جائحة كورونا تبرز التوازن بين العمل والجانب الإنساني للصحافي

الصحافية المستقلّة فانيسا أوفيونج الحائزة على جوائز دولية تنصح الصحافيين باتباع ما تمليه عليهم ضمائرهم وقلوبهم وإنسانيتهم.
الثلاثاء 2020/07/21
لا يمكن للصحافي الانفصال عن القضايا الإنسانية

واشنطن - تأثّرت التقارير الصحافية والعمل الإعلامي بتفشي جائحة كوفيد – 19، وأفرزت إشكالية أخلاقية حول المسافة التي يقف عندها الصحافيون خلال سرد قصص الضحايا، والتوازن بين العمل والجانب الإنساني للصحافي.

وفي خضمّ الأزمة الصحية العالمية تصدّرت المشهد الإعلامي إشكالية “كيف يمكن للمؤسسات الإخبارية أن تبتكر حتى يحصل المواطنون والمجتمعات على الأخبار التي يحتاجونها لاتخاذ قرارات في ضوئها، وكيف يمكن أن يلتزم الصحافيون بأخلاقيات المهنة أثناء التواصل مع المصادر”، وفق ما ذكر تقرير شبكة الصحافيين الدوليين.

وقالت الصحافية المستقلّة فانيسا أوفيونج الحائزة على جوائز دولية وغالبا ما تسلّط الضوء في تقاريرها الصحافية الإنسانية على السكان  “يواجه الكثير من الصحافيين تحديا خلال الإبلاغ عن قضايا إنسانية ويتساءلون عما إذا كان يتعيّن عليهم أن يقدموا مساعدة مالية أو أشكالا أخرى من المساعدة للأشخاص المحتاجين الذين يجرون مقابلات معهم”.

وأشارت إلى أنّ “بعض الصحافيين قدّموا مساعدات والبعض الآخر لم يفعل ذلك، فالكثير من القرارات تتعلق باحترام أخلاقيات المهنة مقابل التعاطف وتغليب الجانب الإنساني في التعاطي مع الأشخاص”.

ونظمت أوفيونج جلسة نقاشية على الإنترنت من أجل البحث مع الصحافيين والمتابعين حول إجابات عن الأسئلة التي تتعلق بهذا الموضوع.

ونصحت أوفيونج الصحافيين باتباع ما تمليه عليهم ضمائرهم وقلوبهم وإنسانيتهم، لكن عليهم احترام الخطوط الأخلاقية الصارمة “فإذا طلب مصدر أن يتقاضى أجرا مقابل مقابلة، على الصحافي الابتعاد”.

 وتحكم العمل الصحافي معايير محددة تجعل الصحافيين ينأون بأنفسهم عن تقديم المال أو الهدايا للمصادر، لاسيما وأن أي مدفوعات أو خدمات يمكن اعتبارها تضاربا في المصالح وتهديدا لمصداقية المعلومات وثقة الجمهور.

وشدّد موتينريو ألاكا المدير التنفيذي لمركز Wole Soyinka للصحافة الاستقصائية، على أخلاقيات الصحافة وعلى الصدق والدقة والإنصاف والمساءلة، وهي عوامل ضرورية للصحافيين ووسائل الإعلام إذا أرادوا أن يثبتوا دورهم في المجتمع بفعالية.

العمل الصحافي تحكمه معايير محددة تجعل الصحافيين ينأون بأنفسهم عن تقديم المال أو الهدايا للمصادر

لكنّ بعض الصحافيين يعتبرون أنّه يجب أن يبذلوا جهودا للمساعدة في تحسين أوضاع الأشخاص أو حتى إنقاذهم، لاسيما في الدول التي تضمّ الكثير من الفقراء والمجتمعات المهمشة.

ويرى ألاكا “عندما يكون الصحافي في العمل، عليه أن يعمل بمهنية عالية، إلا أنّه لا يمكنه الانفصال عن القضايا الإنسانية والوطنية”. وبرزت آراء أخرى تعتبر أنّ الجميع يطمح إلى حياة جيّدة، ولكن عندما يفشل المسؤولون الحكوميون المكلفون بهذا الواجب، يعمل الصحافيون على ملء الفراغ وإسماع أصوات المهمشين والمحتاجين والذين يعيشون في أوضع صعبة. وعلى الصحافي أن يستثمر الفرصة وينقل أصوات هؤلاء الأشخاص ويضغط في تقاريره من أجل التغيير.

واعتبر جيف لوينشتاين المدير التنفيذي والمؤسس لمركز الصحافة التعاونية أن “على الصحافي أن يشعر براحة”، موضحا أنّه من المفيد أن يكون لدى الصحافي عدد من الأشخاص الموثوق بهم الذين يمكنه التحدث معهم عن القرارات الصعبة، لاسيما الأخلاقية منها.

ومن أبرز الأعمال التي حظيت باهتمام القراء خلال الجائحة، كان ما فعلته الصحافية أوفيونج التي ركّزت عملها على التحديات الصحية للأمهات النيجيريات، وكانت سيدة حامل بتوأم، أحد المصادر التي تواصلت معها أوفيونج لنقل تجربتها الصحية في وضع مالي صعب، فقد خسرت عملها هي وزوجها، ولديهما طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات.

وبعد إجراء المقابلة مع هذه السيدة، فكرت أوفيونج بأن ترسل المال لمساعدة هذه الأسرة، لكنها كانت تدرك أنّ ثمة قضايا أخلاقية، متسائلة  “هل يجب أن يقدّم الصحافيون مساعدات مالية، أو مساعدات من نوع آخر، للأشخاص الذين يجرون مقابلات معهم؟ هل يمكن أن يبدو الأمر سيئا بحال قدّمت عونا لسيدة تعاونت معي من أجل التقرير الصحافي؟”.

وبالفعل هذا ما فعلته أوفيونج عندما فكّرت في ما إذا كانت تنتهك أخلاقيات المهنة عندما أرادت أن ترسل المال للأسرة المحتاجة، وناقشت هذا الأمر بالتفصيل مع لوينشتاين، وكانت إجابة المشاركين في الويبينار أنّه من الجيد مساعدة البشر لبعضهم، مع احترام الأخلاقيات المهنية.

18