توصيات اللجنة الملكية في الأردن تعجل برحيل البرلمان

موقف العاهل الأردني من توصيات اللجنة الملكية يحدّد البوصلة.
الجمعة 2021/10/01
برلمان لا يحظى برضا شعبي

مع انتهاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن من عملها، طغت على الساحة السياسية في المملكة تساؤلات بشأن النتائج التي يمكن أن تترتب عن ذلك. ففي حين يرجح البعض أن يتمّ حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة على قاعدة القوانين الجديدة، يحذر آخرون من مغبة الإسراع بذلك.

عمان - ينتظر الأردنيون أن ترفع اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، توصياتها لتعديلات دستورية متصلة بقانوني الانتخاب والأحزاب إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بعد أن حدد الأخير موعدا لذلك قبل الدورة العادية المقبلة للبرلمان المقررة في نوفمبر المقبل، ما يطرح تساؤلات بشأن مستقبل البرلمان الحالي.

وتؤشر نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات الأخيرة خريف عام 2020 والتي بلغت 29 في المئة فقط، إلى عدم رضى من المواطنين عن قانون الانتخاب السائد بالبلاد، ما دفع العاهل الأردني إلى تشكيل اللجنة المذكورة في يونيو الماضي، سعيا لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، وزيادة نسبة الاقتراع في أي انتخابات قادمة.

وستكون مخرجات اللجنة ومدى قناعة عاهل البلاد بها، بمثابة البوصلة التي ستحدد خارطة الحياة السياسية بالأردن، وفي مقدمتها إقرار قانون انتخابي جديد، ربما يعجل برحيل البرلمان الحالي.

وجاء تشكيل اللجنة كخطوة على طريق عملية إصلاح ينادي بها الملك، وتحدث عنها في لقاءات مع مسؤولين ومواطنين، على أن تتسق مع “أوراقه النقاشية” السبع، التي أصدرها بين أكتوبر 2016 وأبريل 2017، وهي تمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل.‎

ويأمل الأردنيون بنتائج تحيي مفهوم المشاركة السياسية، وتحقق لهم دورا فاعلا في صنع القرار، خصوصا أن المشهد الحالي دفع بعزوفهم عن الانخراط بأهم وأبرز أبجديات العمل السياسي، وهي الأحزاب والانتخابات، لعدم رضاهم عن مخرجاتها.

نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة أظهرت فوز 12 مرشحا من 4 أحزاب فقط ضمن 47 حزبا مشاركا (من أصل 48)، وهو ما سجل تراجعا كبيرا مقارنة بانتخابات 2016 التي فاز فيها 34 نائبا من 11 حزبا

ويشير مراقبون أن استمرار البرلمان الحالي من عدمه، يتوقف على سرعة إقرار القانون الجديد، بعد مروره بمراحله الدستورية، متبوعا بقرار ملكي بحل مجلس النواب، والتوجيه بإجراء انتخابات لضمان تطبيق التحديثات السياسية.

ويرى بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية (حكومية)، أن “تشكيل اللجنة الملكية جاء في ظرف دقيق وحساس تمرّ به الدولة الأردنية، بحيث أن المشاركة السياسية من قبل المواطنين بات يُنظر إليها بأنها ضرورة ملحة في صناعة القرار”.

ويعتقد الماضي أن “رأس الدولة والحكومة سيتعاملان بطريقة مختلفة مع هذه المخرجات؛ كون النظام السياسي يشعر بضغوط الشارع الأردني وفقدان الثقة التي تجذرت في السنوات الأخيرة، لعدم ترجمة الرؤى الملكية إلى واقع ملموس”.

واستبعد أن يواجه “تنفيذ هذه المخرجات على أرض الواقع مشكلة كبيرة؛ لإدراك الحكومة ومجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) بضرورة الاتساق مع ما يفكر به العاهل الأردني”.

وأردف الماضي “انطلاقا من ذلك، فإن مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) أيضا لن يكون حجر عثرة بوجه هذه المخرجات؛ كون الغالبية العظمى من أعضائه قريبون جدا من التوجه الحكوميّ”.

