ثمن الطاقة الخضراء نفايات التوربينات

رغم أن شفرات التوربينات القديمة ليست سامة إلا أن عدم التعامل معها بشكل صحيح قد يساهم في تأثيرات بيئية خطيرة.
الاثنين 2021/09/13
الطاقة النظيفة مستقبل البيئة

حين اتجه العالم إلى إنتاج الطاقة من الرياح لم يكن يعلم أن الثمن سيكون أكداسا من التوربينات كنفايات بعد تقاعدها، وبعد أن وجد حلول تدوير لأغلب مكونات هذه التوربينات بقيت الشفرات التي ظلت تشكل مادة يصعب تحللها، قبل أن يقع اكتشاف شفرات بتقنية تسمح بإعادة استخدام ألياف الكربون والزجاج في منتجات مثل الشاشات أو السيارات.

بروكسل- أصبحت عنفات الرياح (توربينات الرياح) مصدرا حيويا للطاقة الخضراء العالمية، لكن صانعيها يواجهون معضلة بيئية تكمن في كيفية إعادة تدويرها.

ونمت حصة الاتحاد الأوروبي في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح من أقل من 1 في المئة سنة 2000، عندما بدأت القارة في الحدّ من تسخين الكوكب من الوقود الأحفوري، إلى أكثر من 16 في المئة اليوم.

مع وصول الموجة الأولى من عنفات الرياح إلى نهاية حياتها، يتقرر تكديس عشرة آلاف من الشفرات في مواقع دفن النفايات حيث سيستغرق تحللها قرونا.

وأطلقت شركة سيمنس جاميسا الإسبانية للطاقة المتجددة هذا الأسبوع أول شفرات قابلة لإعادة التدوير، بتقنية تسمح بإعادة استخدام ألياف الكربون والزجاج في منتجات مثل الشاشات أو السيارات.

طاقة الرياح واحدة من أنظف أشكال الطاقة

وكان من الصعب إعادة تدوير الشفرات، التي تتكوَّن من ألياف زجاجية أو كربونية، وينتهي المطاف بهذه الأجزاء في مدافن النفايات بمجرد إيقاف تشغيل مزرعة الرياح، عادة بعد 20 إلى 25 عاما من الاستخدام.

وقال أندرياس ناوين، وهو الرئيس التنفيذي للشركة التي تتوقع أن تصبح الشفرات هي المعيار الصناعي، “لقد وصلنا إلى معلم رئيسي في مجتمع يهتم بالبيئة”.

وتعد أوروبا ثاني أكبر منتج في العالم للكهرباء المولدة بواسطة الرياح، وتشكل حوالي 30 في المئة من الطاقة العالمية، مقارنة بـ39 في المئة في الصين، وفقا للمجلس العالمي لطاقة الرياح، وهو اتحاد تجاري صناعي.

قال اتحاد “ويند يوروب”، إنَّ “على الدول في جميع أنحاء أوروبا حظر دخول شفرات التوربينات القديمة إلى مدافن النفايات بحلول منتصف العقد”.

دعا “ويند يوروب” المفوضية الأوروبية إلى حظر توجيه شفرات التوربينات التي يتمُّ إيقاف تشغيلها إلى مدافن النفايات بحلول عام 2025، على أمل زيادة الجهود المبذولة لإعادة تصميم الشفرات لجعلها قابلة لإعادة التدوير. كما تعهد الاتحاد بعدم شحن الشفرات إلى مدافن النفايات خارج الاتحاد الأوروبي.

وتتوقع ويند يوروب، وهي جمعية تجارية مقرها بروكسل تعمل على تعزيز استخدام طاقة الرياح في أوروبا، التخلص من 52 ألف شفرة سنويا بحلول سنة 2030، أي ما يشكّل ارتفاعا من حوالي ألف شفرة في اليوم.

وقال رئيس الشركة التنفيذي جايلز ديكسون، “يريد الجمهور أن يطمئن إلى أن طاقة الرياح مستدامة ولا تخلق مشكلات في الرسكلة”، واصفا شفرة سيمنز الجديدة القابلة لإعادة التدوير بأنها “إنجاز مهم”.

