جائزة الكتاب العربي تتوج سبعة عشر كاتبا من العالم

اهتمت جائزة الكتاب العربي على هامش تتويج الفائزين بدورتها الثانية، بلغة الكتاب العربي، حيث منحت المساحة لمثقفين ومفكرين عرب لتقديم أوراق بحثية مهمة عن واقع الكتابة والتحولات اللغوية المعاصرة بالتزامن مع ازدهار حركة الترجمة ومدى تأثيرها في اللغة، مع الاهتمام بمدى مواكبة اللغة لتطورات العصر.
الدوحة - شهدت العاصمة القطرية الدوحة مساء السبت الماضي تتويج الفائزين بجائزة الكتاب العربي في دورتها الثانية، وذلك خلال حفل أقيم بحضور لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، وعدد من كبار المسؤولين والسفراء المعتمدين. وقام الدكتور حسن النعمة الأمين العام للجائزة، بتكريم أحد عشر فائزا في فئة الكتاب، وستة فائزين في فئة الإنجاز.
مواكبة الفكر الإنساني
خلال الحفل، أعلن عبدالرحمن المري، المستشار الإعلامي للجائزة، أسماء الفائزين بجوائز هذه الدورة، والذين توزّعوا على قائمتين: قائمة أولى ضمت الفائزين بجائزة الكتاب العربي في فئة الكتاب المفرد، والثانية هي قائمة فئة الإنجاز، ولفت المري إلى أن الجائزة تلقت في دورتها الثانية 1200 ترشيح من 35 دولة من العالم العربي وخارجه.
وفاز بالجائزة هذا العام في فئة الكتاب المفرد في مجال الدراسات التاريخية، حافظ عبدولي بالمركز الأول عن كتابه “من تريبوليتانيا إلى طرابلس: المشهد التعميري خلال العصر الوسيط المتقدم بين التواصل والتحولات”، وجاء يونس المرابط في المركز الثاني عن كتابه “فتح الأندلس في الاستشراق الإسباني المعاصر ما بين النفي والإثبات”.
وفي مجال الدراسات اللغوية والأدبية جاء في المركز الأول عبدالرحمن بودرع عن كتابه “بلاغة التضاد في بناء الخطاب – قضايا ونماذج”، وفي المركز الثاني محمد عبدالودود أبغش عن كتابه “الأبنية الشرطية اللاواقعية – مقاربة لسانية عرفنية”، بينما حل محمد غاليم بالمركز الثالث عن كتابه “اللغة بين ملكات الذهن – بحث في الهندسة المعرفية”.
أما في مجال الدراسات الاجتماعية والفلسفية فقد فاز في قسم الفلسفة محمد الصادقي بالمركز الثاني عن كتابه “الوجود والماهية بين أبي علي ابن سينا وفخر الدين الرازي”، وبالمركز الثالث عبدالرزاق بلعقروز عن كتابه “الاتصاف بالتفلسف: التربية الفكرية ومسالك المنهج”، وبالمركز الثالث (مكرر) يوسف تيبس عن كتابه “مفهوم النفي في اللسان والمنطق”، أما في علم الاجتماع فقد فاز بالمركز الثاني: عبدالقادر مرزاق عن كتابه “الاستعارة في علم اجتماع ماكس فيبر وزيغمونت باومان”.
وفي مجال العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، جاء في المركز الثاني الحسان شهيد عن كتابه “رسالة الشافعي: في السياق والمنهاج والخطاب دراسة في نظرية المعرفة الأصولية”. وفي مجال الموسوعات والمعاجم وتحقيق النصوص، فاز بالمركز الثالث كل من محمود العشيري وعبدالعاطي الهواري ومحمد البدرشيني عن كتابهم “الرصيد اللغوي المسموع: قائمة معجمية لرصيد مسموع الطفل العربي من الفصيحة بناء على مدونة محوسبة”.
كما تم تتويج الفائزين في فئة الإنجاز لكل من الأفراد والمؤسسات، حيث فاز من الأفراد كل من الكتاب: أحمد المتوكل، ورمزي بعلبكي، وإبراهيم القادري بوتشيش، إلى جانب تتويج المؤسسات وشملت معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية ومقره القاهرة، وكرسي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع للغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية، ودار النشر دار الكتاب الجديد المتحدة.
وفي كلمته خلال حفل تتويج الفائزين، قدّم أمين عام الجائزة الدكتور حسن النعمة التهنئة للفائزين، وأكد أن هذه الجائزة ليست مجرد تكريم للمؤلفين، بل تجسيد لمواكبة الأمة لمسيرة الفكر الإنساني، واستلهام لتراثها العربي العريق. ولفت النعمة إلى أن التراث العربي كان ولا يزال رافدا أساسيا للمعرفة الإنسانية، مشددا على أهمية دور الأدباء والمفكرين في تعزيز الوعي الثقافي وترسيخ القيم الفكرية.
