تنشيط أكاديميات كرة القدم في تونس على المسار الصحيح

طريق المواهب نحو النجومية من الفكرة إلى الإنجاز.
الأحد 2021/01/03
ترسيخ ثقافة الفوز بالألقاب

يتواصل العمل بكل جدية على إنشاء أكاديميات كرة القدم في تونس وتطويرها، لاسيما بعد انتشارها الواسع في دول أفريقية وأوروبية، لذلك بدأت تنتشر في تونس أكاديميات لتعليم الأطفال فنون كرة القدم وأبجدياتها، على غرار بقية الدول العربية، وصارت تستقطب أعـدادا كبيرة من الأطفال، يتوزعون بين أكاديميات تابعة لأندية كبرى، وأخرى خاصة. وبات كل الرياضيين يتطلعون إلى اكتشاف مواهب واعدة ومساعدتها على الاندماج صلب الأندية. وما يدفع إلى الخوض في مسألة هذه الأكاديميات الخاصة هو تزايد عددها بشكل لافت.

تونس – عاشت تونس والبلدان العربية خلال السنوات الأخيرة على وقع انتشار واسع للأكاديميات الخاصة لتكوين البراعم والناشئين في كرة القدم ممن فضلوا تلقي أبجديات الكرة خارج أسوار الأندية. وحسب آخر الإحصائيات، فإن عدد هذه الأكاديميات حتى مطلع العام الجاري بلغ حوالي 90 أكاديمية تضم 3000 مجاز تتراوح أعمارهم بين 7 و16 عاما، وذلك بإشراف أساتذة ومدربين متحصلين على شهادة التدريب في كرة القدم.

وأعلمت الرابطة الوطنية لأكاديميات كرة القدم بتونس وهي مولود جديد انبثق عن رابطة شمال أفريقيا التي يترأسها النائب الأول للاتحاد العربي فتحي المهشهش، عن فتح باب التسجيل لاستقطاب المزيد من المواهب الشابة، وذلك على إثر الاجتماعات الإقليميّة في تونس والمنستير وقابس وقفصة والقيروان حول تطوير وتنشيط قطاع الأكاديميات الخاصّة في كرة القدم، كما أعلمت الإدارة الفنية واستنادا إلى برامج الاتحاد الدولي في تطوير اللعبة، أنه على كل مدرب تونسي متحصل على شهادة في التدريب من الدرجة الأولى، الثانية والثالثـة نظام قديم، أن يتقدم إلى التسجيل قصد خوض ورشات تدريبية وتكوينية في هذا النشاط.

واجتمع العديد من الممثلين عن الأكادميات عن 9 ولايات داخلية خلال شهر جويلية الفائت، حيث تم تشكيل رابطات جهوية، كل رابطة تتكون من هيئة تسييرية وفنيين مشرفين عن بطولة جهوية لتتنافس في ما بينها لفئات عمرية مختلفة من سبع إلى 16 سنة.

ويرأس الرابطة الجهوية بتونس كريم العرفاوي، بمعية نزار بن سعد الكاتب العام للرابطة الوطنية. في حين يرأس الرابطة الجهوية بنابل بدرالدين براملي ورابطة سوسة حمدي الثابوتي، والرابطة الجهوية بالمنستير نزار قريسة، والرابطة الجهوية بالمهدية أحمد زيان، والرابطة الجهوية بالقيروان محسن عبداللاوي، والرابطة الجهوية بسيدي بوزيد هيكل منافق والرابطة الجهوية بصفاقس أحمد بودبوس ورابطة مدنين محسن عروة.

تكوين لاعبي كرة القدم لا بد أن يخضع لضوابط علمية ومناهج متعارف عليها في أكبر مدارس أوروبا. وهذا ما تسعى أكاديميات التكوين في تونس إلى النسج على منواله

ويترشح كل بطل في الفئات المحددة ليتنافس مع بقية الولايات للعب على لقب البطولة الوطنية. وكل رابطة لها أربع منتخبات جهوية تمثل الولاية. وتتنافس المنتخبات الجهوية في ما بينها لفرز المنتخب الوطني. وتتمتع المنتخبات الجهوية والوطنية بدورات تحت رعاية الاتحاد العربي تصل إلى المجانية. وتسعى الرابطة إلى تكوين المدربين بإشراف الاتحاد العربي.

 وبعد نسق ماراثوني وبتكاتف كل الجهود تم افتتاح أربع بطولات جهوية ودورة تكوينية للمدربين. وتعمل الرابطة الوطنية للأكاديميات بالقانون الداخلي والأساسي، وهنالك هيكل قانوني يشرف على تسيير الرابطة الوطنية في كل الولايات تحت إشراف شركة خاصة للتظاهرات الرياضية مرخص لها من طرف الوزارة إسمها “NKM event’s”. والمنسق العام بين الولايات هو كريم العرفاوي بما أنه الأمين العام للاتحاد العربي. والهدف الأساسي لتنظيم هذه البطولات هو اكتشاف المواهب واختيار الأفضل قصد تشكيل منتخب عربي قوي قادر على المنافسة ضمن دورات عالمية كبرى.

اهتمام كبير

باتت هذه الأكاديميات الخاصة في تونس تستأثر باهتمام كبير من قبل أهل الذكر وأهل الاختصاص، ووجدت فرصتها للبروز وزادت أعدادها بصفة لافتة في ظل التراجع الذي تعيشه مثيلاتها في الأندية والتي ظلت لسنين طويلة مضت مراكز لتكوين البراعم والنشء وتطعيم الأندية الكبرى بالمواهب، لكن غياب الرعاية الكافية والدعم انتهى بغالبيتها إلى الهامش وأسهم في غلق الكثير من مراكز التكوين.

