جلال القادري هل يقف وراء فشل تونس في المرور إلى الدور الـ16

الفوز على فرنسا لم يكف نسور قرطاج للتحليق بعيدا.
الخميس 2022/12/08
يتحمّل مسؤولياته كاملة

حمّل الشارع الرياضي في تونس فشل المرور إلى الدور السادس عشر من مونديال قطر لكرة القدم، بالدرجة الأولى، للمدرب جلال القادري وفريقه الفني المرافق له، رغم تحسّن النتائج المحرزة مقارنة بالمشاركات الماضية.

ولم يوفّق المدرب التونسي في التأهل إلى الدوري الثاني، في مجموعة ضمّت الدنمارك وأستراليا وفرنسا صاحبة لقب النسخة الماضية من المسابقة روسيا 2018.

اتحاد الكرة التونسي أعلن في 30 يناير الماضي عن تعيين المدرب جلال القادري لقيادة منتخب “نسور قرطاج” خلفا لمنذر الكبيّر الذي أُقيل من تدريب تونس عقب الخسارة أمام بوركينا فاسو (0 – 1)، في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا 2021 التي أقيمت بالكامرون.

خبرات واسعة

القادري الذي يبلغ من العمر خمسين عاما ولد في مدينة توزر، جنوبي تونس، وبدأ مشواره الاحترافي كمدرب للاعبي كرة القدم منذ عام 2001.

ويُعد من الأسماء المعروفة في كرة القدم التونسية، وتحديدا في بطولة الدوري التونسي الممتاز، إذ أشرف على تدريب العديد من الفرق طيلة السنوات الماضية.

● القادري الذي يحبّذ اللعب بالرسم التكتيكي 4 – 3 – 3، تؤكّد تقارير رياضية أن معدل فترة بقائه على رأس الإدارة الفنية لكل فريق يشرف عليه هو 7 أشهر فقط
● القادري الذي يحبّذ اللعب بالرسم التكتيكي 4 – 3 – 3، تؤكّد تقارير رياضية أن معدل فترة بقائه على رأس الإدارة الفنية لكل فريق يشرف عليه هو 7 أشهر فقط

بدأ رحلة التدريب من خلال قيادة فريق جمعية جربة في دوري الدرجة الثانية موسم 2000 – 2001، خلفا للمدرب التونسي المخضرم مختار التليلي، وذلك مباشرة إثر نهاية مسيرته الكروية، حيث لعب القادري مع نادي جريدة توزر ونادي الأمل الرياضي بجربة ميدون.

كما أشرف طيلة مسيرته المهنية على تدريب 12 فريقا تونسيا، على غرار الاتحاد المنستيري والنادي البنزرتي وشبيبة القيروان والملعب التونسي وغيرها، وكانت آخر تجربة له في الدوري التونسي خلال موسم 2019 – 2020.

وأشرف فنيا على أندية الخليج والنهضة والأنصار في السعودية ونادي أهلي دبي والإمارات الإماراتيين، قبل قرار تعيينه مدربا مساعدا للمنتخب التونسي في 2021 ثم مدربا أول في شهر فبراير الماضي.

في آخر تجربة خارجية له، قاد القادري نادي أهلي طرابلس الليبي في مسابقة كأس الاتحاد الأفريقي في الموسم قبل الماضي، وغادر المسابقة من الدور التمهيدي على يد فريق الاتحاد المنستيري التونسي.

وبخصوص المنتخبات الوطنية التونسية، كانت للقادري تجربة مع منتخب تونس تحت 20 سنة عام 2008، وعمل مدربا مساعدا لنبيل معلول خلال تصفيات كأس العالم 2013، ثم عاد ليلتحق بالجهاز الفني لمنتخب نسور قرطاج في سبتمبر 2020 مع المدرب المقال من منصبه منذر الكبيّر.

تقول أوساط رياضية في تونس إن القادري لم يفلح في إنجاز مهمته بالإشراف على المنتخب، رغم حصد 4 نقاط في المجموعة، كما أن الاستعدادات قبل المشاركة لم تكن في مستوى الانتظارات، وظهرت الفوارق الفنية والتكتيكية خلال خوض المباريات الرسمية.

