خارطة طريق تنظم مسار انتخابات الاتحاد التونسي لكرة القدم

لا تزال أزمة الاتحاد التونسي لكرة القدم تراوح مكانها، ففي الوقت الذي خيّل إلى الجميع أنها ستنتهي بمجرّد الذهاب إلى انتخابات تفضي لاختيار مكتب جامعي جديد يسهر على دواليب الكرة في البلاد، تم إسقاط القوائم المترشحة مع تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي سيضع خارطة طريق تنظم المسار الانتخابي.
تونس - أنهى وفدٌ من الاتحادين الدولي “فيفا” والأفريقي “الكاف” لكرة القدم زيارته إلى تونس، والتي تنزلت في إطار إعداد تقارير مفصلة حول وضع الاتحاد التونسي لكرة القدم بعد إيقاف رئيسه وديع الجريء منذ شهر أكتوبر الماضي.
ويقول مراقبون، إن هذه الزيارة كانت بطلب من نائب رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم واصف جليل بعد إلغاء الجلسة العامة الانتخابية للاتحاد التونسي لكرة القدم التي كانت مقررة يوم 9 مارس الجاري بسبب رفض اللجنة المستقلة للانتخابات قبول ملفات القوائم المترشحة.
ويذهب بعض المتخصصين في القانون الرياضي، إلى أن المكتب الحالي سيواصل مهامه كهيئة تسييرية مؤقتة تتولى إدارة شؤون الأندية والمنتخبات والمسابقات المشاركة فيها، إلى حين تعيين موعد جديد لجلسة عامة انتخابية في أجل أقصاه 60 يوما وهو ما يكون قد دعا إليه وفد فيفا في زيارته إلى تونس.
وتؤكد تقارير إعلامية، أن وفدي “فيفا” و”الكاف” عقدا يومي الأربعاء والخميس، عددا من الاجتماعات مع ممثلي الاتحاد التونسي لكرة القدم، واللجنة المستقلة للانتخابات التابعة للاتحاد واللجنة الوطنية للاستئناف التي رفضت قبول ترشح 3 قوائم دخلت غمار السباق الانتخابي، كما عقدت اجتماعات مع ممثلي وزارة الشباب والرياضة التونسي التي أكدت عدم تدخلها في عمل الاتحاد ومن ثم احترامها للقوانين المسيّرة للهيكل المشرف على اللعبة الشعبية الأولى في البلاد.
تمديد بشهرين
وقررت اللجنة الوطنية للاستئناف بالاتحاد التونسي لكرة القدم يوم 23 فبراير الماضي بعد تعهدها بالنظر في الطعون الخمسة الصادرة عن القوائم الثلاث المترشحة لسباق انتخابات اتحاد الكرة التونسي، إسقاط جميع القوائم المتنافسة.
وتخص القوائم المترشحة، الرئيس السابق لفريق المستقبل الرياضي بالمرسى ماهر بن عيسى، وجلال تقية الذي تقلد عديد المناصب كمسؤول في اتحاد كرة القدم ومستشار لوزير الشباب والرياضة السابق طارق ذياب، ورئيس الاتحاد التونسي للرياضة للجميع، سنوات طويلة، في حين تعلقت القائمة الثالثة بالمسؤول وسام اللطيف وهو رئيس رابطة كرة القدم في الساحل التونسي.
وحول مخرجات زيارة وفد فيفا إلى تونس، قال الإعلامي الرياضي ورئيس تحرير موقع زاجل طارق الغديري إن “الزيارة روتينية، بعدما وصلنا إلى طريق مسدودة، والمكتب الجامعي الحالي لا يملك نصا قانونيا واضحا”، مؤكدا أن “فيفا أرسل موظفين سامين لديها وهما المصري أحمد الحراز مسؤول الحوكمة الرشيدة صلب الاتحاد الدولي والسويسري – الكاب فيردي جيلسون فرنانديز المدير الجهوي المسؤول عن شؤون الاتحادات الأعضاء في أفريقيا (لعب مع اللاعب الدولي السابق، أسامة الدراجي في نادي سيون السويسري)”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “جلس المبعوثان مساء الثلاثاء الماضي مع أعضاء من المكتب الجامعي لكرة القدم وطلبوا التمديد في المدة النيابية لهم حتى شهر يونيو المقبل (أي التمديد بثلاثة أشهر) ولكن فيفا يحبّذ التمديد للمكتب الحالي حتى شهر مايو لحين إجراء الانتخابات”.