في حين أن الشفرات ليست سامة، إلا أن عدم التعامل معها بشكل صحيح، قد يساهم في تأثيرات بيئية خطيرة، بما في ذلك تلوث الأرض والمجاري المائية.

وقال مارتن غيرهارد وهو من المدراء في شركة سيمنز جيمز، “إن لجميع أشكال الطاقة بعض التكلفة البيئية، لكن مصادر الطاقة المتجددة، بحكم تعريفها، تسبب ضررا أقل للكوكب فإذا نظرت إلى آبار النفط والتسرّبات أو إذا فكرت في تسرب الميثان، فإن الرياح تسبب مشكلات أقل مقارنة بالصناعات الأحفورية”.

كما تعد طاقة الرياح واحدة من أنظف أشكال الطاقة، حيث تقل البصمة الكربونية بنسبة 99 في المئة عن الفحم، و75 في المئة عن الطاقة الشمسية، وفقا لدراسة أجرتها شركة برنشتاينريبسرش، وهي شركة أبحاث مقرها الولايات المتحدة.

وتأتي انبعاثاتها أساسا من إنتاج الحديد والصلب المستخدم في التوربينات والخرسانة لأساسات طواحين الهواء.

وقالت مؤلفة الدراسة ديبا فينكاتيسواران، إذا خُفّفت هذه الآثار بتقنيات مثل التقاط الكربون وتخزينه، “فستكون قادرة على قطع البصمة الكربونية تماما”.

كدس من النفايات حين تتقاعد

وأصبحت الجبال المتنامية من النفايات الناتجة عن الشفرات القديمة نقطة تجمع للجماعات المعارضة لتوربينات الرياح، والتي يقولون أيضا إنها صاخبة وتفسد أجواء الريف.

وقال إريك واينبيرغ وهو مدير المناصرة في جيوسايكل، وهي شركة إدارة نفايات مستدامة، إنه “من المرجح أن يظل مكب النفايات هو الخيار المفضل لأنه الأرخص، وهذه مشكلة لأنه لا يوجد التزام بإعادة التدوير أو الاسترداد”.

وتعمل جيوسايكل وويند يوروب على الضغط من أجل حظر مدافن النفايات في جميع أنحاء أوروبا، حيث حظرت أربع دول فقط (النمسا وألمانيا وهولندا وفنلندا) دفن المواد المركّبة، مثل شفرات توربينات الرياح.

وتشترك جيوسايكل في إدارة فرن أسمنت في ألمانيا، مع شركة لافارج العملاقة لصناعة البناء، التي تعمل جزئيا على حرق الآلاف من الأطنان من توربينات الرياح القديمة، والتي تخلق كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالوقود الأحفوري.

طاقة الرياح تعدّ واحدة من أنظف أشكال الطاقة، حيث تقل البصمة الكربونية بنسبة 99 في المئة عن الفحم

ويمكن طحن الشفرات القابلة لإعادة التدوير لاستخدامها في منتجات مثل مرايا السيارة الخلفية وألواح العزل، أو معالجتها بالحرارة لإنشاء مواد لألواح إضاءة السقف والمزاريب.

ومع ذلك، تقول المجموعات الصناعية إن هذه التقنيات ليست متاحة حاليا على نطاق تجاري أو بسعر يجعلها بدائل قابلة للتطبيق لمكب النفايات.

وقال ديفيد روميرو فيندل، المؤسس المشارك لشركة ريسيكلاليا، التي تقطع شفرات التوربينات لإعادة تدويرها كغزل وأنسجة من ألياف الكربون، إن فرض حظر على مدافن النفايات سيساعد شركته. وتابع “نحن بحاجة إلى أن يدفع الاتحاد الأوروبي القطاع في اتجاه إعادة التدوير هذا”.

قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية فيفيان لونيلا، إنها ستراجع سياساتها المتعلقة بدفن النفايات في 2024. وإن “إعادة تدوير الأجزاء المركبة (الطاحونة الهوائية) لا تزال تشكل تحديا بسبب قيمة المنتج المعاد تدويره المنخفضة والكمية الصغيرة نسبيا من النفايات (المنتجة)، والتي لا تحفز أسواق إعادة التدوير”.

20