جازان تقرأ في معرضها الدولي الأول للكتاب

المعرض يناقش أهم قضايا الأدب ويسلط الضوء على أهمية الحرف اليدوية.
السبت 2025/02/15
تحفيز كل الأجيال على القراءة

ضمن جهود هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية لتعزيز الحراك الثقافي في المملكة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، انطلقت مؤخرا فعاليات الدورة الأولى من معرض جازان الدولي للكتاب، والذي يسعى إلى خلق حركية ثقافية مختلفة الأوجه في المنطقة، وهو ما نجح فيه منذ أيامه الأولى، عبر عناوينه وفعالياته والإقبال المكثف على أروقته.

تتواصل في منطقة جازان، بالمملكة العربية السعودية، فعاليات معرض جازان للكتاب 2025 في نسخته الأولى، والذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، خلال الفترة من 11 حتى 17 من شهر فبراير الجاري، بمشاركة كبريات دور النشر المحلية والدولية.

وتشارك في المعرض المقام تحت قبة مركز الأمير سلطان الحضاري، أكثر من 300 دار نشر ووكالة محلية وأخرى من مختلف الدول العربية والعالمية، إضافة إلى عدد من الجهات المحلية، ليحظى الزوار على مدار أيام المعرض بفرصة استكشاف مجموعة واسعة ومتنوعة من الإصدارات والمؤلفات في الشارع الأدبي والثقافي، إضافة إلى ما يضمه المعرض من برنامج ثقافي ثري، يحوي أكثر من 350 فعالية متنوعة، يتخللها العديد من المحاضرات والندوات وورش العمل التي تتناول مواضيع نوعية تشغل الشارع الأدبي والثقافي، بالإضافة إلى عدد من الجلسات النقاشية والأمسيات الشعرية وذلك بمشاركة متحدثين سعوديين وعرب، ما يثري تجربة الزوار ويحفز النقاش الفكري والحوار الثقافي الذي يقيمه عدد من المتخصصين.

الحوارات والأدب

المعرض يسعى إلى نشر قيم المعرفة والإبداع وتحفيز صناعة النشر المحلية علاوة على الاحتفاء بثقافة المنطقة وتراثها
♦ المعرض يسعى إلى نشر قيم المعرفة والإبداع وتحفيز صناعة النشر المحلية علاوة على الاحتفاء بثقافة المنطقة وتراثها

انطلق البرنامج الثقافي للمعرض، والذي يضم 200 فعالية تتنوّع ما بين أمسيات وندوات وجلسات شعرية وسردية ونقدية وفكرية. وتتضمن هذه الفعاليات جلسات حوارية متنوعة بعنوان “الرواية بين الكاتب ومزاج القارئ” يقدمها أسامة المسلم، ويحاوره المذيع مفرح الشقيقي، حول كيفية تأثير مزاج القارئ على تجربته القرائية وكيف تؤثر على الكتاب، وحول تحديات الكتابة للطفل تقام جلسة حوارية يتحدث فيها إبراهيم شيخ مغفوري، وتحاوره حضية خافي، ويناقش الحوار التوازن بين الترفيه والتعليم في الكتابة والتوازن بين الواقع وعالم الفانتازيا.

ويشمل البرنامج الثقافي جلسة حوارية حول الترجمة والذكاء الاصطناعي تقدمها دلال نصرالله وتحاورها مودة البارقي، وتطرح حواراً يشمل العلاقة بين الترجمة والذكاء الاصطناعي والتحديات التي تواجهها، وتستمر الجلسات الحوارية التي تشتمل على جلسة بعنوان “الرواية: التأثير والتأثر” يقدمها عمرو العامري، ويحاوره الدكتور أحمد علوش، وفي جلسة حوارية أخرى حول زراعة البن في جازان والذي يعد من المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها المنطقة، يتحدث حسن الغزواني ويحاوره يحيى عطيف.

أما التجربة الروائية السعودية فتخصص لها جلسة يتحدث فيها الدكتور حسن الحازمي ويحاوره عبدالعزيز طياش، في حوار يتناول التطورات التاريخية والثقافية والاجتماعية للمجتمع السعودي والرواية السعودية وارتباطها بالهوية.

