خصوم بوحجة يوصدون أمامه أبواب مبنى البرلمان الجزائري

وصلت أزمة البرلمان الجزائري إلى طريق مسدود، بعدما تمسك رئيسه سعيد بوحجة بمنصبه ورفض دعوات حزبه إلى الاستقالة، وفي ظل غياب نص قانوني يجبره على التنحي اختار نواب جبهة التحرير غلق باب البرلمان في خطوة تصعيدية، ما دفع بوحجة للاستنجاد بالرئيس بوتفليقة.
الجزائر - غلق العشرات من نواب الموالاة بالبرلمان الجزائري، صبيحة الثلاثاء، مدخل مبنى الهيئة بالعاصمة، لمنع رئيسه سعيد بوحجة، من الدخول احتجاجا على رفضه التنحي.
وتجمّع العشرات النواب من أحزاب الموالاة أمام المدخل الرئيسي للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) بهدف منع دخول رئيسه، مهدّدين بمواصلة احتجاجهم بعين المكان إلى غاية إعلانه الرحيل.
وللأسبوع الثالث على التوالي، يشهد المجلس الشعبي الوطني، أزمة بين نواب الموالاة، الذين يطالبون برحيل بوحجة، بدعوى “سوء التسيير”، مقابل تمسّك الأخير بمنصبه.
وقرر سعيد بوحجة، مراسلة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بوصفه رئيس البلاد ورئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، للبتّ في مسألة التصعيد الذي يمارسه خصومه عليه، لدفعه إلى التنحي من المنصب.
ووصف رئيس المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) تصعيد نواب الكتل النيابية المناوئة له، بتنظيم اعتصام مفتوح وغلق أبواب البرلمان بأقفال حديدية، بـ”العصابة” التي لا تمثّل إلا نفسها، ولا تملك أي أغلبية في الهيئة التشريعية كما تروّج له مزاعمها، وشدد على أن البقاء في منصبه، ليس “تمسكا به بل دفاعا عن الشرعية التي وضعت فيه”.
سعيد بوحجة نفى أن يكون لقرار الفصل من الحزب المتخذ في حقه، تأثيرا على أداء المجلس والمنصب الذي يشغله، وأرجع ذلك إلى كون المناوئين له لا يمثلون الأغلبية
وكان المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، قد قرر في اجتماعه الأخير، رفع الغطاء السياسي لرئيس البرلمان، باعتباره ينحدر منه، فضلا على دعوته للمثول أمام لجنة الانضباط بتهم إرباك إحدى مؤسسات الدولة، وعصيان قرارات الحزب، الذي انتخبه لقيادة الهيئة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو 2017.
ويمثّل رفع الحزب الحاكم الغطاء السياسي عن بوحجة، خطوة رمزية، فهي من الجانب القانوني ليست حاسمة.
إذ لا يتيح الدستور، فضلا عن القوانين الداخلية للبرلمان، تغيير رئيس المجلس سوى في حالات الوفاة أو العجز الصحي أو الاستقالة.
وينتظر خلال أيام أن تراسل لجنة الانضباط في الحزب الحاكم، بوحجة، للاستماع إليه، قبل إصدار قرار بشأن عضويته في الحزب بالتجميد أو الفصل نهائيا.
وصرّح رئيس الكتلة النيابية لحزب الجبهة الشعبية الجزائرية بربارة الشيخ، لـ”العرب”، بأن “نواب الأغلبية مصرّون على رحيل سعيد بوحجة من قيادة الهيئة التشريعية الأولى، وأن عريضة سحب الثقة التي وقّع عليها 351 نائبا تمثّل ثقلا لا غبار عليه، وما على الرجل إلا الامتثال لرأي الأغلبية، وعدم الزج بالمؤسسة في مأزق يعطل السير العادي لمؤسسات الدولة “.
وأضاف “نحترم ونقدر الماضي النضالي لسعيد بوحجة، لكن الأغلبية لا تريد العمل معه ولا يمكن لها ذلك، في ظل الاختلالات التي ميّزت مرحلة رئاسته للهيئة التشريعية، وما عليه إلا التحرر من هيمنة الأطراف التي تدفعه لتأزيم الوضع أكثر”، في إشارة إلى بعض النواب الذين يدعمون بوحجة، ويساندون استمراره في منصبه.
وقال سعيد بوحجة في تصريح للصحافيين، بأن “النواب الذين قاموا بإغلاق باب البرلمان لإجباري وتهديدي بعدم الالتحاق بمكتبي، لا يمثّلون الأغلبية.. إنهم عصابة صغيرة خارجة عن القانون، كان عليهم ألاّ يتبعوا هذا الأسلوب وأن يعودوا إلى نشاطهم الطبيعي لإضفاء الشرعية على العمل البرلماني قبل الدخول في حوار نفتح فيه كافة الملفات، وهذا ما طلبناه ونطالب به، لكن هؤلاء يرغبون في التصعيد والدخول في صراعات نحن في غنى عنها”.
وفيما رفض وصف الحراك القائم بـ”التصعيد “، شدّد على أن ما قام به العشرات من النواب الثلاثاء، هو تلبية للتحريض الذي يشنّه الأمين العام للحزب جمال ولد عباس، من خلال اتخاذ قرار استبعاده من الحزب.
وأضاف “لكن ذلك يبقى غير شرعيّ، لأن هيئة المكتب السياسي نفسها غير شرعية لأنها انبثقت عن قرار للأمين العام، وليس عن اللجنة المركزية المخوّلة بموجب تشريعات الحزب باتخاذ مثل هذه القرارات، وحتى اللجنة المركزية نفسها مجمدة ولم تجتمع لحد الآن، رغم مرور شهور كاملة على الموعد القانوني”.
ويماطل ولد عباس في دعوة هيئة اللجنة المركزية للانعقاد، حيث أرجأ ذلك في عدة مرات، تفاديا لأي سحب للبساط من تحته، لا سيما في ظل وجود تململ داخلي وسعي أعضائها للعمل على سحب الثقة من منه.
وخلف ولد عباس الأمين العام السابق عمار سعداني العام 2016، دون المرور على تزكية اللجنة المركزية أو عقد مؤتمر استثنائي.
ونفى سعيد بوحجة في تصريحه، أن يكون لقرار الفصل من الحزب المتخذ في حقه، تأثيرا على أداء المجلس والمنصب الذي يشغله، وأرجع ذلك إلى كون المناوئين له لا يمثلون الأغلبية.
وشدد على أن العريضة المتداولة مشكوك في صحتها وشرعيتها لأنها لم تقدم للرأي العام، فضلا على أن تشريعات المجلس واضحة، وتحصر مسالة الشغور في الوفاة أو العجز أو الاستقالة، وأنا غير مستقيل من منصبي.
وكان ولد عباس جدد الأحد الماضي دعوة بوحجة إلى الاستقالة، مذكرا إياه بما حدث لكل من مهري ومساعدية وبن حمودة وبومعزة، مشيرا إلى أنه سيعرف نفس المصير وهو التنحي، ثم تمريره إلى المجلس التأديبي للحزب بسبب إخلاله بالنظام الداخلي.
وقال “بوحجة أقدم على إقصاء الأمين العام للبرلمان دون استشارة أعضاء الغرفتين الأولى والثانية”، مشيرا إلى أن “المادة التاسعة من النظام الداخلي تلزم الرئيس قبل اتخاذ القرار باستشارة أعضاء المكتب”.