وتابع الغديري، “جلس المبعوثان يوم الأربعاء مع أعضاء اللجنتين المستقلة للانتخابات والاستئناف واطلعا على كل الملفات والإجراءات الخاصة بالمسار الانتخابي للجامعة التونسية لكرة القدم، كما جمعتهما جلسة مع كمال دڨيش وزير شؤون الشباب والرياضة واطلعا على موقف السلطة في تونس من المسار الانتخابي للجامعة، كما اطلعا على عدة ملفات أخرى ذات صلة”، لافتا أن “مهمة المبعوثين انتهت بالتأكيد على أن فيفا سيرسل يوم 15 مارس الجاري للجامعة التونسية لكرة القدم خارطة طريق، ستنظم المسار الانتخابي الجديد وتحدد مدة التمديد للمكتب الجامعي الحالي”.
ويؤكد الإعلامي الرياضي أنه “كان بالإمكان الالتجاء إلى حل محليّ وأن يتم التساهل مع القوائم التي قدمت ترشّحها، لكن تمّ تطبيق القانون بصرامة”. ومنذ إيقاف الرئيس السابق، للاتحاد التونسي لكرة القدم، الذي تلاه خروج مدوّ للمنتخب المحلي منذ الدور الأول لمسابقة كأس أمم أفريقيا بكوت ديفوار، تصاعدت الدعوات المطالبة في الشارع الرياضي بضرورة القيام بمراجعات شاملة للكرة التونسية على المستويين الإداري والفني.
وكثيرا ما رافقت منصب رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم تجاذبات رياضية وأخرى ذات طابع “سياسي”، كرست تداخلا بين المجالين، وهو ما ساهم حسب خبراء في الميدان بتراجع مستوى الكرة محليا وقاريا.
وأوقف القضاء التونسي وديع الجريء للتحقيق معه في قضية شبهة فساد حسب ما أعلنت وزارة شؤون الشباب والرياضة. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الشباب والرياضة شكري حمدة في تصريحات إعلامية سابقة، إن قرار التوقيف جاء إثر “شكاية قضائية تقدمت بها الوزارة تتعلق بعدم شرعية عقد مبرم بين الجامعة (الاتحاد التونسي) ومدير فني”. كما أكّد المتحدث أن القضية “تتعلق بشبهات فساد مالي داخل الاتحاد”.
وأنتخب الجريء رئيسا للاتحاد التونسي للكرة في العام 2012 وفي السنوات الأخيرة تواترت الاتهامات في حقه والمتعلقة بالتلاعب بنتائج المباريات وبالفساد المالي وتبييض الأموال من قبل الأوساط الإعلامية الرياضية، لكنه دائما ما يفندها.
وكثيرا ما تحدّثت وسائل إعلام محلية عن خلافات متواصلة بينه وبين وزير الشباب والرياضة بشأن القرارات التي يتخذها. ونشب منذ 2020 خلاف حاد بين الجريء ورئيس نادي هلال الشابة توفيق المكشر بعد أن نشر الأخير تدوينة على موقع فيسبوك يدعو فيها الاتحاد إلى الشفافية في التصرف في الأموال ويطالب بتدقيق إداري.
وتساءل أستاذ القانون الرياضي طارق العلايمي حول “عدم إصدار المكتب الجامعي الحالي لبلاغ رسمي، يشرح فيه مخرجات زيارة وفد فيفا إلى تونس”، قائلا إن “المسار الرياضي للاتحاد التونسي لكرة القدم محكوم بالقانون الذي صادق عليه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)”.