أما الشعر فقد خُصصت له جلسة حوارية بعنوان “ذكريات شعرية” يتحدث فيها إبراهيم مفتاح ويحاوره محمد النعمى، تستلهم تأثير الذكريات على الحياة الشعرية ويتخللها بعض القصائد والقراءات الشعرية.

وكانت بداية البرنامج الثقافي للمعرض بأمسية قصصية بعنوان “أحاديث سردية”، شارك فيها القاص العباس معافا، والقاص عبدالله المطمي، وأدارها القاص محمد الرياني.

وتحدث ضيوف الأمسية عن القصة السردية، حيث بدأ القاص العباس معافا حديثه عن القصة السردية، وقال “هي من وجهة نظري نبضة حياة تُسجَّل بالكلمات. ولحظة مكثفة من المشاعر، أو فكرة متجسدة في شخصيات وأحداث، قد تكون القصة مجرد حكاية عابرة، لكنها في جوهرها تجربة إنسانية، تعكس أحلامنا، وأنها وسيلة لنتواصل مع الماضي ونفهم الحاضر،” مضيفا أن القصة ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي رحلة داخل النفس البشرية، حيث يكمن الجمال الحقيقي.

وعرف معافا القصة بأنها ليست مجرد فن أو أداة للترفيه، بل هي واحدة من أقدم أشكال التواصل البشري، وما يربطنا ببعضنا البعض عبر الأزمنة والثقافات، ثم قدم قصصا من تأليفه بعنوان “لذة، وبكاء، ومصادفة”.

كما تحدث القاص عبدالله المطمي عن القصة معتبرا أنها تجربة إنسانية، وتقديم تجارب، وأشار إلى أن القصة هي فضاء مفتوح، وقد تكون تجربة عاطفية، وقدم المطمي قصصا له نالت استحسان الحضور. وضمن البرنامج الثقافي للمعرض أقيمت أمسية شعرية بعنوان “ترانيم الشعر”، شارك فيها الشاعران نورا عثمان وعلي الحازمي، وأدارها محمد عباس.

 واستهلت الشاعرة نورا عثمان الأمسية بقصيدة بعنوان “الفراشة بالحب تحلم”، أما الشاعر علي الحازمي فقدم قصيدة شعرية “وحدك دون غيرك”، وتعددت القصائد الشعرية حيث تنوعت ما بين الحكمة والغزل والمدح بالإضافة إلى قصائد وجدانية تفاعل معها الجمهور. هذه التنوعات أبرزت العمق الثقافي والثراء الفني للشعر العربي.

وتُعد هذه الأمسية الشعرية ضمن سلسلة الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الكتاب 2025 في نسخته الأولى بمنطقة جازان، في خطوة تهدف إلى تعزيز الحراك الثقافي وتوفير منصة تحتفي بالمبدعين وتجمع محبي الأدب في أجواء أدبية راقية.

منصة جامعة

استقطاب زوار من كل الشرائح
♦ استقطاب زوار من كل الشرائح

شهدت منطقة الطفل بمعرض جازان للكتاب 2025 إقبالًا من الأهالي وزوار المعرض للاستمتاع بالفعاليات المتنوعة، التي تهتم بتثقيف وتوعية الأطفال بأهمية القراءة في أجواء ملهمة وتفاعلية.

وما يميز منطقة الطفل في معرض جازان للكتاب الأنشطة المتنوعة التي تقدم على مسرح الطفل على مدار اليوم، حيث انطلقت بـ”حكايات أماني” تتمثل في الشخصيات الكرتونية والألعاب الحركية وصندوق العجائب، إضافة إلى مشهد مسرحي بعنوان “السوق الشعبي” تخللته مسابقة الكتب المتوازية، ومسابقة الكلمات المفقودة، حيث عاش الأطفال تجربة فريدة مليئة بالعفوية والمرح، وقد تجاوز التفاعل حدود المشاهدة إلى المشاركة الإبداعية، وصقل مهاراتهم في أجواء من التفاعل والإلهام.

