حسابات الانتخابات الإيرانية تعرقل المحادثات النووية

طهران - اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني غلاة المعارضين الأربعاء بعرقلة الجهود الرامية إلى رفع العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد، في تصريحات تبرز مدى ما تطغى فيه الانتخابات الوشيكة بإيران على خطة الإدارة الأميركية الجديدة لإحياء المحادثات النووية.
وقال روحاني في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي “إنها خيانة كبيرة للدولة الإيرانية أن يحاول أي فصيل أو شخص تعطيل رفع العقوبات ولو لساعة واحدة”.
وأضاف روحاني “الأقلية الصغيرة التي تعرقل هذا المسار يجب أن توقف عملها الهدام… إذا أوقفته ستتمكن الحكومة من إنهاء العقوبات”.
وتسعى الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن إلى إنعاش اتفاق انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب وكانت إيران قد قبلت بموجبه تقليص برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية.
وبعد انسحاب ترامب وإعادة فرض العقوبات اتخذت إيران خطوات تنتهك القيود التي حددها الاتفاق النووي.
وحتى الآن ما زالت إيران وإدارة بايدن على خلاف بشأن الطرف الذي يتعين عليه اتخاذ الخطوة الأولى لإنعاش الاتفاق إذ تطالب طهران واشنطن برفع العقوبات أولا في حين تدعو واشنطن طهران إلى العودة والامتثال للاتفاق أولا.
وقال محمد جواد ظريف وزير الخارجية، وهو حليف مقرب لروحاني، هذا الأسبوع إنه ما لم يتمّ قريبا إحراز تقدم أو تتحقق العودة إلى الاتفاق النووي ستتعطل الدبلوماسية لشهور بسبب انتخابات الرئاسة الإيرانية المقررة يوم 18 يونيو القادم.
والثلاثاء ألقى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان باللوم على سياسات التحضير للانتخابات الإيرانية في تعطيل إنعاش الاتفاق النووي.
وذكر لو دريان أن الجهود الرامية إلى إحياء المحادثات النووية الإيرانية تواجه صعوبات بسبب مشكلات تكتيكية والوضع الداخلي في إيران قبيل الانتخابات الرئاسية.
وكان الاتفاق النووي هو السياسة الرئيسية لروحاني الذي حقق فوزا ساحقا مرتين متتاليتين في انتخابات الرئاسة منتصرا على معارضين متشددين وذلك بعد وعوده بفتح الاقتصاد الإيراني على العالم الخارجي.
وتقول المعارضة المتشددة في إيران إن العقوبات الأميركية دليل على فشل سياسة روحاني المتمثلة في التقارب مع العدو. ومن شأن عدم إحراز تقدم في المسألة النووية أن يهدد فرص تولي سياسي معتدل المسؤولية خلفا لروحاني على الرغم من أن القرار النهائي بشأن أي مبادرة دبلوماسية يتخذه الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي وليس الرئيس المنتخب.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وتراجع شعبية التيار الإصلاحي بسبب العقوبات الأميركية أساسا، يبدو الملف النووي عنصرا مؤثرا في تدارك الإصلاحيين هزيمة الانتخابات التشريعية العام الماضي أمام المحافظين.
ويراهن الإصلاحيون في إيران على انفتاح بايدن لحسم الخلاف النووي مع الولايات المتحدة قبل انتخابات الرئاسة، لكن في ظل التجاذب بين طهران وواشنطن تبدو العقوبات الأميركية ومسألة رفعها من عدمه، مؤثرة في المسار الانتخابي.
ويريد المحافظون قطع الطريق على أي مفاوضات قد يدخل فيها روحاني مع بايدن، وذلك بهدف التقليل من فرص فوز القوى الإصلاحية المعتدلة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وغالبا ما يتهم المحافظون الإصلاحيين بعدم الفعالية ولاسيما في مواجهة أزمة اقتصادية سببها الأساسي العقوبات الأميركية، في حين تعتبر الحكومة الإصلاحية أن أعضاء البرلمان يقومون بكل ما في وسعهم لعرقلة جهودها الدبلوماسية.
ويريد المحافظون أيضا إلغاء العقوبات، لكن في آن واحد يرغبون في عرض فترة حكم روحاني لثماني سنوات بأنها “وقت ضائع”، وبالتالي يحاول المحافظون تحقيق إلغاء العقوبات ليس من خلال اتفاقية، وإنما عبر المواجهة مع الولايات المتحدة أو مع حلفائها في المنطقة.
ويقول السفير الفرنسي السابق لدى طهران فرنسوا نيكولو إن “لروحاني كل المصلحة في انتصار دبلوماسي يعيد البريق إلى ولايته التي تشارف على الانتهاء”. ويضيف أنه في حال رفع العقوبات “سيستعيد تياره السياسي، الوسطي والمعتدل، بعضا من رونقه”.