موعد جديد لجلسة انتخابية
ولفت في تصريح لـ”العرب” أن “المدة النيابية للمكتب الجامعي تقدر بأربع سنوات، وقبل نهاية كل عهدة، يتم الإعلان عن موعد جلسة عامة انتخابية لاختيار مكتب جامعي جديد، وكان المكتب الحالي قد أصدر بلاغا بتاريخ 30 يناير 2024 حدّد فيه موعدا للجلسة العامة الانتخابية التي كان من المزمع إجراؤها في 9 مارس الجاري، مع فتح باب الترشّحات”.
وأكد العلايمي أن “إعلام الاتحاد التونسي لفيفا كان في إطار القانون، ثم سقطت كل القوائم المترشحة، وهذا ما يفهم منه أن مكتب الاتحاد الحالي قرّر أن يواصل مهامه كهيئة تسييرية إلى حين تعيين موعد جديد لجلسة عامة انتخابية في أجل 60 يوما وهو ما يكون قد دعا إليه وفد فيفا”.
وأوضح أستاذ القانون الرياضي “في كل الأحوال سنكون أمام دعوة لجلسة عامة انتخابية مقبلة لا تتجاوز ستّين يوما، أو حتّى قبل نهاية الموسم الرياضي الحالي، ونأمل هذه المرة أن تلتزم كل القوائم بمختلف الشروط القانونية”.
بدوره، أفاد المحامي وأستاذ القانون الرياضي أنيس بن ميم أن “الاتحاد التونسي لكرة القدم اتحاد منضو تحت فيفا، وسيتم التمديد للمكتب الجامعي الحالي لمدة شهرين إضافيين، إلى حين استكمال المسار الانتخابي”. وأكّد في تصريح لـ”العرب” أن “المكتب الحالي كان أمام إشكال انتهاء المدة في 15 مارس، والتمديد كان أمرا مطلوبا”.
وكان القانون الانتخابي الذي أقرّه الرئيس قيس سعيد قد حسم الجدل حول الجمع بين تولّي منصب رئاسة جمعية أو هيكل أو هيئة رياضية، وعضوية البرلمان، ما أعاد إلى الواجهة قضية التداخل بين السياسة والرياضة.
وقال قيس سعيّد إن “الشعارات الرياضية تحتاج إلى دراسة في جامعة العلوم السياسية فهناك جماهير كانت تصف فريقها بـ’الدولة’ فيتم الردّ عليها من الفريق المنافس بـ’يا رشوة’، ما يعني أن الدولة تساوي الرشوة”.
وأضاف خلال لقاء جمعه برئيس الحكومة أحمد الحشاني في القصبة أن “الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاولون العبث بمقدرات الدولة سواء في الثقافة أو الرياضة أو غيرهما من الميادين. وأنّى لهم أن يعودوا إلى مواقعهم كما يرغبون أو كما يرتّبون له حتى من وراء القضبان”.
وقرر الاتحاد التونسي لكرة القدم، يوم الجمعة 26 يناير الماضي، إنهاء مهام المدرب الأول لمنتخب “نسور قرطاج” جلال القادري والمدربين المساعدين له سليم بن عاشور وعلي بومنيجل والمعدين البدنيين للمنتخب نتيجة سوء المردود والخروج من الدور الأول من كأس أمم أفريقيا 2024 وعدم تحقيق الأهداف المتفق عليها.
كما أعلنت تكليف المدربين أنيس البوسعايدي ومنتصر الوحيشي بقيادة المنتخب الوطني إلى حين تعيين مدرب وطني جديد، إلى جانب تكوين لجنة سيتم الإعلان عن تركيبتها في أقرب الآجال تضم ممثلا عن ودادية المدربين التونسيين، ومن الفنيين واللاعبين الدوليين القدامى المشهود لهم بالكفاءة لاقتراح المدرب الوطني الجديد.
وبعد الخروج المخيّب من الدور الأول لبطولة كأس أمم أفريقيا 2024، أعلن المدرب جلال القادري رحيله عن تدريب المنتخب التونسي مباشرةً بعد نهاية مواجهة جنوب أفريقيا بالتعادل دون أهداف.