ويتجاوز مسرح الطفل كونه وسيلة ترفيهية ليصبح أداة تعليمية مميزة تنمي خيال الأطفال وتعزز القيم الإنسانية، وتقدم محتوى هادفًا ومؤثرًا، من خلال تسويق العروض المسرحية بأسلوب جذاب ومبتكر يجذب الجمهور.

كما شهد ركن الحرفيين بمعرض الكتاب في جازان 2025 إقبالًا مكثفا من الزوار الذين توافدوا للاستمتاع بالفنون التقليدية والمنتجات اليدوية المتميزة، وقد جمع الركن نخبة من الحرفيين المهرة الذين عرضوا إبداعاتهم في مجالات متعددة، حيث يشتمل الركن على عدد من الحرف اليدوية لإتاحة الفرصة أمام الزوار للتعرف على موروثات المنطقة وحرفها اليدوية التقليدية والفنية، وتضمنت حرفة النقش والحفر على القطع التراثية والأدوات الخشبية والخوص والورق، وحرفة صناعة الخوص والخرزيات، إضافة إلى حرفة صناعة الفخار والخزفيات.

♦ زوار المعرض يستكشفون مجموعة واسعة ومتنوعة من الإصدارات والمؤلفات إضافة إلى ما يقدمه البرنامج الثقافي الثري

وتأتي مشاركة الحرفيين في المعرض مواكبة لمبادرة “عام الحرف اليدوية 2025” وتحقيقاً لرؤية العام الثقافي المتمثلة في “ترسيخ مكانة الحِرف اليدوية محلياً وعالمياً بوصفها تراثاً ثقافياً وركيزة من ركائز الهوية السعودية،” وتحقيق رسالته التي نصّت على “مزاولة الحِرف اليدوية، وصوْنها، واقتنائها، وتوثيق قصصها، وتعزيز حضورها في الحياة المعاصرة،” كما تأتي هذه المشاركة سعيا إلى دعم وتشجيع الأفراد والجهات العاملة في مجال الحرف والصناعات اليدوية، ونقل خبراتهم ومهاراتهم للأجيال الناشئة، إضافة إلى توعية المجتمع بأهمية قطاع الحرف ثقافيًا واقتصاديًا، ما يسهم في تعزيز الصناعات الوطنية وتنويع الاقتصاد الثقافي، إضافةً إلى التوعية بأهمية وقيمة المهن والمنتجات التي تعتمد على الحِرف اليدوية، وما تُجسّده من عمقٍ تاريخي يُمثّل الهوية الثقافية السعودية.

من ناحية أخرى تُعتبر السياحة الثقافية في منطقة جازان أحد أبرز أشكال السياحة التي تعكس التراث الغني والتاريخ العريق للمنطقة، لما تتميز به من تنوع ثقافي، حيث تجتمع فيها العادات والتقاليد المختلفة، ما جعلها وجهة مثيرة للاهتمام للزوار من داخل المملكة وخارجها.

وأضفى معرض جازان للكتاب 2025 الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة بعنوان “جازان تقرأ”، زخماً ثقافياً ورونقاً أدبياً وفنياً مبهراَ لموسم شتاء جازان هذا العام، ما جعله أحد أبرز الفعاليات الثقافية والأدبية في المملكة حالياً. ويُعد المعرض منصة تهدف إلى تمكين دور النشر من عرض أحدث إصداراتها، وتعزيز التواصل والتبادل الثقافي من خلال البرامج الثقافية التي تعنى بإثراء الحراك الثقافي.

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف الواصل -في بيان له- إن “معرض جازان للكتاب 2025، يأتي ضمن جهود الهيئة لتعزيز الحراك الثقافي بالمملكة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، من خلال نشر قيم المعرفة والإبداع، وتحفيز صناعة النشر المحلية، خاصة أن هذه هي النسخة الأولى في منطقة جازان، التي يتم السعي من خلالها لتسليط الضوء على الإرث الثقافي الغني للمنطقة حيث تشتهر جازان بثقافتها الغنية وتراثها العريق.”

 ويعد معرض جازان للكتاب 2025 أول المعارض التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة في العام الحالي، بعد سلسلة من المعارض السابقة التي شملت معرض الرياض في أكتوبر، ومعرض المدينة المنورة في أغسطس، ومعرض جدة في ديسمبر من العام الماضي.

12