حوار مشروط في الكويت: العفو عن النواب ومساءلة رئيس الوزراء

الكويت – قالت أوساط سياسية كويتية إن الحوار الذي ينتظر أن يبدأ اليوم بين الحكومة ونواب من المعارضة حوار مشروط، خاصة أن المعارضة نجحت في فرض شروطها التي من بينها تعهد حكومي بعفو أميري عن نواب معارضين صدرت بحقهم أحكام في قضايا من أبرزها حادثة اقتحام مقر مجلس الأمة.
وأضافت هذه الأوساط أن المعارضة رفضت في المقابل أي محاولة لتحصين رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد من المساءلة في البرلمان وتأجيل الاستجوابات المقدمة ضده، وهو ما كانت الحكومة تأمل في الحصول عليه مقابل العفو المنتظر على النواب المحكومين المتواجدين في لندن وتركيا، والنواب السابقين والناشطين المحكومين في قضية اقتحام المجلس، والمحكومين في قضايا الرأي وقضايا أمن الدولة.
ويأتي هذا الحوار استجابة لدعوة أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، في مسعى لإنهاء المواجهة التي أحبطت الجهود الرامية إلى تعزيز المالية العامة للدولة وتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية.

محمد الدوسري: انفراجة قريبة في ملف العفو وتفكيك الخلافات الشائكة
وتواجه الدولة الخليجية الغنية بالنفط مخاطر تتعلق بشح شديد في السيولة بعد أن تضررت ميزانيتها بسبب انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا لأن البرلمان المنتخب -الذي سيعود من عطلته الصيفية في السادس والعشرين من أكتوبر- لم يأذن للحكومة بالاقتراض.
وقال محللون إن دعوة الأمير التي أطلقها الأسبوع الماضي للحوار الوطني بين الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) قد تخفف من حدة الشلل الذي يعتري الحياة البرلمانية، حيث يصر النواب على استجواب رئيس الوزراء في قضايا عديدة من بينها التعامل مع جائحة كورونا والفساد.
وطالب النائب المعارض محمد المطير -وهو عضو كتلة الواحد والثلاثين التي تضم أطياف المعارضة- في تدوينة على تويتر يوم الأحد النواب المشاركين في الحوار “بوجوب الالتزام بأهم قضيتين… إصدار العفو الكريم (عن المعارضين) وسحب رئيس الوزراء طلب تحصينه قبل انتهاء الحوار وبدء دور الانعقاد” الجديد للبرلمان.
وشكك نواب المعارضة في دستورية إجراء تم التصويت عليه في البرلمان في مارس الماضي، يقضي بتأجيل الاستجوابات المقدمة والمُزمع تقديمها إلى رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح إلى نهاية 2022.
وقال المحلل السياسي الكويتي محمد الدوسري إن “هناك شعورا بانفراجة قريبة سواء في ملف العفو (عن المعارضين) أو تفكيك القضايا الشائكة بين السلطتين، وهذا أمر ملموس”.
وأشار الدوسري إلى أن الدعوة للحوار في حد ذاتها، باعتبارها تحظى برعاية أمير البلاد، ستجعل الجميع حريصين على إنجاحه كما أن “السلطة مدركة أن أي حل لمجلس الأمة في ظل هذه الأزمة… سينتهي بأزمة جديدة مع المجلس المقبل بسبب المزاج الشعبي العام”.
ولفت إلى أن الملفات المطروحة للنقاش ستتعلق بمدى استمرار شخصيات سياسية في إدارة السلطة التنفيذية والنظام الانتخابي وقوانين الحريات العامة والقانون المعروف بقانون المسيء، الذي يعاقب المسيء للذات الإلهية والأنبياء والأمير، بالإضافة إلى قضايا الإصلاح الاقتصادي كقانون الدين العام والضرائب.

هشام العوضي: الأزمة السياسية تأخذ منحى الحدة والمفصلية
والكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تمنح سلطات كبيرة للبرلمان المنتخب، حيث يمكن للنواب تعطيل القوانين واستجواب الوزراء ورئيس الوزراء، رغم أن الأمير له الكلمة الأخيرة في شؤون الدولة.
ورحبت قوى سياسية رئيسية، في بادرة وصفت بالجنوح نحو التهدئة، بدعوة أمير الكويت إلى “المصالحة الوطنية”، وتتمثل هذه القوى في الحركة الدستورية الإسلامية والمنبر الديمقراطي وحركة العمل الشعبي والتحالف الإسلامي الوطني والتجمع الإسلامي السلفي والتحالف الوطني الديمقراطي.
وأدت الخلافات المستمرة والمآزق السياسية المتكررة على مدى عقود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت إلى إجراء تعديلات حكومية متتالية وحل البرلمان، وهو ما أعاق مشاريع الاستثمار والإصلاح الاقتصادي في البلاد التي شهدت عجزا قياسيا في ميزانيتها العامة بلغت قيمته 35.5 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في الحادي والثلاثين من مارس 2021.
وقال هشام العوضي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالكويت إن الأزمة السياسية اليوم مختلفة عن الأزمات السابقة، “فهي تأخذ منحى الحدة والمفصلية”، وإن دعوة الأمير إلى الحوار تعني أن المطالب والمواقف “وصلت إلى طريق مسدود وهو انسداد غير مسبوق”.
وأضاف العوضي أن الأغلبية الصامتة من الشعب الكويتي تريد أن ترى حلا لحالة الاحتقان السياسي القائم حاليا بين مجلس الأمة والحكومة وأن يؤدي الحوار في النهاية إلى مخرج ينعكس في سرعة وتيرة إنجاز المشاريع وعودة الكويت إلى سابق عهدها في الازدهار.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور غانم النجار إن الحوار قد يؤدي الى توافق على بعض القضايا وحل بعض المشكلات العالقة “إلا أنه من غير المتوقع أن يحدث اختراقا كبيرا لإنهاء الأزمة السياسية، ولكنها خطوة على الطريق، قد تنجح وقد لا تنجح”.
وشدد النجار على أن ميزان القوى يميل لصالح الحكومة التي “تستطيع التراجع عن أي اتفاق وتملك أدوات ذلك التراجع”، معتبرا أن غياب جماعات سياسية بالمعنى المعروف هو إحدى إشكاليات العمل السياسي في الكويت، حيث “تهيمن على الساحة السياسية آراء فردية مما يضعف إمكانية الخروج من المأزق السياسي”.