وخلص إلى أن “مجلس النواب لم يعد يحظى بفرصة الاستمرار، وسيكون عمره مرهونا بإقرار التشريعات الجديدة”.

وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فوز 12 مرشحا من 4 أحزاب فقط ضمن 47 حزبا مشاركا (من أصل 48)، وهو ما سجل تراجعا كبيرا مقارنة بانتخابات 2016 التي فاز فيها 34 نائبا من 11 حزبا.

وتؤكد مصادر سياسية أن أي تأخير في تنفيذ مقترحات اللجنة، إذا لقيت قبولا من الملك عبدالله الثاني بعد عرضها عليه، سيخلق المزيد من الاحتقان الشعبي تجاه المؤسسات الحكومية وهذا ما تعمل القيادة الأردنية على تلافيه بعد أن نجحت في تهدئة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير.

Thumbnail

وتشير المصادر أن التعامل الجدي وتطبيق ما خلصت إليه اللجنة سيؤدي إلى تحول واضح في الحياة السياسية الأردنية والنهج المؤسسي الديمقراطي القائم على مشاركة عدد أكبر من مواطني الدولة.

ولا يحظى مجلس النواب بالثقة الشعبية العالية، خاصة مع تدني نسب المشاركة في الانتخابات الأخيرة، ما يجعل حلّه جزءا أساسيا من تحقيق طموحات الشارع في إجراء انتخابات نيابية جديدة حسب مخرجات اللجنة واقتراحاتها.

ويقول محمد كنوش الشرعة، أستاذ الأنظمة السياسية والبرلمانية بجامعة اليرموك (حكومية)، إن “لقاء الملك مع لجنة تحديث المنظومة السياسية قريب جدا، وذلك لاطلاعه على النتائج ومن ثم تحديد التوجهات العامة القادمة”.

ويضيف الشرعة “سترفع توصيات اللجنة بعد ذلك إلى الحكومة؛ لمراجعتها وصياغتها بشكل قانوني عبر ديوان الرأي والتشريع (حكومي)، ومن ثم إرسالها للبرلمان على شكل مشاريع قوانين، ليتم بعد ذلك بدء مناقشتها والسير بمراحلها الدستورية، وصولا إلى قوانين نافذة”.

وأكد الأكاديمي الأردني أنه “إذا ما تم إدراجها على برنامج عمل الدورة العادية المقبلة وإقرارها، وخاصة قانون الانتخاب، فإنه من الوارد وانطلاقا من قناعة الملك بتحقيق الإصلاح أن يحل مجلس النواب وهو صاحب القرار في ذلك، وتتم الدعوة إلى انتخابات وفق القانون الجديد”.

ورجح الشرعة بأن يكون الوضع هذه المرة “مختلفا عن السابق”، لكنه قرن ذلك “بسرعة تنفيذ ما سيرد بتوصيات اللجنة الحالية، بما فيها إجراء انتخابات برلمانية مبكرة ضمن قانون جديد يحقق المشاركة السياسية الفاعلة”.

ويحتفظ الأردنيون بذكريات سيئة بعد عدة مبادرات إصلاحية تمت صياغها لكنها بقيت حبرا على ورق.

ويتخوف هؤلاء من أن تكون مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مجرد مناورة سياسية لتهدئة الغضب المجتمعي المتصاعد لتنتهي مهامها بزواله.

وفي المقابل، أعرب عبد الفتاح الكيلاني أمين عام حزب الحياة (تأسس عام 2007)، عن أمله بألا يحل البرلمان قريبا.

وقال الكيلاني “أستبعد وأرجو ألا يكون هناك حل قريب للبرلمان، لأن الإسراع سيؤدي إلى إحداث فشل ولن تكون النتائج بالمستوى المأمول، وحرصا على إنجاح التجربة”.

وأردف “المعطيات تؤشر بأن هذا البرلمان سيبقى، وإن لم يكن حتى نهاية مدته عام 2023”.

وكان رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي قد صرح في وقت سابق “لديكم فرصة لتصويب أوضاعكم؛ لأنه لن يكون هناك انتخاب قبل 3 أعوام”.

2