"جهاد الحب" مفهوم ناعم يستثمره الإسلام الاجتماعي لتمرير أجندته

تشهد الهند جدلا متواصلا حول الزيجات التي تحطم القيود الدينية والطائفية والعرقية، ولكن ظاهرة “جهاد الحب” أصبحت أكثر إثارة للاستهجان والانقسام في المجتمع الهندي.
لندن - أعاد خبر إلقاء الشرطة الهندية القبض على طالب مسلم بتهمة إغواء فتاة هندوسية للزواج منه بغية تغيير دينها واعتناق الإسلام، الحديث مجددا عن “جهاد الحب”.
وألقت الشرطة في ولاية أوتار براديش القبض على شاب مسلم لمحاولته إقناع فتاة هندوسية باعتناق الإسلام.

فهد الطياش: مصادر الترويج لجهاد الحب لا تريد أن يتعايش العالم سلميا مع الإسلام
وأحيل الشاب على القضاء وفق قانون جديد سنته السلطات الهندية يعاقب كل من يهدف إلى الزواج من فتيات هنديات بغية تغيير ديانتهن.
وبغض النظر عن تداعيات خبر محاكمة الشاب الهندي المسلم، إلا أن منظمات وجمعيات وأحزاب الإسلام السياسي لا تتردد في التأثير على المجتمع الهندي والتشجيع على الزواج من غير المسلمات بهدف إعلان إسلامهن.
وتروج منظمات تستثمر الإسلام الاجتماعي لتمددها، ولدورها في تشجيع الزواج من غير المسلمات.
وتحفل مواقع أحزاب إسلامية على الإنترنت بمئات من الفتاوى تشجع على الزواج من غير المسلمات باعتباره أجرا وثوابا مقابل تخلي غير المسلمات عن دينهن.
ويمثل الزواج وتشريع العلاقات طريقا مفتوحا للدخول عبره إلى أجندات سياسية وتنظيمية لا تتردد أحزاب الإسلام السياسي في استغلالها لاختراق المجتمع عبر أفكار الإسلام الاجتماعي.
وأثار مفهوم “جهاد الحب” جدلا متصاعدا خصوصا في الدول التي يتواجد فيها المسلمون مع ديانات أخرى.
وسبق وأن أصدرت الهند قانونا يمنع بموجبه زواج الهندوسية من مسلم بهدف تغيير دينها بعد أن أصبح زواج “جهاد الحب” أكثر إثارة للاستهجان والانقسام في المجتمع.
ووفقا للقانون، فإن الزواج سوف يكون ”لاغيا وباطلا” في حال غيرت المرأة دينها من أجل هذا الغرض فقط، كما أنه يتعين على الراغبات في تغيير ديانتهن التقدم بطلب لدى السلطات العليا بالمنطقة.
وتعهدت ولايات هندية بمحاربة ما تسميه “جهاد الحب”، وأعلنت أن زواج الهندوسيات من الرجال المسلمين غير قانوني إذا كان الهدف هو التحول الديني للمرأة، في أحدث خطوة تهدد بمزيد من الانقسام في الدولة الواقعة في جنوب آسيا.
وتطلق الولايات التي يقودها حزب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي “الحزب القومي الهندوسي” على الزيجات بين الأديان “جهاد الحب”، في إشارة إلى ما يوصف بأنه مؤامرة من رجال مسلمين لاستدراج النساء الهندوسيات إلى الزواج من أجل تغيير دياناتهن.
وعزا الصحافي سيدارتا ماهانتا في تقرير بجريدة شيكاغو تريبيون، “جهاد الحب” إلى ما شاع أثناء تقسيم الهند وتأسيس باكستان المسلمة عام 1947.
وذكّر بالتقارير التي انتشرت آنذاك عن اعتداءات جنسية وتحولات دينية قسرية للنساء الهندوسيات بواسطة رجال مسلمين.
وبرزت الهوة العميقة بشكل واضح في البلد ذي النظام العلماني، الذي يشكل الهندوس غالبية سكانه، خلال شهر نوفمبر الماضي عندما اضطرت ماركة مجوهرات إلى سحب إعلان لها بعد مواجهة رد فعل غاضب على وسائل التواصل الاجتماعي لأن الإعلان كان يظهر زوجين؛ مسلما وهندوسية.
وأوضحت علامة “تانيشك” التي نشرت الإعلان أنها سحبته حفاظا على سلامة موظفيها.

ريخا شارما: النساء في ولاية كيرالا تم إغراؤهن وإجبارهن على اعتناق الإسلام
ويرى باحثون مهتمون بأفكار الإسلام السياسي أن استغلال فكرة الزواج أسهل الطرق لاختراق المجتمع.
ولا تخفي تنظيمات وجمعيات تمثل الواجهة الاجتماعية لأحزاب الإسلام السياسي، استثمارها لموضوع الزواج لاستقطاب المزيد من الأعضاء واختراق المجتمع.
ويشير دليل أكسفورد للتحول الديني إلى فاعلية الإغراءات العاطفية في تحويل الناس من دين إلى آخر، وغالبا ما يستغلها رجال الدين.
ويصف خبراء “جهاد الحب” بالسلوك المنظم والممول، ولطالما استغلت الفرق والجماعات والتنظيمات الدينية وأحزاب الإسلام السياسي مثل هذه التكتيكات لتدعيم موقفها وحفظ وجودها على المستويين السياسي والاجتماعي.
وعبرت اللجنة الوطنية للمرأة عن مخاوفها بشأن العدد المتزايد من التحولات القسرية الدينية أو قضية ما عرف بـ”جهاد الحب” في ولاية كيرالا.
وشبّهت رئيسة اللجنة، ريخا شارما، المشكلة بالقنبلة الموقوتة، مؤكدة على أن المشكلة لا تقتصر على الهندوسيات بل تصل إلى المسيحيات أيضا.
وطالبت شارما حكومة ولاية كيرالا باتخاذ إجراءات صارمة بشأن التحویلات القسریة الدينية التي تسهدف الهندوسيات والمسیحیات في الهند، قائلة إنه “تم إغراء النساء في ولاية كيرالا وإجبارهن على اعتناق الإسلام”.
وعبرت عن قلقها من تصاعد مشكلة اعتناق النساء أفكارا إسلامية متطرفة، خصوصا في كيرالا.
وذكر تقرير سابق صادر عن مكتب الاستخبارات الهندية أن المشكلة تكمن في شقين، ففي البداية يتم خداع الفتيات لتحويلهن إلى الإسلام، وفي بعض الحالات يُجبرن بعد ذلك على الانضمام إلى الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش.
ويأخذ الحديث عن الزواج في الإسلام بعدا دينياً ومجتمعيا خاصاً، مع ارتباطه الصارم بمفاهيم الحلال والحرام الناشئة عن تأويلات مختلفة للنصّ القرآني، وبحسب تعدّد المدارس والمذاهب الإسلامية.
ويرى الدكتور فهد الطياش، أستاذ الإعلام في جامعة الرياض، أن مصادر إطلاق صور شيوع “جهاد الحب” لا تخرج من فراغ، وإنما من دهاليز عقول لا تريد لهذا العالم أن يرى في الإسلام والمسلمين تعايشاً سلمياً، وأنهم جزء رئيس من مكون العالم الحضاري.
وطالب الطياش بتعرية التنظيمات التي تشوه الإسلام والمسلمين بالأفعال، وتفنيد خطابها عبر صناعة بدائل منافسة لتعزيز الصور الإيجابية عن الفكر الإسلامي.