تونس تقترح سن قانون يكافئ المبلغين عن النشاط الإرهابي

تونس - تتحرك الحكومة التونسية للتخلص من التصنيفات الأوروبية الأخيرة التي وضعتها على القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وتعمل على مراجعة قانون مكافحة الإرهاب حيت أقر وزير العدل التونسي بضرورة مراجعة القانون حتى يتسق مع المعايير الدولية وذلك بالتنصيص صراحة على القرارات الأممية المتصلة بتمويل الإرهاب أبرزها منع أسلحة الدمار الشامل. فيما اقترح وزير الداخلية لطفي براهم سن قانون يكافئ المبلغين على النشاط الإرهابي اقتداء بجرائم مكافحة الفساد.
تدرس لجنة التشريع العام في مجلس نواب الشعب (البرلمان) مقترحات حكومية لإدخال تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال لعام 2015، بهدف ملائمة المعايير الدولية، في خطوة تكشف عن مساع حكومية حثيثة للخروج من لائحة التصنيفات الأخيرة للاتحاد الأوروبي التي وضعت تونس في القائمة السوداء لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال وزير العدل التونسي غازي الجريبي، الخميس، إن الحكومة قررت مراجعة قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، بما يتلاءم مع تشريعات محليّة ودولية. وكانت الحكومة اقترحت قبل أسابيع على البرلمان إدخال تعديلات على القانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2015، والذي ينص على عقوبات تصل إلى الإعدام.
وتعرض القانون إلى انتقادات محلية من قبل أوساط حقوقية رأت في البعض من فصوله تقييدا للحريات، فيما يحرج تصنيف تونس على لائحة سوداء منذ فبراير الماضي الحكومة على مستوى دولي لما يكشفه من أداء ضعيف وتساهل في تطبيق أو مراجعة قوانينها.
وحسب الوزير تتمثل أهم محاور تعديل القانون في إرساء الإطار القانوني والمؤسساتي، وتوفير الإجراءات اللازمة لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمنع تمويل انتشار التسلح، وإرساء آلية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وتمويله.
وبّين أن “النص (القانون) الذي تشكّلت بموجبه اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية)، أسند للأخيرة صلاحية متابعة تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة بتمويل الإرهاب، دون التنصيص صراحة على القرارات الأممية المتصلة بمنع أسلحة الدمار الشامل، وهذا ما سيتم إضافته في نص القانون”.
ولجنة مكافحة الإرهاب مكلفة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، في ما يتعلق بالجرائم المتصلة بالإرهاب. وتمت مراجعة العديد من فصول قانون مكافحة الإرهاب، خاصة المتعلقة منها بالمؤسسات المالية والبنك المركزي، والقطب القضائي والاقتصادي (محاكم مختصة).
وأبدى محمد بن سالم النائب عن حركة النهضة تفهمه لطلب الحكومة إذا ما كانت هناك ثغرات بالقانون تعيق جهود مكافحة معضلة التطرف في البلاد. وقال بن سالم لـ”العرب”، “نقبل مراجعة القانون إذا استدعى ذلك بشرط ألا يمس من الحريات”.
ويشير خبراء أن تونس تسعى إلى إقناع دول الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن تصنيفها باللائحة السوداء، خاصة وأن هذا القرار يتضارب وجهودها في مكافحة الفساد والتطرف في فترة انتقالية صعبة تمر بها الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011. كما أنه يغض النظر عما تبديه البلاد من التزام بتطبيق القرارات الأممية والاتفاقيات الدولية التي تدعم جهود السلام والاستقرار.
وأكد علية العلاني الخبير الأمني لـ”العرب”، أن “تونس تؤيد بقوة منع تمويل انتشار السلاح ونقوم بمراقبة من يصنعون أسلحة الدمار الشامل تحسبا لحروب مستقبلية”. ولفت أن “تقارير أمنية تؤكد أن أفريقيا مهددة بموجات إرهابية كما أن الحركات الجهادية متواجدة بها بشكل مكثف”.
وتابع “من المتوقع في السنوات القادمة أن تكون هناك حروب مباشرة أو بالوكالة تحت شعار مقاومة الإرهاب وهو ما يستوجب استعدادا قانونيا من طرف المنطقة بما في ذلك تونس”.
ويفسر مراقبون دعوة الحكومة لإجراء تعديل في القانون إلى سعيها إلى تطبيق إجراءات تشريعية استعجالية تنظر في التصنيفات الأوروبية لتفطنها إلى ثغرات تعيق تطبيقه. كما تهدف هذه الدعوات إلى تطوير المنظومة الأمنية في البلاد.
وشرح وزير الداخلية التونسي لطفي براهم خلال جلسة استماع له أمام البرلمان تفاصيل التعديلات وقال إنّ “الأحكام الواردة بالفصل 57 جديد تتعارض مع الفصل 8 وستقف عائقا أمام عمل الوحدات الأمنية المختصة في مكافحة الإرهاب”.
مشيرا إلى أن “تحديد مدة الاختراق بـ4 أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط غير كاف”. واقترح براهم التوسع في ذلك وإدراج أحكام خاصة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، مع تمكين ممثل عن القطب الأمني لمكافحة الإرهاب من عضوية اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب.
ودعا وزير الداخلية التونسي إلى سنّ قانون ينظم إسناد المكافآت للمبلّغين عن الجرائم الإرهابية في خطوة لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب. وقال براهم، في جلسة أمام البرلمان، أنه أصبح من المهم اعتماد المكافآت المالية لإضفاء فعالية أكبر على مكافحة الإرهاب.
وقال وزير الداخلية “المكافآت المالية من أهم الآليات المعتمدة في مجال مكافحة الإرهاب والوقاية منه في جل دول العالم باعتبار أنها تساهم بصورة فعّالة في التحفيز على الإبلاغ عن مرتكبي تلك الجرائم”. وعلى خلاف قانون مكافحة الإرهاب، يقرّ القانون التونسي لمكافحة الفساد مكافأة مالية للمبلّغين عن جرائم الفساد المالي. ويدفع وزير الداخلية بأن يتم اعتماد الخطوة نفسها في مجال مكافحة الإرهاب.
وأوضح الوزير “نقترح أحكاما تنص صراحة على إسناد مكافآت مالية للمبلّغين عن الجرائم الإرهابية واتخاذ إجراءات لحمايتهم”.
وتعرضت تونس منذ عام 2011 عقب أحداث الثورة والانفلات الأمني في البلاد، لهجمات إرهابية دامية من بينها ثلاث هجمات كبرى عام 2015 أودت بحياة 59 سائحا أجنبيا و13 عنصرا أمنيا وهجومين كبيرين ضد وحدات عسكرية في 2013 و2014 خلّفت 22 قتيلا من العسكريين.