خامنئي أقصى الإصلاحيين فامتنع الإيرانيون عن التصويت

تلقى الأصوليون صفعة جديدة، الأحد، بعد صدور نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت، الجمعة، والتي لم تتجاوز الـ42 في المئة وهي أدنى نسبة تسجلها انتخابات تشريعية في إيران منذ قيام ثورة 1979 لتضع مرة أخرى سياسات المرشد الأعلى والمتشددين تحت المجهر، خاصة وأنهم عمدوا إلى إقصاء الإصلاحيين من هذا السباق للسيطرة على البرلمان.
طهران - أعلن وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي، الأحد، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أجرتها بلاده، الجمعة، بلغت 42.57 في المئة في انتخابات اكتسحها المتشددون وخلفت ردود فعل مستاءة من إقصاء الإصلاحيين.
وتعد هذه أدنى نسبة مشاركة في انتخابات من هذا النوع منذ إقامة الجمهورية الإسلامية عام 1979. وكانت وزارة الداخلية أعلنت قبل التصويت أن نسب المشاركة في كل من عشرة انتخابات تشريعية سابقة قد تجاوزت الـ50 في المئة.
وقال عبدالرضا رحماني فضلي إن أكثر من “24 مليونا أدلوا بأصواتهم، الجمعة، من بين 58 مليونا يحق لهم التصويت في الانتخابات”. وأضاف الوزير الإيراني خلال مؤتمر صحافي “نظمنا هذه الانتخابات في الوقت الذي كنا نواجه فيه عدة أحداث”.
وأكد أنّ هذه النسبة “مقبولة تماما”، مضيفا “عانينا من سوء الأحوال الجوية وشهدنا على فايروس كورونا المستجد وعلى سقوط الطائرة، علاوة على أحداث يناير ونوفمبر”.
ويرى مراقبون أن الإيرانيين خيروا عدم إضفاء شرعية أكبر على نظام مهتز وأدخل بلادهم في متاهات أزمة اقتصادية خانقة بسبب العقوبات المفروضة على طهران.
ولم يتوان المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، في الاستنجاد بنظرية المؤامرة في تبريره لأسباب عزوف الإيرانيين هذه المرة على الانتخاب.
24 مليون إيراني أدلوا بأصواتهم من بين 58 مليونا يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية
وقال خامنئي، الأحد، إن أعداء إيران سعوا لإثناء الناس عن التصويت في الانتخابات البرلمانية التي جرت، الجمعة، بتضخيم خطر فايروس كورونا الجديد، مستبعدا في نفس الوقت أن تكون نسب المشاركة سيئة.
وأعلنت وزارة الداخلية النتائج النهائية للانتخابات في طهران على التلفزيون الرسمي، والتي أظهرت فوز المحافظين الذين يدينون بالولاء لخامنئي بثلاثين مقعدا للعاصمة بقائمة يتصدرها محمد باقر قاليباف، الذي كان قائدا للقوات الجوية بالحرس الثوري.
وسجلّ قاليباف، الذي عمل أيضا من قبل رئيسا للشرطة الوطنية وهو من قدامى المحاربين، هو ما جعله مفضلا لدى الزعيم الأعلى وعزز فرصه في شغل منصب رئيس البرلمان القادم.
وعلى الرغم من أن فرز وإحصاء الأصوات لا يزالان مستمرين في بعض المدن إلا أن غلاة المحافظين ضمنوا على ما يبدو ما يكفي من المقاعد في أنحاء البلاد لتكون لهم الأغلبية في البرلمان المقبل.
وبالرغم من نهاية العملية الانتخابية وتواصل فرز الأصوات إلا أن ذلك لم ينه الجدل القائم بشأن استبعاد المرشحين الإصلاحيين الذين تشير النتائج الأولية إلى فوزهم بـ18 مقعدا فقط من 290 مقعدا.
وبشأن امتناع الإيرانيين على التصويت، الجمعة، تلقي المعارضة باللوم على المتشددين الذين يسيطرون على مجلس صيانة الدستور المكلف بفحص أوراق المرشحين والذي تعمد إقصاء أكثر من 7 آلاف مرشح إصلاحي.
وفي حديثه عن نسب الإقبال الضعيفة على هذا الاستحقاق الانتخابي قال نجل الرئيس الإيراني السابق علي أكبر رفسنجاني، ياسر رفسنجاني، الأحد، إن “الناس يصوتون حين يتصورون أن هذا التصويت من شأنه أن يخلق التغيير. وشعر الشعب بأنه ظل يرسل رسائل إلى الحكومة ولكنها لم تُسمع”.
وأضاف نجل الرئيس السابق أنه “في الانتخابات الأخيرة، صوت الناس لصالح البرلمان لإحداث التغيير، ولم يحدث هذا لأن هناك قوى خارج البرلمان على غرار الحرس الثوري تعمل على الحد من سلطة البرلمان“.
وتُعد هذه الانتخابات التي نجح فيها المتشددون بعد إقصائهم للمعتدلين امتحانا عسيرا للمؤسسة الدينية.
ومن أجل الحد من الانتقادات الموجهة لنزاهة الانتخابات أشار خامنئي إلى أن وسائل الإعلام الأجنبية قامت بـ“إثناء الإيرانيين عن الانتخاب” وتخويفهم من فايروس كورونا.
وأعلنت إيران، التي كشفت عن أول حالة إصابة بكورونا قبل يومين من التصويت، عن 43 حالة إصابة و8 وفيات في أربع مدن منها العاصمة. وتسجل إيران بذلك العدد أعلى معدل وفيات بالفايروس خارج الصين موطن المرض.
وتأتي هذه التصريحات لتُظهر مدى ارتباك المتشددين الإيرانيين الذين فقدوا حظوتهم في الشارع بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية ومواصلة واشنطن حملة “الضغوط القصوى” ضد طهران.
ويحتاج الأصوليون إلى نسبة إقبال كبيرة في الانتخابات لتعزيز شرعيتهم التي تآكلت وتضررت بالاحتجاجات التي ضربت البلاد في نوفمبر وفي يناير.
وقابلت السلطات الإيرانية آنذاك المظاهرات المنددة بالزيادة في أسعار الوقود بحملة قمع وحشية زادت الاستياء من المصاعب الاقتصادية والفساد.
واندلعت احتجاجات أخرى في يناير بعد إسقاط الجيش الإيراني طائرة مدنية أوكرانية “على وجه الخطأ” ما تسبب في مقتل 176 شخصا. وجاء إسقاط الطائرة المنكوبة في يناير في معرض رد طهران على قتل الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني، في العاصمة العراقية. وكان خامنئي حث الإيرانيين على التصويت، قائلا إن التصويت “واجب ديني”.
ومن أجل تبرير إقصائه للمعتدلين وامتصاص غضب الإيرانيين قبل فتح مراكز الاقتراع أبوابها قال خامنئي إنه “لا مكان للخائفين من مواجهة أعداء الخارج في البرلمان القادم”.
وسجلت نسبة المشاركة 62 في المئة في الانتخابات البرلمانية في 2016 و66 في المئة في 2012، ما يعني أن النسبة المسجلة هذا العام أضعف نسبة في آخر استحقاقات انتخابية تجريها إيران.