تونس تستثمر الصحراء بتدشين أكبر منتجع سياحي

عززت تونس زخم انتعاش السياحة، التي تعتبر استثناء وسط غابة من الأزمات الاقتصادية، بتدشين أكبر منتجع صحراوي وسط البلاد لتحويل ولاية توزر إلى إحدى أبرز الوجهات العالمية في هذا المضمار، في تحرك يرى خبراء أنه سينعكس على المنطقة بخلق أعداد كبيرة من الوظائف المباشرة وغير المباشرة.
توزر (تونس) - دشنت وزارة السياحة التونسية أخيرا أكبر منتجع صحراوي على الإطلاق بالبلاد والواقع في منطقة مراح لحوار التابعة لولاية توزر بعد خمس سنوات من عمليات التشييد.
وتراود المسؤولون طموحات كبيرة للإسراع في تحويل الصحراء إلى أماكن تثير الزوار العرب والأجانب، بعد أن فقدت رونقها خلال السنوات الأخيرة.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية إلى وزير السياحة رونيه الطرابلسي قوله عند افتتاح المشروع، إن “المنتجع يعدّ فخرا للجهة ولتونس ككل، لاسيما وأن سلسلة فنادق أنانترا تصنّف من بين الأفضل في العالم”.
واعتبر الطرابلسي المشروع انطلاقة جديدة لتوزر، التي باتت بفضله وجهة العالم بعد أن كانت في السنوات القليلة الأخيرة منطقة حمراء محجّرة على السياح الأوروبيين.
ويراهن المسؤولون على أن يكون منتجع أنانتارا، البالغة تكلفته 47.2 مليون دولار، نقطة ضوء جديدة لقطاع استطاع بفضل استراتيجية حكومية أن يتجاوز بثبات الهجمات الإرهابية، التي ضربت تونس في 2015.
وأقيم المنتجع على مساحة 40 هكتارا ويضم 10 فنادق من الطراز الرفيع، 60 جناحا فاخرا، مرافق صحية، ملعب تنس، مطاعم، محلات تجارية، مرافق للمؤتمرات، مسرحا رومانيا، خيمة كبيرة على الطراز العربي، ومركزا للاستشفاء.
وأكد الطرابلسي أن مستثمرين كبار يرغبون في بناء منشآت سياحية في المنطقة على غرار هذا المشروع، غير أنه لم يكشف بالتدقيق عن تلك الشركات.
وشدد على ضرورة تنشيط مطار توزر- نفطة الدولي، لاسيما وأن الفترة الحالية تتزامن مع الإجراءات المتعلقة بتسيير 5 رحلات أسبوعية عبر الخطوط السريعة بين توزر والعاصمة مع تواصل الأسعار المعمول بها منذ عامين بغاية تشجيع السياحة الداخلية.
وكان يفترض تدشين المنتجع في يوليو الماضي، وفق ما تعهّدت به شركة الديار القطرية، الجهة المنفذة للمشروع، لكن عدة مشاكل فنية حالت دون ذلك.
ويتوقع أن يستقطب المنتجع السياح الخليجيين على وجه التحديد، فضلا عن سياح من أنحاء العالم الشغوفين باستكشاف الصحراء التونسية.
ووفق التقديرات الرسمية، سيوفر المنتجع حوالي 225 فرصة عمل مباشرة في اختصاصات متنوعة، وسيكون 70 بالمائة من العاملين فيه من المنطقة.
ويزور عدد قليل من السياح الصحراء الممتدة في الجنوب هذه الأيام، وأولئك الذين يزورون البلاد عادة يمكثون على الشواطئ الممتدة على الساحل.
ويصل نشاط السياحة الصحراوية إلى ذروته في الفترة بين أكتوبر وأبريل من كل عام قبل أن تشتدّ درجات الحرارة، إذ تتجاوز أحيانا 50 درجة مئوية.
ويؤكد كثيرون أن هذا النوع من السياحة ظل منذ 2011 مجالا مهمشا نتيجة الفوضى، التي مرت بها تونس واقتصر دورها على أن تكون “دولابا احتياطيا” لسياحة الشواطئ في المدن الساحلية مثل سوسة، بنزرت، الحمامات، طبرقة، وجربة.
لكن ومنذ 2016 شرعت السلطات في تنفيذ خطة تقوم على التنويع السياحي ليشمل السياحة الصحراوية والثقافية والبيئية والمؤتمرات، وغيرها.
وأطلقت وزارة السياحية خطة العام الماضي لدعم كل تلك الأنشطة في مسعى منها لجذب أكثر من 10 ملايين سائح بحلول العام المقبل، غير أن مراقبين يتوقعون رقما أكبر من ذلك بكثير في ظل المؤشرات الحالية.

وحاولت تونس في السنوات التي تلت الفوضى السياسية إعادة زخم السياحة الصحراوية حينما أطلقت مبادرات لإحياء عدة أماكن كان لها الأثر الكبير في استقطاب الزوار.
وقامت وزارة السياحة في أبريل 2014 بالشراكة مع جمعيات غير حكومية بحملة لجمع 124 مليون دولار لترميم المدينة الخيالية، التي أقيمت بمنطقة عنق الجمل في توزر لتصوير لقطات من الفيلم الشهير حرب النجوم.
كما وجّهت السلطات أنظارها صوب ولاية تطاوين في أقصى الجنوب باعتبارها أحد الأقطاب السياحية لتنوع مناظرها الصحراوية والمناطق التراثية.
ويرجح أن تدعم السياحة الصحراوية خزائن الدولة بأموال إضافية مستقبلا، بعد أن أظهرت بيانات رسمية أن عوائد القطاع زادت بنحو 38.3 بالمئة منذ بداية العام الجاري وحتى العشرين من نوفمبر الماضي بمقارنة سنوية.
وتظهر البيانات الرسمية أن عدد الزوار في تلك الفترة بلغ 8.3 مليون سائح. ويتوقع أن يصل العدد إلى 9 ملايين سائح بنهاية العام الحالي، وهو رقم قياسي.
وانتعش القطاع، الذي يساهم سنويا بنحو 8 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي، مع عودة سياح الأسواق التقليدية بعد رفع دول أوروبية لتحذير السفر نحو الوجهة التونسية.
ولكن تونس لا تعوّل على تلك الأسواق فحسب، بل تراهن على السوقين الصينية والروسية اللتين أنقذتا الموسمين الماضيين بعد عزوف السياح من الوجهات التقليدية مثل بريطانيا.