جراحات تطويل القامة.. حلم مشروع لحياة أفضل

تحول حلم الحصول على قامة طويلة إلى حقيقة من خلال ما وصف طبيّا بأنه ثورة في عالم جراحات التجميل، وهو الحلم الذي حقق أمنية الكثيرين حول العالم، خاصة في الحالات الأقزام الذين يقل طولهم عن 120 سنتيمترا، كما أن هذه الجراحات حققت نجاحا، بصفة خاصة في ما يتعلق بالعيوب الخلقية في العمود الفقري والقدمين وعدم توازن النسبة بين الطول وبين حجم الجذع.
ويعتبر الأشخاص الذين يجرون مثل هذا النوع من الجراحات أن اكتساب بضعة سنتيمترات سيمنحهم فرصا جديدة للنجاح في الحياة، ويخلصهم من العزلة الاجتماعية، ويساعدهم على الزواج وتكوين أسرة. وتؤكد دراسة أجريت مؤخرا أن الرجال الأطول من المتوسط يتزوجون أصغر في السن ویحصلون علی وظائف ومداخيل مالیة أعلى من غيرهم، بالإضافة إلى أن الضغوط الاجتماعية لها أثرها على نفسية كل إنسان وحياته بشكل عام، كما أن طول جسم الإنسان وشكله هما عنصران مهمان في توازن الإنسان مع مجتمعه ونفسه.
ويرى الكثيرون أنه بإمكان عملية إطالة الأطراف الناجحة أن تغير حياة من يخضع لها بشكلٍ جذري، معتبرين أن الأمر يستحق العناء، لأن هذه الجراحة تزيد من احترام قصار القامة لذاتهم وثقتهم في أنفسهم.
ورغم أن تلك الجراحة شهدت طفرة جراحية كبيرة فإن هذا لا یعني عدم وجود معاناة وألم بعدها، فالمرضى يؤكدون أنها مرحلة مؤلمة وصعبة تستلزم إجراء التمارين ساعات طويلة، حتى تستعيد الأعضاء مرونتها وتلتئم الجروح والعظام. وأوضح المختصون في جراحة إطالة القامة أن الأشخاص الذين يجرون عملية تطويل للقامة لهم دوافع نفسية وشخصية تتمثل في التخلص من طولهم الأصلي، ودوافع اجتماعية تتمثل في رغبتهم من التخلص من نظرة المجتمع الدونية لهم، فمن المؤلم أن يشعر المرء بأنه الأقصر بين أسرته وأصدقائه ثم في جامعته وعمله وربما مناداة البعض له بالقزم، وهو ما يترك جرحا عميقا بداخله.
ونبه المختصون إلى أنه على الرغم من أن هذه الجراحات تحقق نجاحا متسارعا وتجعل المرضى يقفون على أقدامهم من اليوم التالي للجراحة مباشرة، إلا أنه لا بد لمن يجتاز هذه الجراحة من إجراء تدريبات أربع ساعات يوميا والمشي والرياضة يسهلان الحركة ويضمنان المرونة والتئام الجروح والعظام، وخلال ما بين شهر وخمسة شهور من الجراحة يمكن للمريض أن يسير بمنتهى المرونة والثقة في النفس.
الأشخاص الذين يجرون عملية تطويل للقامة لهم دوافع نفسية، ودوافع اجتماعية تتمثل في رغبتهم من التخلص من نظرة المجتمع الدونية لهم
وبإمكان أي إنسان في أي مرحلة عمرية أن يجري هذه الجراحة، ويزيد من طول قامته بشرط أن يكون وزنه مناسبا لطوله، وألا يكون مدخنا أو يعاني من أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض نفسيه تستدعي تعاطي أدوية منتظمة.
