حمس تدعو للتوافق بشأن الاستحقاق الرئاسي بالجزائر

ترحيب غير معلن من قبل السلطة الجزائرية بمبادرة حركة مجتمع السلم.
السبت 2018/05/26
مقري يطبق براغماتية الإخوان

الجزائر – تعتزم حركة مجتمع السلم (حمس) فتح سلسلة اتصالات مع أحزاب سياسية فاعلة في الساحة، ومع شخصيات مستقلة، لطرح مشروع التوافق الوطني على الطبقة السياسية، والذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي المنتظر بعد أقل من عام، بمرشح تتفق عليه أحزاب السلطة والمعارضة معا.

وبعث رئيس الحركة عبدالرزاق مقري، برسائل غزل في تصريحات أخيرة، ضمنها استعداد حزبه الذي يعد أحد أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، لفتح اتصالات مع جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، والقوى السياسية المنخرطة في معسكر الموالاة.

وإذ مثل التحول المسجل في خطاب حركة حمس، منعرجا جديدا فرضته التوازنات الداخلية، التي ضغطت خلال المؤتمر الأخير، من أجل عودة الحركة إلى معسكر السلطة، فإن تصريحات عبدالرزاق مقري، تمهد لعودة محتملة إلى الحكومة والمؤسسات الرسمية، مقابل انتزاع بعض المطالب التي يتمسك بها الجناح الراديكالي في الحركة.

وكان عبدالرزاق مقري قد نفى في تصريحات صحافية، وجود أي صفقة سياسية داخل حمس، تقضي باستمرار جناحه على رأس حمس، مقابل تزكية أبوجرة سلطاني وعبدالمجيد مناصرة، ليكونا ضمن الحكومة في المستقبل القريب.

وانسحب القياديان من سباق منافسة عبدالرزاق مقري، في عملية انتخاب الرئيس الجديد لحمس.

وهو ما عزز الفرضية التي تم تداولها بقوة في كواليس المؤتمر، في ظل تمسك الأجنحة المتصارعة بالانضباط، والتصرف ببراغماتية تصنع للحركة موقعا مريحا في المشهد الداخلي.

حركة حمس تتجه لوضع مسافة متساوية بين المعارضة والسلطة، وهو ما يسمى داخل الحركة بمبدأ تغليب المصلحة

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن “الاتصالات المنتظرة ستتم مباشرتها خلال الأسابيع القليلة القادمة، وأن أحزاب السلطة تبدي ترحيبا غير معلن لحد الآن، بعودة الإخوان إلى معسكرها السابق”.

واعتبرت المصادر “أن الموالاة بحاجة إلى استقطاب التيار الإخواني في الاستحقاق الرئاسي، لإضفاء حالة الإجماع السياسي والشعبي على مرشحها القادم”.

وكانت حركة حمس، قد تبنت منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، خيار المشاركة في مؤسسات الدولة، بدعوى المساهمة في إرساء المصالحة الوطنية، واستعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد، بعد عشرية دامية، سقط فيها ربع مليون جزائري، خلال مواجهات مسلحة بين الإسلاميين ومؤسسات الأمن والجيش. ويتمسك حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في البلاد، بالتفرد بمشروع الولاية الرئاسية الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

إلا أن حمس لا تزال تعتبر أن الاستحقاق الرئاسي لا يمثل لها أولوية سياسية، مقارنة بما تسميه بـ”المخاطر والتحديات الاستراتيجية والأمنية المحيطة بالبلاد”.

وتركت حمس هامش المناورة مفتوحا أمامها للتعامل مع أي معطيات جديدة في الساحة، إلا أنها وضعت شفافية ونزاهة الاستحقاق مقدمة أساسية لضمان الانتقال الديمقراطي. وهو السيناريو الذي ألمح إليه عبدالرزاق مقري، بتقدم حركته بمرشحها أو بمرشح آخر، في حال فشلت مبادرة الوفاق الوطني ولم يتم التوصل إلى إرساء المشروع الذي تنوي طرحه على الطبقة السياسية.

وكان جناح القيادة الحالية لحمس، قد ناور بكل قواه، في مؤتمر حمس الذي انعقد في العاشر من مايو الجاري، من أجل عزل مسألة الانتخابات الرئاسية، وحصرها بين أيدي هيئة مجلس الشورى. ورغم الوثيقة المصادق عليها في المؤتمر من أجل الحد من صلاحيات الرئيس، إلا أن هيمنة الجناح الراديكالي على الهيئة يضع المسألة تحت تأثير توجهات مقري، رغم التوصيات الملحة بضرورة فتح مشاورات عميقة في المستقبل تتصل بالاستحقاق الرئاسي.

ويرى متابعون أن توجهات إخوان الجزائر، تتجه إلى وضع مسافة متساوية بين المعارضة وبين السلطة، وهو ما يسمى أيضا بمبدأ تغليب المصلحة الذي يدخل في الأدبيات الأساسية للحمسيين منذ نشأتهم في مطلع التسعينات، من أجل ربح ثقة خطاب المعارضة والإبقاء على جسور التواصل قائمة مع السلطة.

وبينما نجح المؤتمر في احتواء صراع الأجنحة الراديكالية والمعتدلة، فإن خطاب المخاوف الذي روّج له الرئيس السابق لحركة حمس أبوجرة سلطاني، نجح أيضا في تأمين حمس من أي صدام مع السلطة وأذرعها السياسية، وتلافي ما أسماه بـ”انكسارات التجارب الإخوانية في المنطقة العربية”.

4