واعتبر أن الجائزة ليست مجرد تكريم للكتاب، بل هي تعبير عن مواكبة أمتنا لمسيرة الفكر الإنساني، واستلهام لتراثنا العربي العريق الذي قدم للبشرية زادا معرفيا نفتخر به على مر العصور، ووصف الحضارة العربية بأنها تُشكل منارة هادية، ومرجعا أصيلا، وإرثا غنيا بالعلوم والمعرفة.
وفي كلمته التي ألقاها باسم الفائزة بالجائزة، قال الدكتور رمزي بعلبكي إن الكتاب في جوهره ليس مجرد صفحات مكتوبة، بل هو صرح معرفي يبني العقول، ويؤسس للنهضة، وأضاف أن التحديات التي تواجه الكتاب اليوم كثيرة، خاصة في ظل التطور التكنولوجي ودخول الذكاء الاصطناعي إلى مجالات التأليف والترجمة والتحليل اللغوي وغير ذلك. ورأى أن جائزة الكتاب العربي تأتي كخطوة مهمة لمواجهة تلك التحديات، ودعم الإنتاج المعرفي الأصيل الذي يحمل بصمة الإبداع الإنساني.
لغة الكتاب العربي
في إطار الفعاليات المرافقة لحفل تتويج الفائزين بالدورة الثانية من جائزة الكتاب العربي، شهدت الدوحة ندوة بعنوان “لغة الكتاب العربي: شؤون وآفاق”، شارك فيها الكتاب الفائزون بالجائزة، وعدد من المفكرين والأكاديميين.
شهدت الندوة العديد من المداخلات والنقاشات التي توزعت على جلستين، وقد شهدت الجلسة الأولى عدة مداخلات هي “تأنيس المصطلح المنطقي في كتاب التقريب لحد المنطق لابن حزم الأندلسي”، وتحدث فيها الدكتور كيان أحمد حازم، أستاذ اللغويات في جامعة بغداد، والذي تناول الآليات التي اتبعها ابن حزم في كتابه من أجل تأنيس المصطلح المنطقي وتقريبه إلى دائرة موسعة من المتلقين العرب.
وكانت المداخلة الثانية بعنوان “الكوني والفراغ المضموني للدلالة الفلسفية في النص الفلسفي العربي المعاصر”، وتحدثت فيها الأكاديمية الدكتورة نورة بوحناش، من قسم الفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية في جامعة قسنطينة.
أما المداخلة الثالثة فجاءت بعنوان “الأبعاد اللغوية في مشروع طه عبدالرحمن”، وتحدث فيها الأكاديمي التركي الدكتور محمد أنس سرميني، وكانت المداخلة الرابعة بعنوان “في سبيل الوضوح الفكري: زكي نجيب محمود والتحول اللغوي في الفلسفة”، وتحدث فيها الدكتور صلاح إسماعيل، أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب في جامعة القاهرة.
واختصت المداخلة الخامسة في “نظرات في البيان العربي: عن المشروع اللساني”، وتحدث فيها الدكتور عدنان أجانة، أستاذ النحو والصرف بكلية الآداب في جامعة عبدالمالك السعدي بالمغرب.
واستعرضت الجلسة الثانية خمس مداخلات قدّمها الدكاترة مختار الغوث، الذي تحدث عن “لغة الكتاب والكتابة في الثقافة العربية”، ولؤي علي خليل، الذي تحدث عن “هل ثمة لغة بريئة؟ دراسة في تحيزات اللغة العربية”، وأحمد صنوبر، الذي تحدث عن “لغة الكتاب الأكاديمي في الدراسات الإسلامية”، والأصم البشير التوم، الذي تحدث عن “بناء الجملة وأثره في إيصال الفكرة في الكتاب العربي”، وجعفر الحاج السلمي، الذي تحدث عن “واقع الكتاب المترجم إلى العربية المعاصرة”.
وجائزة الكتاب العربي، هي جائزة سنوية أطلقتها قطر في مارس 2024، وتهدف إلى تكريم الباحثين ودور النشر والمؤسسات المساهمة في صناعة الكتاب العربي. كما تهدف إلى الإسهام في إثراء المكتبة العربية، من خلال تشجيع الأفراد والمؤسسات لتقديم أفضل إنتاج معرفي في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وتكريم الدراسات الجادة والتعريف بها والإشادة بجهود أصحابها، فضلا عن دعم دور النشر الرائدة، للارتقاء بجودة الكتاب العربي شكلا ومضمونا.