وقال اللاعب الدولي السابق نورالدين بوسنينة إن “المنتخب التونسي لعب حسب إمكاناته، ولم يوفق في المرور إلى الدور الثاني، والمدرب القادري فشل في مهمته رغم النتائج التي أحرزها، كما أن التحضيرات لم تكن في المستوى المطلوب”.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب” “لعبنا ضد منتخبات متميزة فنيا، والمدرب يتحمّل مسؤولياته كاملة من ناحية الاختيارات وأسلوب اللعب، وأخطأ الاختيار في مباراته ضدّ المنتخب الأسترالي”، وبيّن أن صراعات الهياكل الرياضية خصوصا بين الاتحاد التونسي لكرة القدم ووزارة شؤون الشباب والرياضة أثرت بشكل مباشر على مردود المدرب واختياراته.

خروج مخيّب للآمال

● الفشل في مسابقة كأس أفريقيا الماضية، تجاوزه القادري في ظرف زمني قصير
● الفشل في مسابقة كأس أفريقيا الماضية، تجاوزه القادري في ظرف زمني قصير

القادري لم يسبق له تدريب نواد كبيرة في تونس وأفريقيا، وفقاً لبوسنينة، لذلك تنقصه الحنكة وقوّة الشخصية في إدارة مثل هذه التظاهرات العالمية، وهو مدرب صاعد يسلك طريقه في التدريب، وفشل تونس يحسب عليه، لأنه كان يملك كل الصلاحيات والإمكانات للمرور إلى الدور السادس عشر من مسابقة كأس العالم، وكان من الأفضل أن يلعب ضدّ أستراليا بالتشكيلة التي خاضت المباراة الختامية ضدّ منتخب فرنسا.

ورأى بوسنينة أنه من الأفضل المواصلة مع القادري ومنحه فرصة إضافية، خصوصا وأن المنتخب التونسي سيخوض غمار مسابقة كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم بساحل العاج في شهر يناير القادم، ولأن القادري أيضا ملمّ بكل التفاصيل والجزئيات ويعرف المجموعة جيدا، ثم بعد إنهاء المسابقة يمكن أن يجرى تقييم وحكم قاطع على مستوى ومردود المدرب مع المنتخب.

وإثر الخروج المخيب للآمال، وجه محللون في البرامج الرياضية على القنوات التونسية انتقادات لاختيارات المدرب ورئيس اتحاد الكرة وديع الجريء.

وقال اللاعب الدولي السابق سمير السليمي في تصريح تلفزيوني عقب المباراة “هي حسرة مضاعفة تعود بنا إلى مباراة أستراليا، من المسؤول عن عدم التأهل؟”.

وأفاد النجم السابق لمنتخب تونس جمال الدين لمام “تغيير المدربين أضر بالمنتخب، نحتاج إلى مدرب قوي ويجب التخلي عن العديد من اللاعبين الذين انتهت صلاحيتهم، نحتاج إلى مدة لإعادة تكوين منتخب”.

صراعات الهياكل الرياضية خصوصا بين الاتحاد التونسي لكرة القدم ووزارة شؤون الشباب والرياضة أثرت بشكل مباشر على مردود القادري واختياراته

وبعد الفشل في مسابقة كأس أفريقيا الماضية، استطاع القادري في ظرف زمني قصير أن ينجح في كسب رهان صعب، حيث قاد تونس للتأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة السادسة في تاريخها.

منذ تعيينه مدربا مساعدا ثانيا ضمن الجهاز الفني للمنتخب التونسي ظل القادري، الذي لم تكن له تجارب فنية كبرى خلال مسيرته التدريبية، خارج دائرة الأضواء بفعل وجود كل من المدرب الأول المنذر الكبير ومساعده الأول عادل السليمي في الواجهة، ولكن منذ نهائيات كأس أفريقيا الأخيرة في الكامرون بدأت أسهم القادري في الصعود وظهرت بصمته ضمن الجهاز الفني لنسور قرطاج.

وقد مثّلت مباراة تونس ونيجيريا ضمن الدور ثمن النهائي لكأس أفريقيا منعطفا حاسما في مسيرة القادري، حيث لعبت الأقدار دورا كبيرا في وصوله إلى منصب المدرب الأول، وقبل تلك المباراة تعرض مدرب منتخب تونس الأول المنذر الكبير للإصابة بفايروس كورونا، مما حتم عليه الخضوع للحجر الصحي والغياب عن تلك المواجهة التي تكفل خلالها القادري بمهمة قيادة النسور لينجح آنذاك في التأهل إلى الدور ربع النهائي وإقصاء المنتخب النيجيري أحد أقوى المرشحين حينها للتتويج باللقب.

