تونس تسعى لتوفير التغطية الاجتماعية للعاملات في الزراعة

الحكومة التونسية تسعى إلى تعزيز برامجها الموجهة للنساء العاملات في القطاع الزراعي، وتستعد لإطلاق برنامج يمكن الآلاف من العاملات من التمتع بالتغطية الاجتماعية.
الثلاثاء 2018/05/29
حياة شاقة

تونس - تستعد تونس لتعزيز الإجراءات الرسمية لضمان التغطية الاجتماعية للنساء العاملات في مجال الزراعة، واللاتي تشير التقارير الرسمية وغير الرسمية إلى أنهن يعملن في ظروف سيئة جدا.

وتستعد وزارة المرأة لإطلاق إجراء يضمن التغطية الاجتماعية لحوالي 500 ألف امرأة في الأرياف التونسية، إذ سيساعد هذا الأمر النساء المزارعات في التمتع بخدمات الصناديق الاجتماعية ومن بينها مجانية العلاج والحصول على الدواء إلى جانب ضمان حقهن في التقاعد.

وكانت وزيرة المرأة نزيهة العبيدي قد أعلنت الأربعاء الماضي، أنه سيتم تمكين أكثر من 500 ألف من العاملات في الأرياف من التغطية الاجتماعية.

وأوضحت العبيدي خلال جلسة بالبرلمان أن التغطية الاجتماعية للنساء في الريف ستكون من خلال تطبيق سهل الاستعمال تم تطويره من قبل كفاءة تونسية.

وأكدت أن وزارة المرأة تبذل جهودا لتصبح المساواة في تونس أمرا مجسدا على أرض الواقع، مبينة أنه تم تخصيص خط اتصال هاتفي مجاني لرصد كل عمليات العنف ضد المرأة وإعداد دراسة لتحديد كلفة هذه الممارسات.

وجاء إطلاق التطبيق بناء على واقع صعب تعيشه النساء العاملات في مجال الزراعة، إذ يتقاضين رواتب ضعيفة مقابل قيامهن بأعمال شاقة كما لا يوفر لهن أرباب العمل أي تغطية صحية أو اجتماعية. كما تعمل نساء الأرياف في ظل ظروف مهنية رديئة، تتمثل في نقلهن بوسائل غير آمنة وإصابتهن بأمراض مختلفة نتيجة طبيعة العمل الشاق وعدم احترام شروط السلامة والصحة.

ووصفت إنصاف حامدي، رئيسة جمعية النهوض لإنصاف المرأة الريفية لـ”العرب”، توفير التغطية الاجتماعية للنساء في الأرياف بـ”الإنجاز العظيم”. وترجو حامدي أن “لا يقتصر الإجراء على 500 ألف امرأة فقط بل يشمل جميع النساء العاملات في قطاع الزراعة في تونس″.

وأكدت أن النساء في المناطق القروية في تونس يعانين من أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة بسبب مواردهن المالية المحدودة وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في الأسواق التونسية.

وشددت على أن الأوضاع تصبح أسوأ بالنسبة إلى هذه الفئة من النساء عندما تكون المرأة هي العائل الوحيد لعائلاتها والمسؤولة الوحيدة عن تأمين أساسيات العيش ومتطلبات الحياة اليومية.

وتقوم جمعية النهوض لإنصاف المرأة الريفية بالاشتراك مع جمعيات أخرى بتوزيع مساعدات، تتمثل في المواد الغذائية والسلع اللازمة لقفة رمضان، على البعض من الأسرة الفقيرة خاصة التي تكون فيها المرأة هي العائل الوحيد.

