خارطة طريق تونسية شاملة لمواجهة البطالة المرتفعة

رهان على برنامج "مبادرون" لتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومبادرات حكومية طموحة تستهدف المناطق الفقيرة.
الخميس 2018/07/12
مشاريع صغيرة لكنها مربحة

تونس – كشفت الحكومة التونسية عن تفاصيل برنامج يعمل على تحفيز العاطلين عن العمل في المناطق المهمشة على إطلاق مشاريعهم الخاصة، في خطوة يرى خبراء أنها متأخرة.

ويأتي مشروع الإدماج الاقتصادي للشباب (مبادرون) في سياق استراتيجية حكومية بالتعاون مع البنك الدولي لمساعدة الأسر الفقيرة ودمجها في النشاط الاقتصادي، لمكافحة البطالة، التي تفاقمت في السنوات السبع الأخيرة.

وأكد وزير التشغيل فوزي عبدالرحمن خلال افتتاح ورشات عمل عقدت هذا الأسبوع  على الأهمية الاستراتيجية لمثل هذه البرامج، في ظل تحسن معدل النمو والاتجاه نحو توفير فرص عمل جديدة في القطاع الخاص.

كما شدد على ضرورة ضخ تمويلات المشروع باتجاه الاحتياجات الأساسية لسوق العمل. وقال “نريد تغيير الانطباع العام عن برامج الدولة في هذا المضمار واسترجاع ثقة المواطن فيها”.

وتسعى الحكومة بقيادة يوسف الشاهد إلى الخروج من عباءة منظومة العمل القديمة، التي تقوم على العمالة غير الكفؤة حيث يرى اقتصاديون أنها كانت من بين الأسباب التي أدت لزيادة معدلات البطالة في السنوات الأخيرة لتبلغ وفق البيانات الرسمية نحو 15.3 بالمئة في الربع الأول من 2018.

10 آلاف فرصة عمل يوفرها برنامج "مبادرون" الذي رصد له البنك الدولي 60 مليون دولار

وتلقت تونس دعما في طريق إنجاح مسار الإصلاح الاقتصادي، كانت قد بدأته قبل عامين ويركز في جزء كبير منه على تجميد الوظائف في القطاع العام، حين وافق البنك الدولي في سبتمبر الماضي على تمويل هذا البرنامج الطموح البالغة تكلفته 60 مليون دولار.

ولكن التجاذبات السياسية والاحتجاجات في الأشهر الماضية أخرت إطلاق البرنامج بشكل رسمي، بينما البلاد في أمسّ الحاجة إلى الاستقرار من أجل إعادة الثقة في مناخ الأعمال والمضي قدما في تعزيز نشاط المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وسيركز البرنامج، الذي سيستفيد منه قرابة 10 آلاف شخص، بالأساس على تحديد وتنمية سلاسل الإنتاج، التي تتسم بإمكانيات كبيرة في توفير الوظائف، وبالتالي إعادة إحياء الأنشطة الاقتصادية بعد دخولها في ركود منذ العام 2011.

وأكد محسن بن تواتي مدير عام بوزارة التشغيل في تصريحات لـ“العرب”، أن البرنامج يقدم خدمات تستجيب لاحتياجات العاطلين بما يضمن اندماج الشاب في سوق العمل.

وأوضح أن ميزة “مبادرون” تتمثل في تقديم برامج لفائدة الفئات الضعيفة، والتي تستفيد من المساعدات الحكومية لا تتجاوز 150 دينارا (نحو 70 دولارا) للفرد الواحد شهريا.

وقال “لا نريد أن تبقى هذه الفئات في تبعية للدولة، بل نوفر لهم الإمكانيات اللازمة للحصول على مورد رزق ثابت”.

ويستهدف برنامج الحكومة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، في كل من ولايات منوبة وجندوبة والقصرين والقيروان وصفاقس وسليانة وقبلي، في مرحلة أولى على أن يشمل ولايات أخرى في المرحلة الثانية.

فوزي عبدالرحمن: نرغب في تغيير النظرة لبرامج الدولة واستعادة ثقة المواطن فيها
فوزي عبدالرحمن: نرغب في تغيير النظرة لبرامج الدولة واستعادة ثقة المواطن فيها

ويمنح “مبادرون” مشاركة أوسع للمرأة عبر حزمة من الاستراتيجيات لإزاحة العراقيل أمام دخولها في النشاط الاقتصادي بتخصيص موارد لمساعدتها على التخلص من مسؤولياتها المنزلية على شكل مساعدة نظير الاهتمام بالأطفال أو بالأقارب من كبار السن.

وتتعاون وزارة التشغيل لتنفيذ البرنامج مع وزارات الشؤون الاجتماعية والتنمية والاستثمار والصناعة والتجارة والشؤون المحلية والشباب والمرأة والأسرة، من أجل إنجاح البرنامج، الذي تشارك في تنفيذه حوالي 250 شركة صغيرة ومتوسطة وقرابة 250 جمعية مدنية.

ولتنفيذ البرنامج، استلهمت الجهات المعنية من تجارب سابقة من بينها مشروعان، الأول لتعزيز القدرة التشغيلية للشباب، والثاني لإدماج العاملين في قطاعات غير نظامية ضمن المنظومة الاقتصادية الرسمية.

وأفادت أحلام خديجة عون الله المسؤولة بوكالة التشغيل والعمل المستقل، لـ“العرب”، أن المشروع الذي تشرف عليه يرافق الباحثين عن عمل في المهارات الحياتية، بالإضافة إلى إحداث نواد تقدم لهم المساعدة العملية.

ويقدر القائمون على تنفيذ مشروع الإدماج الاقتصادي للشباب أن شروط الاستفادة بالبرنامج تتوفر في حوالي 170 ألف تونسي.

ولا يزال الاقتصاد التونسي حتى الآن يعاني من التركة الثقيلة للسياسات الاقتصادية المرتبكة لحكومة الترويكا التي قادتها النهضة في عام 2012 وتسببت في أزمات كثيرة انسحبت على معظم مظاهر الحياة الاقتصادية للمواطنين.

وحاولت الحكومات المتعاقبة خلال السنوات السبع الماضية وضع برامج لتعزيز سوق العمل والحد من العاطلين عن العمل، والذين يقدر عددهم المعهد الوطني للإحصاء بحوالي 639 ألف شخص، ولكن دون جدوى.

وبدأت الحكومة الحالية بخطى بطيئة منذ مطلع العام الحالي في تنفيذ خطة شاملة للنهوض بسوق العمل الهش حيث رصدت لها حوالي 225 مليون دينار (حوالي 90 مليون دولار).

ويرى بن تواتي أن مشروع مبادرون يعد نموذجا بالنسبة لوزارة التشغيل لتقييم سياساتها في مكافحة البطالة. وقال “إذا نجحنا سنعدل برامج توظيف العاطلين عن العمل” في المستقبل.

10