ويقول هشام عبدالباقي، خبير جراحات التجميل وتطويل القامة، “إن قصر القامة سواء للرجال أو النساء يعود لعدة أسباب، منها العوامل الوراثية، بالإضافة إلى ضعف إفراز هرمون النمو الذي يتم إفرازه خلال وقت النوم، مما يؤدي إلى قصر قامة الأطفال”. ويشير إلى أن هناك بعض الحالات المرضية التي قد تؤدي إلى قصر قامة الأطفال، وأخطرها الإصابات والكسور التي تؤثر على مراكز النمو عند الأطفال ومرض شلل الأطفال وحالات اعوجاج العظام.
كما أوضح عبدالباقي أن قصر القامة قد يكون في جهة واحدة مما يؤدي إلى الإصابة، محذرا من أن مثل هذه الحالات تترك أثرا سلبيا على العمود الفقري، في إشارة إلى أن مثل هذه الحالات تتطلب تدخلا جراحيا أو استخدام أدوات طبية تعويضية.
ويؤكد على أن هناك أمورا تساعد الأشخاص على الحصول على أكبر قدر من السنتيمترات خلال مرحلة النمو، منها التغذية بطريقة سليمة، بالإضافة إلى الحرص على ممارسة الرياضة، والنوم بطريقة سليمة ولساعات كافية حتى يتم إفراز هرمون النمو للأطفال بشكل كاف خلال فترة الليل وحتى موعد الاستيقاظ في الصباح.
وأفاد عبدالباقي بأنه بعد بلوغ الولد أو البنت سن الـ18 من العمر فلا يمكن أن تطول القامة بشكل طبيعي، لكن من الممكن استخدام جراحات تطويل القامة للحصول على زيادة بعض السنتيمترات في طول القامة، مشيرا إلى أن مثل هذه الجراحات كان يتم إجراؤها في الماضي للأشخاص الذين كانوا يعانون من عدم تساوي طول الساقين، ولكن في الفترة الأخيرة وبعد أن ظهرت وسائل لتطوير هذه الجراحات أصبح من الممكن إجراؤها لأي شخص يعاني من قصر القامة وحيث أصبحت تدخل ضمن جراحات التجميل التي يقصد بها الحصول على جسم مناسب وتحسين الحالة النفسية للشخص الذي يقوم بإجراء مثل هذه الجراحات.
ويوضح الدكتور أنور عبدالمطلب، استشاري جراحات الركبة والفخذ بجامعة عين شمس، أنه عند إجراء جراحة تطويل الساق فإنه يتم في الأول تقييم حالة كل مريض إكلينيكيا لمعرفة متطلباته، وبعدها يتم عمل دراسات طبية باستخدام أشعة “أكس راي” لمعرف قياس طول العظام بدقة، وبناء على هذه الدراسات يتم تحديد القدر الآمن من التطويل الذي من الممكن الحصول عليه دون أن يتعرض العمود الفقري للمريض للخطر.
كما يشير عبدالمطلب إلى أنه قبل جراحات تطويل القامة يتم استخدام مثبت خارجي لبعض الوقت، حيث يتم تثبيت هذا الجهاز حول العظمة التي سوف يتم تطويلها بواسطة أسلاك معدنية، ثم يتم عمل كسر عرضي في العظمة من خلال جرح صغير، وبعد ذلك بعشرة أيام تتم زيادة المسافة بين حلقات التثبيت بمعدل 1 ملليمتر يوميا، مما يساعد على تكوين نسيج عظمي جديد بين طرفي الكسر.
ومن جانبهم يؤكد مختصون في علم النفس أن معظم الأشخاص الذين يودون الخضوع لمثل هذا النوع من الجراحات يريدون ذلك لأسباب نفسية، ويرتبط ذلك على نحو واضح بصورة الجسم التي يتصورها كل شخص عن نفسه، حيث أثبتت مقارنة اختبارات نفسية قبل عملية التطويل وبعدها أن في معظم الحالات يعمل تطويل القامة على تحسين حالة الاضطراب العصبي التي تنتاب الشخص قبل الجراحة أو القضاء عليها، وذلك بسبب رغبة المريض في أن يصبح أطول قامة بغض النظر عن طوله الفعلي.