماش اقتصاد تونس في 2021

التجاذبات السياسية والإضرابات تعطل النمو.
الثلاثاء 2021/05/25
تسريع خطوات دعم الاقتصاد

حملت مخاوف الخبراء بتونس من احتمال تعرض اقتصاد البلاد إلى انهيار، في حال دخلت قطاعات إستراتيجية وحيوية في ركود أعمق، في طياتها الكثير من علامات التشاؤم خاصة مع استمرار التجاذبات السياسية وعدم التركيز على الخروج من هذا الوضع الكارثي سريعا.

تونس - يبدو أن توقعات الحكومة التونسية بتسجيل نمو في 2021، بعد انكماش في 2020، لن تتحقق من وجهة نظر خبراء اقتصاد محليين، مع قرب انتهاء النصف الأول من العام، دون وجود مؤشرات لافتة على النمو.

وتوقعت الحكومة التونسية خلال وقت سابق من العام الجاري تسجيل نمو نسبته 3.9 في المئة في 2021 فيما يتوقع صندوق النقد الدولي نموا بحوالي 3.2 في المئة لتونس، مقابل انكماش بنحو 8.8 في المئة عام 2020.

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2021، مع استمرار الضغوط الناتجة عن جائحة كورونا وبطء عمليات التلقيح محليا واستمرار إغلاق مرافق حيوية.

ويأتي الانكماش بالتزامن مع تعطل قطاعات رئيسية في البلاد، أبرزها السياحة التي دخلت العام الثاني من التوقف، مع استمرار المخاطر الصحية حول العالم، بينما تباطأت قطاعات أخرى مثل الإنشاءات والخدمات.

وأكد رضا الشكندالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، أن نسبة النمو الاقتصادي المسجلة في الربع الأول من العام الحالي لم تسجلها البلاد منذ الاستقلال.

ونسبت وكالة الأناضول إلى الشكندالي قوله إن “النسبة المتوقع تحقيقها في كامل 2021 والمقدرة بنحو 3.9 في المئة من المستحيل تحقيقها”.

وفسر تشاؤمه بأنه منذ سنوات يبدأ الاقتصاد التونسي في الربع الأول بنسبة نمو معتبرة وغالبا ما تكون هي الأعلى.

وأوضح أن القطاع الزراعي سجل نسبة انكماش بحوالي 6.7 في المئة في الربع الأول، وهي المرة الأولى منذ 5 سنوات، وأيضا توقف القطاع السياحي، وانهارت الصناعة”، لافتا إلى أن كل المؤشرات الاقتصادية سيئة.

رضا الشكندالي: تونس غير قادرة على سداد ديونها وتصنيف فيتش سيؤكد ذلك
رضا الشكندالي: تونس غير قادرة على سداد ديونها وتصنيف فيتش سيؤكد ذلك

وقال أستاذ الاقتصاد “في الحقيقة وبسبب الأزمات الناجمة عن فايروس كورونا، تونس أصبحت غير قادرة على سداد ديونها.. تصنيف وكالة فيتش سيؤكد هذه الوضعية”.

وفي فبراير الماضي أجرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية آخر مراجعة للوضع الائتماني لتونس، وخفضت تصنيف البلاد من بي 2 إلى بي 3، مع الحفاظ على نظرة مستقبلية سلبية.

وقال مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي أمام البرلمان، الجمعة إنه من المتوقع أن تجري وكالة فيتش مراجعتها الأولى لتصنيف تونس في نهاية يونيو المقبل.

وأكد الشكندالي أنه إذا تواصلت نفس السياسات والمقاربات فإن الوضع الاقتصادي لن يتغير، لافتا إلى أن الخطاب بقي هو نفسه بعد الثورة.

وأضاف “3 في المئة نسبة نمو مستحيل تحقيقها حتى لو أقرضنا صندوق النقد، حيث أن القرض لن يتجاوز 3 مليارات دولار على ثلاث سنوات وحاجاتنا أكثر من ذلك بكثير”.

ومنذ 18 مايو الجاري بدأت تونس مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف حصولها على قرض جديد، مقابل تقديمها برنامجا اقتصاديا يتضمن إصلاحات أساسية من بينها إلغاء الدعم وتقليص كتلة الأجور.

وتقدر حاجة تونس إلى التمويلات بنحو 18.5 مليار دينار (6.72 مليار دولار) متوقعة في ميزانية 2021، ويمكن أن تصل إلى 22.5 مليار دينار (8.18 مليار دولار)، نتيجة عدة عوامل من بينها ارتفاع سعر البترول.

واعتبر محمد الصادق جبنون، الاستشاري في الاستثمار والناطق الرسمي باسم حزب قلب تونس، أن التوقعات الاقتصادية الأولية خاطئة.

وأوضح أن تحقيق نمو إيجابي غير ممكن حاليا، نتيجة توقف محركات الإنتاج وتفاقم العجز في الميزانية واستئثار الدولة بالتمويل وارتفاع سعر البترول.

وقال إن “الوضع اليوم يتطلّب خطة اقتصادية عاجلة تقوم على الإنقاذ الاقتصادي، وتفعيل محركات الإنتاج وقبل ذلك الترفيع في نسب التلقيح ضد فايروس كورونا التي ما زالت ضعيفة للغاية”.

وأضاف أن “نسبة النمو في العام الحالي ستكون سلبية أو بالكاد في حدود انكماش 2 في المئة”، بينما قال رضا قويعة أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية إنه من الصعب تسجيل نمو إيجابي في العام الحالي.

ولفت إلى أنه في الربع الأول من العام الجاري كان من المنتظر تسجيل نمو إيجابي بنحو 2.8 في المئة لكن نسبة النمو كانت سلبية.

وأكد أن العديد من التجاذبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (الإضرابات) تقف عائقا أمام تسجيل نمو إيجابي.

وشدد على أن “المطلوب اليوم هو عودة النشاط السياحي الذي يساهم بما بين 8 و9 في المئة من الناتج المحلي، وبالتالي يمكن أن يساهم في عودة النمو الإيجابي”، مستدركا أن عودة القطاع مربوطة بتقدم عملية التلقيح ضد كورونا.

وفسّر ذلك بقوله إن “عودة النشاط السياحي ستكون لها انعكاسات على عدة قطاعات أخرى، مثل النقل والصناعات الحرفية والمطاعم والنزل، داعيا إلى ضرورة التفكير في حلول لإعادة تنشيط القطاع”.

11