توقيت سياسي سيء للأردن لإعلان قائمة باندورا

الديوان الملكي: معلومات مغلوطة تهدد سلامة الملك عبدالله وأسرته.
الثلاثاء 2021/10/05
وثائق مزعجة

عمان – عزت أوساط سياسية أردنية الانزعاج الرسمي من الوثائق المسربة، التي تحدثت عن ثروة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وحجم إنفاقه الخارجي، إلى أنها تأتي في وقت غير ملائم بالنسبة إلى الملك الذي كان قد نجح في تطويق “الفتنة” وما خلفته قضية الأمير حمزة من أزمة مع العشائر، معتبرة أن إثارة هذه الوثائق الآن يمكن أن تعيد الأردن إلى المربع الأول.

وكشف تحقيق نشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الأحد أن الكثير من قادة الدول، من بينهم العاهل الأردني، أخفوا الملايين من الدولارات عبر شركات خارجية (أوفشور) في ملاذات ضريبية، وهو ما أثار انزعاجا أردنيا على مستوى عال حيث وصف بيان للديوان الملكي هذه المعلومات بأنها مغلوطة وتهدد سلامة الملك عبدالله وأسرته.

وجاء في هذه الوثائق أن الملك أسس سلسلة من الشركات في الخارج، 30 منها على الأقل في بلدان أو مناطق تعتمد نظاما ضريبيا متساهلا. ومن خلال هذه الشركات اشترى 14 عقارا فخما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار.

وقالت الأوساط السياسية ذاتها إن الحديث عن ممتلكات الملك عبدالله الثاني في الخارج بهذا الحجم سيمس من صورة الملك نفسه، ومن الصورة العامة للمملكة الهاشمية، وخاصة حملاتها للحرب على الفساد، وتعهداتها بتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين، وهي تعهدات كانت قد نجحت في امتصاص الاحتجاجات في السنوات الماضية، وخاصة بعد تحرك العشائر في الأزمة الأخيرة.

الحديث عن ممتلكات الملك عبدالله الثاني في الخارج بهذا الحجم سيمس من صورة الملك وصورة المملكة

وأشارت هذه الأوساط إلى أن هذا سيكون بمثابة صدمة للمواطن الأردني الذي يدعم حكومته في تطبيق قانون الكسب غير المشروع الذي أقره مجلس الأمة مؤخرا، والذي يهدف إلى تدعيم نظم النزاهة ومحاربة الفساد في الأردن.

ومن شأن خروج هذه الوثائق في هذا الوقت أن يهز الثقة في عمل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي أنهت عملها منذ أيام، ويثار شك حول سبل تنفيذ التوصيات التي حملتها في ظل صفتها الاستشارية وإمساك الملك عبدالله الثاني بكل تفاصيل الملف السياسي.

وقال الديوان الملكي الأردني في بيان الاثنين إن المعلومات التي نشرت استنادا إلى “وثائق باندورا” بشأن عقارات الملك عبدالله الثاني “غير دقيقة” و”مغلوطة”، معتبرا أن نشر عناوينها يشكّل “تهديدا لسلامة الملك وأسرته”.

وأفاد البيان بأن التقارير الصحافية التي نشرت حول عدد من عقارات الملك في الولايات المتحدة وبريطانيا “احتوى بعضها معلومات غير دقيقة، وتم توظيف بعض آخر من المعلومات بشكل مغلوط، شوه الحقيقة وقدم مبالغات وتفسيرات غير صحيحة لها”.

وأضاف أن “ما قامت به بعض وسائل الإعلام من إشهار لعناوين هذه الشقق والبيوت هو خرق أمني صارخ وتهديد لأمن وسلامة جلالة الملك وأفراد أسرته”، مشيرا إلى أن الملك تحمّل شخصيا كلفة عقاراته في الخارج.

وأوضح الديوان الملكي الاثنين أن عدم الإعلان عن العقارات الخاصة بالملك “يأتي من باب الخصوصية وليس من باب السرية أو بقصد إخفائها”، مضيفا أن “إجراءات الحفاظ على الخصوصية أمر أساسي لرأس دولة بموقع جلالة الملك”.

وأشار إلى أن هناك “اعتبارات أمنية أساسية تحول دون الإعلان عن أماكن إقامة جلالته وأفراد أسرته، خاصة في ضوء تنامي المخاطر الأمنية”.

Thumbnail

وأكد كذلك أن الملك “يمتلك عددا من الشقق والبيوت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهذا ليس بأمر جديد أو مخفي”. وتابع أنه يستخدم “بعض هذه الشقق أثناء زياراته الرسمية ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة”. وأوضح أنه “تم تسجيل شركات في الخارج لإدارة شؤون هذه الممتلكات وضمان الالتزام التام بجميع المتطلبات القانونية والمالية ذات العلاقة”. وذكر البيان أن “كلفة هذه الممتلكات وجميع التبعات المالية المترتبة عليها تمت تغطيتها على نفقة جلالة الملك الخاصة، ولا يترتب على موازنة الدولة أو خزينتها أي كلف مالية”.

ويقول متابعون للشأن الأردني إن مثل هذه التقارير قد تؤثر على مساعي الأردن للحصول على مساعدات خارجية في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، كما قد يطال تأثيرها عودة الدفء إلى العلاقات مع الولايات المتحدة.

ورفض الديوان الملكي “أي ادعاء يربط هذه الملكيات الخاصة بالمال العام أو المساعدات”، معتبرا أن “كل الأموال العامة والمساعدات المالية للمملكة تخضع لتدقيق مهني محترف، كما أن أوجه إنفاقها واستخداماتها موثقة بشكل كامل من قبل الحكومة، ومن قبل الدول والجهات المانحة”.

والأردن، الذي يعتبر استقراره أساسيّا في المنطقة، هو من أبرز الدول التي تستفيد من مساعدات خارجية ولاسيما من الولايات المتحدة. كذلك تستفيد المملكة منذ فترة طويلة من برامج مساعدات يقدّمها لها صندوق النقد الدولي مقابل إجراء إصلاحات.

واعتبر الديوان الملكي أن “هذه الادعاءات الباطلة تمثل تشهيرا بجلالة الملك وسمعة المملكة ومكانتها بشكل ممنهج وموجه، خصوصا في ظل مواقفه ودوره الإقليمي والدولي”.

ويستند التحقيق الذي أطلق عليه اسم “وثائق باندورا” وساهم فيه نحو 600 صحافي إلى حوالي 11.9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية في دول منها قبرص وبيليز والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وسويسرا وجزر فيرجين. وسلط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.

وورد ذكر نحو 35 من القادة والمسؤولين الحاليين والسابقين في الوثائق التي حللها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في إطار ادعاءات تتراوح بين الفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي.

ومن بين الشخصيات الواردة أسماؤها في الوثائق المغنية الكولومبية شاكيرا وعارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر ونجم الكريكت الهندي ساشين تندولكار.

ومن بين الأسماء الواردة أيضا رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير الذي اشترى عقارا في لندن عبر شركة في الخارج، كما ذكرت الوثائق أن عائلة رئيس أذربيجان إلهام علييف وشركاء له ضالعون في صفقات عقارية تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات في بريطانيا فيما يملك رئيس كينيا أوهورو كنياتا وستة من أفراد عائلته مجموعة من شركات الأوفشور.

وأظهرت وثائق أوردها التحقيق أن أفرادا من أوساط رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان المقربة، من بينهم وزراء وعائلاتهم، يملكون سرا شركات وصناديق تبلغ قيمتها الملايين من الدولارات.

1