حرب كلامية بين الحريري وعون تبدد آمال بري الحكومية

بيروت - يحاول رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إشاعة أجواء من الإيجابية في خضم جهوده لإنجاح مبادرته لتشكيل حكومة، بيد أن تجدّد الحرب الكلامية بين رئاستي الجمهورية والحكومة لا يسعفه.
وأعلن بري في تصريحات لوسائل إعلام محلية الأربعاء أن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وافق على مبادرته وأنه بانتظار رد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في إشارة إلى أن الكرة حاليا في ملعب باسيل وأن أي فشل سيتحمل الأخير مسؤوليته.
ولم ينتظر رئيس مجلس النواب طويلا هذا الرد، حتى أتى القصف من رئاسة الجمهورية على الحريري وتياره المستقبل، وهو ما اعتبره كثيرون محاولة جديدة من عون ومن خلفه صهره باسيل للهروب إلى الأمام، وقطع الطريق بشكل موارب على مبادرة بري.
واتهمت رئاسة الجمهورية الأربعاء رئيس الوزراء المكلف، بمحاولة الاستيلاء على صلاحياتها الدستورية. وقال المكتب الإعلامي للرئاسة في بيان إن “الرئيس المكلف يصرّ على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء إلى ممارسات تضرب الأعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة منتهكا صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه لبنان”.
وأضاف البيان “أن الرئيس المكلف وتياره يتعمّد تحميل عهد الرئيس عون مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني أن ما ورثه العهد من أوضاع وديون هو ثمرة ممارسات فريق الرئيس المكلف وسوء إدارة شؤون الدولة منذ ما بعد الطائف حتى اليوم”.
وسارع تيار المستقبل إلى الرد على اتهامات رئاسة الجمهورية، معتبرا أن من يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية هو من يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة.
وأعرب عن أسفه من أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكا من قبل حفنة مستشارين يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها.
وأضاف تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري في بيان نشره على موقعه الإلكتروني أن “الرئيس العماد ميشال عون مجرد واجهة لمشروع يرمي إلى إعادة إنتاج باسيل في المعادلات الداخلية، وإنقاذه من حال التخبط الذي يعانيه”.
ولفت إلى أنه “من الأشد أسفا أن يقبل رئيس البلاد التوقيع على بيان، أعده جبران باسيل شخصيا في حضور مستشاري السوء”، مشيرا إلى أن “كل الحملات على رئاسة الجمهورية بطلها جبران باسيل ومن زرعهم في القصر”.
ودعا رئيس الجمهورية إلى وقف استيلاء من حوله على صلاحياته، ووقف محاولاتهم للاستيلاء على صلاحيات الآخرين، وطالب بالعودة إلى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وجنّب اللبنانيين كأس جهنم الذي بشّرتهم به.

وأثارت السجالات الجارية غضب القوى السياسية والروحية في لبنان. وعبّر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي عقب لقائه عون عن استيائه مما وصل إليه الوضع. وقال الراعي إن البلاد بحاجة إلى إنقاذ وليس حربا كلامية وأضاف “احترموا بعضكم أيضا.. الإهانات لا تعمل شيئا. الإهانات تعكر الأمور والإهانات ليست ثقافة ولا حضارة”.
ويرى مراقبون أن الحرب الكلامية الدائرة حاليا بين رئاستي الحكومة والجمهورية، تشكل عائقا كبيرا أمام رئيس مجلس النواب لحل الأزمة الحكومية، لافتين إلى أنه بات من الواضح أن عون ومن خلفه باسيل لا يريدان أي حكومة لا يسيطران على مفاصلها.
وأعرب النائب مصطفى علوش عن تقديره بأن حظوظ نجاح مبادرة بري الحكومية لا تتعدى عشرين أو ثلاثين في المئة كحد أقصى، كاشفا عن خيارات عدة قيد الدرس ما بعد هذه المبادرة إذا فشلت ومنها اعتذار رئيس الوزراء المكلف.