جوز الهند السياسي

يسمونهم جوز الهند. هذا التوصيف يطلق على السياسيين والأفراد المسؤولين في الغرب عموما وبريطانيا على وجه الخصوص، من سمر أو سود البشرة لكن سلوكهم العام هو سلوك البيض؛ أي أنهم من الخارج سمر أو سود، من أصول آسيوية أو أفريقية أو شرق أوسطية، لكنهم من الداخل بيض أكثر من البيض أنفسهم.
أول انطباع خلّفه انتخاب حمزة يوسف على رأس الحزب الوطني الأسكتلندي هو أنه مسلم وأسمر. الصحافة البريطانية وصفته بأول وزير أول (لا يزال ينتظر التعيين رسميا) لأسكتلندا من أقلية عرقية. الصحافة “المسلمة”، أي الصحافة العربية ووكالة الأنباء التركية، وصفته بأنه مسلم. الآن لدينا رئيس وزراء بريطاني أسمر من أصول هندية ووزير أول لأسكتلندا من أصول باكستانية. الأثاث السياسي للسلطة في المملكة المتحدة اليوم فيه عدد كبير من السمر والسود. لا نعرف بالضبط أين سيأخذنا كل هذا، لأن بالحكم على قرارات رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزيرة الداخلية سويلا برافرمان، فإن المهاجرين سيواجهون أياما عصيبة قادمة. صار نجم كرة القدم السابق والمعلق الرياضي الأشهر في بريطانيا غاري لينكر ينبّه جوزتيْ الهند سوناك وبرافرمان إلى وجوب التريّث في تعاملهما مع المهاجرين. المثل العربي يقول “يا عمة ما كنت كنة” ينطبق عليهما.
الاختبار الآن لحمزة يوسف يوم يستلم السلطة في أسكتلندا من داعية الاستقلال نيكولا ستارجن. هدف الحزب هو تحقيق استقلال أسكتلندا عن المملكة المتحدة. سبق للحزب الوطني الأسكتلندي أن رسب في امتحان الاستفتاء. لكن كل شيء تغير الآن بعد بريكست. لندن ترفض إعادة الاستفتاء، وأيدت الرفض المحكمة العليا على اعتبار أن الأسكتلنديين قالوا كلمتهم في الأمر قبل سنوات قليلة. لكنهم اليوم يريدون أن يكونوا أوروبيين أكثر من كونهم بريطانيين. أو هكذا يردد الحزب ونتائج سبر الآراء.
طريف سياسيا أن يقود استقلال أسكتلندا أسمر مسلم. أسمر مسلم باكستاني الأصل يحقق حلم الاستقلال، والانضمام مرة أخرى إلى الاتحاد الأوروبي. جديدة هذه.
الدول تقوم لأسباب عرقية ودينية. الدولة القومية الحديثة تتعكز على هذه المعطيات. لكن التغيرات الديمغرافية الحاصلة بسبب الهجرة، جعلت الأمور تختلط بشكل غير مسبوق. ربما كانت سابقة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إشارة أولية، لكن سكان الولايات المتحدة هم في الأصل خليط من المهاجرين. بريطانيا، بمكوناتها الإنجليزية والأسكتلندية والويلزية والأيرلندية، بلاد “أصل وفصل”. الشاهد هو عدد الوارثين للألقاب من بارونات ولوردات. كل الحرب الأهلية في أيرلندا الشمالية أساسها صراع بين بيض بروتستانت/أنجليكانيين وكاثوليك، من يحكم. الآن لا يمكن تعريف طبيعة الحكم ومن يقوم عليه، من أي لون وأية ملة. ربما الضمان الوحيد هو جوز الهند.