تيغراي ثقل تاريخي يتحدى سلطة آبي أحمد

رغم العدد الضئيل لسكان تيغراي إلا أن الإقليم استطاع أن يهيمن عبر جبهة تحرير شعب تيغراي على الهيئات السياسية والأمنية في إثيوبيا منذ سنة 1991.
السبت 2021/10/30
إقليم يتحدى السلطة

نيروبي- لعب إقليم تيغراي دورا محوريا في تاريخ إثيوبيا وحظي بوزن ثقافي واقتصادي وسياسي هائل احتفظ به عبر التاريخ، وهو رغم الحملة العسكرية المستمرة منذ عام ما زال يتحدى سلطة رئيس الوزراء آبي أحمد الذي عمل منذ تسلم منصبه في 2018 على تهميش دور قادته السياسيين.

وتيغراي إحدى المناطق الإدارية العشر التي تتألف منها إثيوبيا المقسمة وفق نظام “الفيدرالية الإثنية”. ومعظم سكان الإقليم من أقلية التيغراي التي تضم حوالي ستة ملايين نسمة، ما يساوي أقل من 6 في المئة من مجموع الإثيوبيين البالغ عددهم 110 ملايين نسمة.

ورغم هذه العدد الضئيل نسبيا إلا أن إقليم تيغراي هيمن عبر جبهة تحرير شعب تيغراي على الهيئات السياسية والأمنية في إثيوبيا بين سنة 1991 حين أسقطت دكتاتورية الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية وحتى وصول رئيس الوزراء آبي أحمد إلى السلطة عام 2018.

آبي أحمد المتحدّر من عرقية أورومو بدأ منذ توليه السلطة بإبعاد قادة جبهة تحرير شعب تيغراي من مناصبهم في أديس أبابا

وحُكمت إثيوبيا خلال الجزء الأكبر من تلك الفترة من قبل الزعيم التيغراني ملس زيناوي. لكن منذ تولى آبي أحمد المتحدّر من عرقية أورومو السلطة، بدأ إبعاد قادة الجبهة تدريجيا من مناصب المسؤولية في أديس أبابا، فانتقلوا إلى المعارضة ما حدّ من نفوذها السياسي، فانكفأت إلى تيغراي حيث أعادت ترميم شرعيتها في تحدّ لأديس أبابا من خلال تنظيم انتخابات لم تصرح السلطات بها في سبتمبر 2020.

وسيطرت الجبهة في منطقتها على معدات عسكرية ويعتقد أنها كانت تعتمد على حوالي 200 ألف عنصر من القوات شبه العسكرية والمسلحين في بداية الحرب. لكن قادة الحزب فرّوا منذ أواخر نوفمبر 2020 مع تقدم قوات أديس أبابا التي بدأت حملتها العسكرية عليها في مستهل ذاك الشهر.

ويتميز الإقليم بتضاريس وعرة ويقع عند أقصى شمال إثيوبيا على مسافة أكثر من 600 كيلومتر من العاصمة الفيدرالية أديس أبابا. وهو اليوم يشكل بفعل تراثه إحدى الوجهات السياحية الكبرى في البلاد.

وتحدّه من الشمال إريتريا التي انخرطت في حرب حدودية مع إثيوبيا قبل عقدين. وتقع عاصمته ميكيلي في شرق الإقليم وكانت تعدّ قبل اندلاع النزاع حوالي نصف مليون
نسمة.

وتقع فيه مدينة أكسوم المصنفة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي والتي كانت مركزا للحضارة الإثيوبية القديمة، حيث كانت المدينة مقر مملكة أكسوم بين القرنين الأول والتاسع. وبفضل الجهود التبشيرية للكنيسة القبطية أصبحت المسيحية في القرن الرابع الديانة الرسمية لمملكة أكسوم.

ومن أبرز معالم المدينة مسلّة يرجّح أنها تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد يصل ارتفاعها إلى 24 مترا.

وأكسوم موقع مقدس للمسيحيين الأرثوذكس الذين يشكلون الغالبية في إثيوبيا، إذ تحتوي بحسب الكنيسة الإثيوبية على تابوت العهد الذي يقال إن ألواح العهد حفظت فيه حمله إليها من القدس الإمبراطور منليك الأول الذي يعتبر ابن الملك سليمان وبلقيس ملكة سبأ والذي اعتبر ملوك إثيوبيا أنهم يتحدرون منه.

وتقول الرواية إن تابوت العهد لا يزال محفوظا إلى اليوم في كنيسة مريم سيّدة صهيون، أقدس المواقع لدى مسيحيي إثيوبيا.

وفي أواخر نوفمبر قتل جنود إريتريون المئات من المدنيين في أكسوم بينهم مسيحيون أرثوذكس تجمّعوا داخل الكنيسة خلال مهرجان وفق منظمة هيومن رايتس ووتش.

ويضم إقليم تيغراي العشرات من الكنائس القديمة المحفورة في الصخر أعلى كتل صخرية شاهقة، كما يوجد فيه مسجد النجاشي التاريخي الذي يقصده الزوار المسلمون.

وتعتبر تيغراي منطقة زراعية تنتج مزروعات مهمة مثل السمسم المعد للتصدير، كما تضم صناعات تنتج على المستوى الوطني، فيما ذكرت تقارير أن مواقع صناعية بارزة بما فيها أكبر معمل للنسيج في إثيوبيا تعرّضت للنهب على أيدي قوات إريترية خلال النزاع.

5