حكومة جديدة في الكويت تحمل آمال العبور بسلام من الأزمة

بتشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب برلمان جديد في الخامس من ديسمبر الجاري، يكون أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد قد استكملا إعداد الطاقم الذي سيوكلان إليه مهمّة وضع السياسات وتنفيذ الخطط والبرامج الكفيلة بالعبور بالبلاد من أسوأ أزمة مالية واقتصادية، آمليْن ضمان حدّ من الهدوء والاستقرار وتغليب العمل على المشاحنات السياسية المعهودة.
الكويت - اكتملت في الكويت أركان السلطة التي ستتولى قيادة البلد وإدارة الشأن العام في مرحلة جديدة تتميّز خصوصا بصعوبة الظرف الاقتصادي والمالي، وذلك بإعلان تشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح روعيت في تأليفها متطلبات معالجة الأزمة وذلك بضخ دماء جديدة في وزارتي النفط والمالية، كما روعي عامل العلاقة مع مجلس الأمّة (البرلمان) ذي النفس المعارض، وذلك باستبعاد أنس الصالح من موقع وزارة الداخلية بعد أن أعلن نواب عن رفضهم لمنحه المنصب مجدّدا.
وبتشكيل الحكومة بعد انتخاب برلمان جديد، يكون أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد قد شرعا عمليا في ممارسة مهام عهدهما بطاقمهما الخاص غير الموروث عن عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، باستثناء رئيس الحكومة الذي كان قد اختاره هو في نوفمبر 2019 ليخلف الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح الذي انهارت حكومته بفعل خلافات بين وزرائها.
وسيكون نجاح حكومة الشيخ صباح الخالد في مهامها وخصوصا في معالجة الأزمة الاقتصادية والصحية، وأيضا في إدارة العلاقة مع البرلمان والحفاظ على استمرار السلطتين التشريعية والتنفيذية في عملهما بعيدا عن ظاهرة الانقطاعات المتكرّرة التي شكّلت على مدى سنوات طويلة ميزة للحياة السياسية الكويتية بفعل إبطال البرلمانات وإقالة الحكومة لفض الاشتباكات السياسية بينهما، بمثابة نجاح للعهد الجديد وإثباتا لقدرته على سدّ الفراغ الذي خلّفه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الذي لعبت خبرته وما يتمتّع به من كاريزما شخصية دورا كبيرا في الحفاظ على استقرار البلد وتماسكه في أكثر من منعطف حرج.
وأصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، الإثنين، مرسوما بتشكيل حكومة جاءت مختلفة عن سابقتها حيث طالت التغييرات وزارتي النفط والمالية، حسبما أعلنت وكالة الأنباء الكويتية، وسط دعوات للإصلاح الاقتصادي في البلاد التي تواجه انخفاضا في أسعار النفط.
وجاءت الحكومة الجديدة بعد تقديم الحكومة السابقة استقالتها وفقا للبروتوكول في أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت أوائل الشهر الجاري والتي عززت فيها المعارضة الكويتية موقعها بفوز 24 نائبا محسوبا عليها في مجلس الأمة الذي يضم 50 نائبا.
وضمّت الحكومة الجديدة 10 وزراء جدد من بينهم محمد الفارس الذي تم تعيينه وزيرا للنفط وخليفة حمادة الذي عيّن وزيرا للمالية.
والفارس عضو في مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية. وعلى الرغم من تغيير الوزير، يظل من غير المرجح أن تتغير السياسة النفطية التي يحددها المجلس الأعلى للبترول. وبالإضافة إلى إعادة تكليف رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد، تضم الحكومة أربعة وزراء من عائلة الصباح الحاكمة.
وسيتولى الشيخ ثامر علي صباح السالم الصباح منصب وزير الداخلية، بينما جرى تعيين الشيخ حمد جابر العلي الصباح في منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
واحتفظ كل من وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح ووزير الصحة الشيخ باسل الصباح بمنصبيهما في الحكومة الجديدة.
وقال المحلل السياسي عايد المناع لوكالة فرانس برس إنه “من الجانب الشكلي هي حكومة تكنوقراطية نسبيا”. وأضاف “يبقى أن نرى ما سيتضمنه برنامجها وكيف ستنفذ توجيهات الأمير”.
وهذه ثاني حكومة يتم تشكيلها في ظرف حوالي عام بعد استقالة حكومة المبارك في نوفمبر 2019 على خلفية اتهامات بالفساد والخلافات.
وتضم الحكومة الجديدة سيدة واحدة، إذ احتفظت رنا الفارس بمنصبها كوزيرة للأشغال العامة.
وأعرب الكويتيون في السنوات الأخيرة عن رغبتهم في الإصلاح والتغيير في بلادهم التي يشكل الوافدون فيها 70 في المئة من السكان.
وتهزّ البلاد منذ سنوات عدة أزمات سياسية متكررة تشمل الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة.
وبين منتصف 2006 و2013 ولاسيما بعد الربيع العربي في 2011، شهدت البلاد استقالة عشر حكومات.
ورأى المحلل السياسي الكويتي أنور الرشيد أنّ “المطلوب في الوقت الراهن هو تغيير منهج إدارة الحكومة”، موضحا “هذا المنهج لم يتغير منذ سنوات وهو ما أدى إلى عدم رضا الشارع الكويتي”.
وستكون المسألة الاقتصادية والمالية هي البند الأساسي في عمل الحكومة الجديدة حيث يواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار هذا العام، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تعطي الحكومة أولوية لتمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (65.7 مليار دولار) على مدى 20 عاما والذي رفضه البرلمان السابق.
وفي سنوات سابقة عطلت البرلمانات المتعاقبة خططا حكومية كانت تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وتقليل الدعم الحكومي والحد من اعتماد المواطنين على الحكومة.
ودعا أمير الكويت خلال كلمة ألقاها بمناسبة أداء الحكومة الجديدة اليمين أمامه إلى التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وقال طبقا لما نقلته الوكالة الرسمية “إنها بلا شك مرحلة مثقلة بالتحديات والاستحقاقات التي تتطلب جادا استثنائيا وعملا دؤوبا مخلصا وتعاونا حقيقيا جادا مع إخوانكم أعضاء مجلس الأمة يرتقي بالممارسات قولا وعملا”.
كما أكد أهمية التزام أعضاء الحكومة بالتضامن في ما بينهم وتجسيد التعاون والتنسيق بين أجهزتهم “والارتقاء بالخدمات العامة والتصدي للقضايا الجوهرية التي تهم الوطن والمواطنين والعمل على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات وإعلاء مصلحة الكويت لتبقى فوق كل اعتبار”.
ومن المقرر أن يفتتح الأمير، الثلاثاء، دور الانعقاد الأول للبرلمان. ولبرلمان الكويت سلطة الموافقة على القوانين واستجواب الوزراء، لكن لأمير البلاد الكلمة النهائية في الشؤون السياسية.