خطر كورونا يقود لحكومة وحدة بين اليمين والوسط في إسرائيل

القدس – تلقي أزمة انتشار فايروس كورونا بظلالها على الساحة السياسية الإسرائيلية وإن كان البعض يعتبر أنها قد تشكل حافزا للإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة وبالتالي تجنب خيار الذهاب لانتخابات تشريعية رابعة.
وحذر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء المنتهية ولايته وزعيم حزب الليكود (يميني) في آخر إطلالة له من أن الأمور تزداد سوءا جراء أزمة كورونا، وأن الفايروس الذي يتفشى بشكل مخيف في أنحاء العالم قد يحصد عشرات الآلاف من الضحايا في إسرائيل، داعيا خصمه السياسي تحالف أزرق أبيض إلى ضرورة تشكيل حكومة وحدة بينهما، وأن يتناوب مع زعيم التحالف الوسطي الجنرال السابق بيني غانتس (المكلف بتشكيل الحكومة) على قيادتها.
وسجلت في إسرائيل الأحد 62 إصابة جديدة بفايروس كورونا المستجد، لترتفع حصيلة المصابين إلى 945 حالة، بينهم 20 في حالة حرجة. وفي غياب حكومة مستقرة، يتولى نتنياهو إدارة الأزمة وسط اتهامات من خصومه باستغلال الوضع المتأزم واحتكار سلطة القرار.
ويقابل نتنياهو مثل هذه الاتهامات بتأكيد حرصه على التوصل لتوافق مع تحالف أزرق أبيض (وسط) لإنهاء الشلل الحكومي، فيما ينظر الأخير بتردد كبير ممزوج بحالة من انعدام الثقة في نوايا زعيم الليكود.
وأكد نتنياهو مساء السبت، أن حزبه توصل إلى اتفاق مع “أزرق أبيض”، لتشكيل حكومة وحدة وطنية بينهما، “لكن الأخير يرفض التوقيع على الاتفاق، لسبب غير معلوم”.
وأماط نتنياهو في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية اللثام عن بنود الاتفاق قائلا “اتفقنا على تشكيل حكومة مناصفة بيننا في كل شيء، في رئاسة الحكومة وفي عدد الحقائب. بمعنى أن أتناوب أنا وبيني غانتس على رئاسة الحكومة، بحيث يقضي كل واحد منا سنة ونصف في هذا المنصب”. وأضاف “أما في ما يتعلق بالتشكيلة الوزارية، فقد اتفقنا على تقاسم الحقائب بشكل متساوٍ تماما في ما بيننا”.
وأوضح نتنياهو “تم التطرق خلال الاتفاق على 4 مناصب مهمة: رئاسة الكنيست ووزارة المالية، واقترح ‘أزرق أبيض’ أن تكون هذه المناصب من نصيبنا، وأن يأخذوا هم وزارتي الأمن والخارجية، ولكنني لا أعلم لماذا لم يوقعوا على الاتفاق بعد”.
وشدد “سأترك ‘منصب رئيس الوزراء’ في الموعد الذي نقرره لن تكون هناك ألاعيب. الملايين من المواطنين ينتظروننا لإنقاذ إسرائيل”، داعيا غانتس إلى الإسراع في اتخاذ قرار بشأن عرضه.
وحصل الليكود وحلفاؤه من اليمين على أغلبية طفيفة في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2 مارس الجاري لا تخول لهم بمفردهم تشكيل حكومة، ليضطروا إلى إعادة طرح مسألة تشكيل حكومة وحدة مع أزرق أبيض والتناوب على قيادتها، بعد أن أعلنوا في السابق رفضهم السير في هذا الخيار.
ولا يبدو أن تحالف أزرق أبيض متعجل لوضع يده في يد الليكود في غياب الثقة في نتنياهو ويعتبر التحالف الوسطي أن عرض الليكود تشكيل حكومة وحدة والتناوب على قيادتها، هي محاولة لقطع الطريق على جهود وضع حد لحياة نتنياهو السياسية ومنعه من الترشح لرئاسة جديدة للوزراء في ظل الاتهامات التي تلاحقه بالفساد.
وشكك أزرق أبيض في صدق عرض نتنياهو. وقال زعيمه غانتس على تويتر إن “نتنياهو وأي شخص يريد الوحدة لا يفرض إنذارات ويستخدم تسريبات جزئية وبالتأكيد لا يضر بالديمقراطية أو المواطنين ولا يشل البرلمان”.