وبعد الإطاحة بالنسور الخضر طالبت أغلبية الجماهير الرياضية في تونس بتعيينه مدربا أول، خصوصا أن عودة المنذر الكبير للإشراف على قيادة نسور قرطاج في “كان 2022” تزامنت مع الخسارة آنذاك أمام منتخب بوركينا فاسو ومغادرة السباق.

على الأراضي القطرية، حقق منتخب نسور قرطاج انتصارا لافتا أمام فرنسا بعد تعادل حاسم ضد الدنمارك في الجولة الافتتاحية، لكن أبناء القادري تلقوا هزيمة غير منتظرة ضدّ أستراليا، مثلت منعطفا حاسما في تحقيق التأهل من عدمه.

وبعد الفوز على منتخب الديوك الفرنسية، اختلط شعور الفرح بالمرارة لضياع تأهل كان قريبا جدا من تونس، وهو الهدف الأول الذي وضعته الجماهير التونسية في هذه المشاركة بقطر التي شهدت حضورا بأعداد قياسية في المدرجات.

أسعدنا وضاعف من مرارتنا

● الأوساط الرياضية في تونس تقول إن القادري لم يفلح في إنجاز مهمته
● الأوساط الرياضية في تونس تقول إن القادري لم يفلح في إنجاز مهمته

ويقول الناقد الرياضي التونسي عبدالكريم العابدي إن “القادري يتحمل مسؤولية خروج منتخب نسور قرطاج من بطولة كأس العالم 2022”.

ويضيف العابدي في تصريح إعلامي أن “القادري أخطأ في تشكيل منتخب تونس في مباراتي أستراليا والدنمارك، حيث قام باستبعاد علي معلول لاعب الأهلي وأفضل ظهير أيسر داخل أفريقيا، خلال تلك المباراتين دون إبداء أسباب”. إلا أنه يشيد بالمستوى الذي ظهر به منتخب تونس في مباراة فرنسا والتي نجح فيها نسور قرطاج بالفوز بهدف، مؤكدًا أن “علي معلول ساهم في تحقيق تونس الفوز على الديوك بشكل كبير”.

وفي جهة أريانة، قرب العاصمة تونس خرج المئات من مقهى وقد بدت على وجوهم مشاعر الغضب والحسرة، وقال مشجع ملتحف بعلم يدعى محمد خذري لوكالة الأنباء الألمانية “حققنا فوزا تاريخيا كان صفعة لفرنسا، لماذا لم نلعب بهذا المستوى ضد أستراليا كنا نستحق التأهل، المدرب جلال القادري وحده يتحمل المسؤولية”.

وقال مشجع آخر يدعى سمير عيادي “الفوز أسعدنا وضاعف من مرارة الخروج في نفس الوقت، للأسف انتفاضة متأخرة والتأهل إلى الدور الثاني يتأجل مرة أخرى”.

تحقيقه لحصيلة نقاط إيجابية، لم يحم القادري، فقد يتجه الاتحاد التونسي لكرة القدم إلى التخلي عنه

وفي الشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة وسط العاصمة أطلقت السيارات آلات التنبيه وتجمع المئات من المشجعين ممن كانوا في المقاهي القريبة، أمام مبنى المسرح البلدي للاحتفاء بالفوز ضد فرنسا.

كثيرا ما يحبّذ القادري اللعب بالرسم التكتيكي 4 – 3 – 3، وتؤكّد تقارير رياضية أن معدل فترة بقاء هذا المدرب على رأس الإدارة الفنية لكل فريق يشرف عليه هو 7 أشهر.

وكانت أطول تجربة تدريبية للقادري مع نادي الخليج السعودي، إذ دامت 730 يوما قاد خلالها الفريق في 59 مباراة، ونجح في تحقيق الفوز في 19 مباراة، وتعادل في 17، وتعرض للهزيمة في 23 مناسبة.

وعلى الرغم من تحقيقه حصيلة نقاط إيجابية، فقد يتجه الاتحاد التونسي لكرة القدم نحو التخلي عن القادري، وهو ما خلق تباينا واضحا لدى الأوساط الإعلامية والرياضية، بين من طالب بالإبقاء عليه في قادم التظاهرات القارية والدولية لما أظهره من عمل جاد ظهر خصوصا في مباراتي فرنسا والدنمارك، ورأي آخر يطلب التغيير وينادي بالمدرسة الأجنبية لقيادة السفينة الكروية التونسية.

12