حملات التوعية بمكافحة سرطان الثدي في مصر تقابل بالتحرش

القاهرة – بدأت المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي في جلسة اليوغا بالضحك لرفع المعنويات، كجزء من برنامج الدعم النفسي الذي تقدمه، وإجراء تمرينات “التشي كونغ” التي تخفف الألم والتيبس الوارد حصولهما بعد عمليات الاستئصال، وتحسن توازن وليونة الجسم، وجرى عقد مهرجان “ماريونتا شو” وهو استعراض راقص متنوع.
كان الهدف من التوعية بنزع حمالة الصدر الذي دعا كيتشل راون، طبيب التجميل البرازيلي، إلى الاحتفال به في 13 أكتوبر منذ سبعة أعوام، دعم مريضات سرطان الثدي، ولفت الانتباه إلى خطورة المرض، لكن في كثير من الدول العربية، حيث اكتفى البعض بقراءة عبارة “نزع الحمالات” فقط ليطلقوا العنان لغرائزهم، تحولت المناسبة إلى فرصة جديدة للتحرش بالنساء.
وتحول التعاطف مع مرضى سرطان الثدي، إلى الحديث عن التحرش، وعبر المتحرشون عن غرائزهم بإيحاءات جنسية، سواء بالتعليقات النابية أو بمشاركة صور لنجمات اشتهرن بصدورهن المثيرة.
وانتقل يوم خلع حمالات الصدر إلى أكثر من 30 دولة، ونزعت سيدات كثيرات صدرياتهن في هذا اليوم لمدة 24 ساعة، للتذكير بضرورة الفحص الدوري للثدي، وإعادة بناء الثدي المستأصل.
ولم تكن المشكلة في كلمة “نزع” فقط -أو في كلمات مثل “برا” أو “ستيان”، وهما الترجمتان الإنكليزية والفرنسية لـ”حمالة الصدر”- بل في ما تثيره من حفيظة لدى أسر عربية كثيرة، كأنها من المحرّمات، حيث اعتُبِر وجود يوم أو شهر كامل “صادما” ومظهرا للعري واتُّهُم من يدعمه بأنه يدعو إلى الانحلال الأخلاقي.
ويرى مدافعون عن حقوق الرجل أن المردود السلبي لهذا اليوم في الدول العربية، ومنها مصر، سببه أن الصدر أحد أكثر الأجزاء إثارة في جسد المرأة، وغالباً ما يتم تداول مقولة “الرجال يتحدثون مع صدر المرأة وليس معها”، بجانب أنها تفننت في تحويله إلى سلاح للإغراء.
وعندما تم تحديد يوم سابق في الستينات من القرن الماضي تمت الاستعانة بممثلات معروف عنهن الإثارة ليظهرن على أغلفة المجلات دون حمالات صدر، بحجة دعم النساء المصابات بالسرطان لعدم تمكنهن بعد استئصال الثدي من الخروج دون حمالة، ثم تحولت حمالات الصدر إلى عالم الإغراء، ودخل الدانتيل في تصميمها، وتنوعت تصاميمها ما جعلها من عوامل الإثارة الجنسية.
المرض ينتشر بين النساء، لأن النوم بحمالة الصدر يحافظ على هيئة الثدي وشكله وجاذبيته البصرية أمام الزوج
وأثبت العلماء وجود علاقة بين ارتداء حمالات الصدر على مدى اليوم وتطور سرطان الثدي، وكشفت النتائج أن ارتداء الضيق منها لساعات طويلة يساعد في نمو سرطان الثدي، وأن نحو 40 بالمئة من النساء المصابات بالمرض لا ينزعن حمالة الصدر حتى خلال النوم.
وتتمثل الخطورة في أشياء يمكن التغلب عليها كالاحتكاك الناتج عن العرق والبكتيريا حول محيط الثديين ورداءة الخامات التي صُنعت منها بعض حمالات الصدر، ويؤثر ارتداء نوعيات ضيقة لساعات طويلة سلبا على فقرات العمود الفقري وكعبي القدمين.
وأوضح رامي رياض طبيب النساء والتوليد بالقاهرة، لـ”العرب”، أن المرض ينتشر بين النساء، لأن النوم بحمالة الصدر يحافظ على هيئة وشكل الثدي وجاذبيته البصرية أمام الزوج.
لكن نوم المرأة بحمالة الصدر مضرّ بصحتها، لأنها تضغط على القفص الصدري وتعيق التنفس، وتعرقل حركة سائل اللمف في الجسم، ما يسبب ركوده وتصلبه وتطور الالتهاب وظهور خلايا سرطانية. وأشار رامي إلى أن سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعاً عند السيدات وثاني أكثر السرطانات شيوعاً في العالم، وأظهرت إحصائيات منظمة الصحة العالمية تشخيص إصابة مليوني سيدة في 2018 على مستوى العالم حتى الآن.
ورغم ذلك فإن الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي قد يحقق نسب شفاء تصل إلى 98 بالمئة عند الجنسين، ما يجعل من تخصيص شهر أكتوبر للتوعية ضد المرض والتخلي عن حمالات الصدر مسألة غاية في الأهمية.
ولم يؤثر الهجوم الحاد الذي تتعرض له المناسبة في عزم مؤيدي المناسبة، ورأوا أنها تساعد على رفع مستوى الوعي بالمرض المتسبب في وفاة الكثير من السيدات لأسباب متعددة حتى اليوم، وتمرر رسالة أمل، مفادها أن الحياة ممكنة بعد الإصابة بسرطان الثدي.
وقالت تغريد أسامة، مريضة مصابة بسرطان الثدي، لـ”العرب” إنها في البداية نظرت ليوم خلع حمالات الصدر بعيدا عما يحمله من رمزية على أنه من قبيل عبارة “لا للتضامن” فإطلاق الثدي دون حمالات كأنه إشارة إلى أن لدى بقية النساء السليمات نهودا ونحن اللاتي خضعن لعمليات الاستئصال ناقصات.
وتغيرت النظرة إلى هذه المناسبة فيما بعد، ووجدت أنها حملته بتأويلات مرهقة، فأحيانا يجب على المحيطين بها التضامن والمؤازرة، دون أن يعيشوا نفس معاناة المريض، ففي المجمل هو يوم على سبيل الدعم والمساندة، وما أعجبها هو وجود يوم لنزع حمالات الصدر للفت نظر المصممين من أجل تصميم أنواع مناسبة.
وكشفت سمر مؤمن -بائعة بأحد محلات الملابس الداخلية في القاهرة- لـ”العرب” أن حمالات الصدر صممت في بدايتها لضبط شكل جسم المرأة، والحفاظ على الأثداء عند الحركة، لكن هذا الشهر تم عرض مجموعة حمالة الصدر لما بعد العمليات الجراحية، وتصميمها من قبل متخصصين في طب العظام وأمراض النساء والأورام وتم تكييفها من وجهة نظر طبية وجمالية، كي لا تشعر المريضة بأنها مختلفة عن النساء الأخريات.
ولفتت إلى نموذجين تم طرحهما، الأول حمالة مطاطية مصممة من الألياف الدقيقة والقطن مع الدانتيل، إضافة إلى قطعة ملابس للبحر، والنموذج الثاني حمالة صدر من القطن وهي مصممة خصيصا للنساء اللواتي خضعن لعملية استئصال الثدي، ويمكن استخدامها بعد الجراحة مباشرة.