ويتهم منتقدو نتنياهو بأنه يقوّض الديمقراطية في الوقت الذي يقود معركة البلاد ضد كورونا، من خلال عرقلة تشكيل لجان الكنيست الجديد للحيلولة دون مقترح عرضه تحالف أزرق أبيض للإطاحة برئيس البرلمان يولي أدلشتاين الذي ينتمي لليكود.
وقال أدلشتاين، الأحد، إنه حال تمكن تحالف “أزرق- أبيض” من الإطاحة به، فسوف تذهب البلاد إلى “جولة انتخابات رابعة”.
ومنع أدلشتاين، الأربعاء، تصويتا في الهيئة العامة على تشكيل “اللجنة المنظمة” المسؤولة عن تشكيل اللجان الدائمة بالكنيست، بما فيها تلك التي تراقب أداء الحكومة خلال أزمة تفشي فايروس كورونا، وأرجأ التصويت إلى الاثنين، فيما قال إنه يعتزم منع التصويت على انتخاب خليفة له.
وقال أدلشتاين في تصريحات الأحد لإذاعة الجيش الإسرائيلي “هدفنا جميعا هو تشكيل حكومة وحدة واسعة في نهاية الأمر”، معتبرا أن “انتخاب رئيس دائم للكنيست في ظل عدم وجود نية لتشكيل مثل هذه الحكومة هو يوم حزين، ورسالة للإسرائيليين أننا في الطريق لانتخابات رابعة”.
وتأتي تصريحات رئيس الكنيست قبل قرار مرتقب للمحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، بشأن التماس قدمه “أزرق- أبيض” بزعامة بيني غانتس و“الحركة من أجل نزاهة الحكم” (غير حكومية)، الأربعاء، للمطالبة بانعقاد الهيئة العامة للكنيست لانتخاب رئيس جديد له، بغرض تشكيل لجنة تعمل على وضع حد لإمكانية ترشح نتنياهو لرئاسة الوزراء.
والاثنين، تسلم غانتس، كتاب التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة، من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، بعد أن أوصى، 61 عضوا بالكنيست، بتكليفه.
ويقول محللون إن محاولات الطرفين والمناورات السياسية التي يقومان بها قد تنتهي في النهاية بخضوعهما إلى الأمر الواقع وتشكيل حكومة مشتركة خاصة في ظل تصاعد خطر تفشي فايروس كورونا والذي بدأ يؤثر بشكل خطير على الوضع الاقتصادي في البلاد.
وأعرب حزب “إسرائيل بيتنا” السبت، عن استعداده للتراجع عن مواقفه الأخيرة، ودعم حكومة برئاسة نتنياهو نظرا لأزمة فايروس كورونا. وقال زعيم الحزب أفيغدور ليبرمان، في مقابلة تلفزيونية، إننا “سندعم حكومة وحدة وطنية، دون تلقي أي شيء”.
ويعد إسرائيل بيتنا بيضة القبان التي من شأنها أن ترجح كفة هذا الطرف أو ذاك، وصدور موقف من زعيمه ليبرمان في هذا التوقيت بشأن دعم حكومة يقودها نتنياهو اختراق مهم، من شأنه أن يقلب المعادلة وقد يجبر أزرق أبيض على القبول فعليا بعرض نتنياهو.
ونبّه ليبرمان “سنصل إلى مليون عاطل عن العمل، والنمو سيكون 0 في المئة، وسندخل في ركود اقتصادي، وكل هذا ونحن لا نملك حتى لجنة مالية برلمانية في الكنيست”. ورأى أن “أول مريض قد يموت بدون سبب جراء فايروس كورونا، هو الاقتصاد الإسرائيلي”، مضيفا، “لم يكن الوضع الاقتصادي في إسرائيل سيئا، بالقدر الذي هو عليه اليوم، ولا حتى بعد حرب العام 1973”.
وكشفت معطيات حكومية إسرائيلية، الأحد، عن ارتفاع نسبة البطالة في البلاد، منذ بداية الشهر الجاري، بـ4 أضعاف، لتصل إلى 16.4 في المئة، وذلك على خلفية تفشي فايروس كورونا.