نساء الأرياف التونسية العاملات في القطاع الزراعي  لا يتمتعن بخدمات الصناديق الاجتماعية من  علاج مجاني وتقاعد آمن
نساء الأرياف التونسية العاملات في القطاع الزراعي  لا يتمتعن بخدمات الصناديق الاجتماعية من  علاج مجاني وتقاعد آمن 

وقالت حامدي إن “توزيع قفة رمضان على المحتاجين جاء بسبب غلاء الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة في تونس، وهو ما يزيد من تفاقم صعوبات الحياة بالنسبة للمرأة الريفية التي تؤمن مورد الرزق الوحيد لعائلتها”.

وتابعت “المرأة المعيلة لعائلاتها تعاني العديد من المشكلات بسبب متطلبات الحياة التي يصعب عليها مجابتها نظرا لقلة امكانياتها المادية”.

وأفادت حامدي بأن جمعية النهوض لإنصاف المرأة الريفية قامت مع العديد من مكونات المجتمع المدني بتقديم مقترحات لوزارة المرأة لتحسين ظروف عيش المرأة العاملة في مجال الزراعة بالأرياف التونسية. وأوضحت أن الوزارة استجابت لأحد مقترحات الجمعية والمتمثل في توفير التدريب المهني للنساء في الأرياف بهدف إحداث مشاريعهن الخاصة، من خلال تخفيف شروط التمتع بهذه الفرص خاصة في ما يتعلق بالمستوى الدراسي.

وفي السابق كان محظورا على النساء الأميات أو المنقطعات عن الدراسة أو اللاتي لهن شهادة تعليم ابتدائي فقط المشاركة في تدريبات إحداث المشاريع الخاصة.

ولا تزال الجمعيات التونسية تتفاوض مع الحكومة حول عدد من المطالب التي من شأنها تحسين الأوضاع المهنية للعاملات في القطاع الزراعي.

وتتزايد في تونس عدد حوادث الطريق وخصوصا في الأرياف والتي تذهب ضحيتها نساء كن بصدد التنقل إلى مكان عملهن في الحقول. وكشفت تقارير أنجزتها منظمات مدنية أن عددا كبيرا من المزارعات يصبن بأمراض بسبب عملهن لساعات طويلة في ظروف مناخية صعبة (حرارة شديدة أو برد شديد) أو بسبب حملهن لأوزان ثقيلة. ولا تكفي الرواتب الزهيدة التي تحصل عليها العاملات في الزراعة لتغطية تكاليف العلاج الباهظة والكثيرة، ويجد العديد منهن أنفسهن فريسة للمرض وللأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة نتيجة عدم انخراطهن في منظومات التغطية الصحية والاجتماعية.

وستتمتع المرأة العاملة في الأرياف بالتغطية الاجتماعية عن طريق تطبيق أطلقت عليه تسمية “احميني” (احمني)، إذ يكفي أن تشحن رصيد هاتفها الجوال بمبلغ مالي يراعي الأجر اليومي الذي تكسبه.

وتقول بعض المصادر إن المرأة المزارعة توفر 35 بالمئة من الأمن الغذائي في تونس.

وتطالب مكونات المجتمع المدني في تونس بزيادة رواتب العاملين في المجال الزراعي وبتحقيق المساواة في الرواتب بين النساء والرجال. كما يؤكد هؤلاء على ضرورة أن تفعّل الدولة أجهزة الرقابة التابعة لها للتصدي لكل التجاوزات التي ترتكب بحق العاملات في الزراعة.

وتدعو المنظمات المدنية إلى ضرورة التصدي إلى ممارسات التشغيل الهش للنساء في الزراعة وتحسين القوانين المنظمة للعمل في تونس، إلى جانب تأكيدها على أهمية التحقيق في تجاوزات الوسطاء المتورطين في النقل العشوائي.

وتندد أوساط مختلفة في تونس بالعنف الاقتصادي ضد العاملات في الزراعة. وتضغط هذه الأوساط من أجل تنفيذ برامج عمل مشتركة بين الأجهزة الحكومية يتم بموجبها توفير وسائل نقل آمنة للنساء العاملات في قطاع الفلاحة وتحقيق المساواة بين الجنسين في الرواتب.

4