وانطلقت تجربة أكاديميات التكوين الخاصة عام 2000 بمراكز لتعليم الأطفال أبجديات اللعبة وتأهيل قدراتهم الجسدية، قبل أن يتزايد عدد المولعين بالمراكز الخاصة على حساب مراكز التكوين داخل الأندية. وتكوين لاعبي كرة القدم لا بد أن يخضع إلى ضوابط علمية ومناهج متعارف عليها في أكبر مدارس التكوين بأوروبا، وهذا ما تسعى جل الأطراف التي لها علاقة مباشرة بأكاديميات التكوين في تونس إلى النسج على منواله رغم فوارق الإمكانات المادية وقلة الفضاءات التي تبقى العائق الأبرز لصقل مواهب الناشئين وفق مناهج متطورة.

مواهب واعدة
مواهب واعدة

ولئن اعتبرت بعض الأطراف أن الجوانب التجارية تطغى على نشاط الأكاديميات الخاصة مما يقلل من فرص نجاح اللاعبين ويهمش الجانب التكويني، فإن المراكز ذات الغايات التجارية تعتبر قليلة العدد وتتمركز فقط في بعض الأحياء. والثابت أن الأكاديميات التكوينية الجديدة لا تصنع الأوهام للاعبين، بل تعمل على صقل مواهبهم وإعدادهم للالتحاق بالنوادي المدنية. ولا يقتصر دور الأكاديميات على الترفيه وتعاطي الرياضة، بل تساهم في تمويل الأندية باللاعبين الشبان وتأهيلهم لخوض غمار الاحتراف.

لم يخف كريم العرفاوي، منسق عام الرابطة الوطنية للأكاديميات وأمين عام الاتحاد العربي في حديثه لصحيفة “العرب”، الصعوبات التي تعترض أكاديميات كرة القدم والمتمثلة أساسا في غياب الدعم المادي من جل الهياكل الرياضية الكبرى، مما يهدد بصعوبة العمل في المستقبل.

وللحديث عن الجوانب الفنية، قال كريم العرفاوي “إن أهمية الأكاديميات تكمن أساسا في تلقي الطفل للتكوين منذ نعومة أظافره، باعتبار أنها تستهدف حتى الأطفال في سن السادسة بخلاف الأندية التي تشرف على ناشئين في سن العاشرة كحد أدنى”.

وشدد قائلا، إن “الأهداف المنوطة بعهدة الأكاديميات تختلف عن عمل الجمعيات الرياضية ومراكز التكوين باعتبارها تتمثل بدرجة أولى في الإحاطة بالشباب وصقل المواهب، وتهتم أكثر بالجانب التربوي والأخلاقي وترتكز أساسا على التأطير الكامل الذي ينأى بالشبان عن البعد التنافسي الذي يمس من ثوابت التكوين الأساسية ويضر بتعلم أبجديات كرة القدم، ثم يأتي التفكير في تزويد الأندية بالمواهب الصاعدة”.

وفكرة إنشاء الأكاديميات انبثقت عن مطالب العديد من الرياضيين الشبان لتكون في البداية نشاطا رياضيا لملء الفراغ خلال العطل المدرسية، قبل أن تتطور لتشمل جوانب التكوين العلمية بهدف تكوين لاعبين محترفين وصناعة نجوم قادرين على التألق في عالم الساحرة المستديرة.

طريق المواهب

صورة

حول إمكانية تنظيم بطولة كأس العالم، أكد كريم العرفاوي بصفته منسقا عاما للرابطة الوطنية أنه يحرص على احتضان هذه التظاهرة إذا أمكن ذلك في ظل تفشي فايروس كورونا خلال شهر مارس المقبل. في المقابل، تم اتفاق مبدئي على أن تقام بطولة العالم لمدة أسبوع كامل بالجزائر بمشاركة 48 فريقا تتوزع بين منتخبات عربية وأكاديميات تمثل بلدانها فرق أوروبية وأفريقية بمشاركة مجانية.

ومن جهته، أكد النائب الأول لرئيس الأكاديميات العربية لكرة القدم، فتحي مهشهش في تصريحات صحافية، أن كأس العالم لأكاديميات كرة القدم ستقام بدولتي تونس والمغرب، فيما ستنظم الكويت بطولة المنتخبات. وقال المهشهش إنه وضع استراتيجية لأكاديميات كرة القدم في ليبيا بتنظيم بطولات للأكاديميات على مستوى المناطق الغربية وطرابلس والوسطى وبنغازي والشرقية والجنوبية والجبل الغربي للمواليد من 2004 إلى 2012، لاختيار البارزين من كل منطقة وتكوين منتخبات تمثيل ليبيا في المحافل الخارجية.

ويشار إلى أنه تم اعتماد 13 أكاديمية جزائرية لكرة القدم لتكوين الشبان من قبل الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) في إطار برنامجها الرامي إلى تكوين المواهب الشابة وتحليل النظام البيئي لكرة القدم، حسب ما أفادت به الجامعة الجزائرية لكرة القدم. وطلب الاتحاد الدولي من الجامعة الجزائرية ملفات الأكاديميات التي بإمكانها الدخول في هذا المشروع، حيث دخلت الإدارة الفنية الوطنية في اتصالات مع أندية الرابطتين الأولى والثانية والتي استجابت أغلبيتها لهذا
الطلب.

سلم الشهرة

صورة

ويأمل الكثير من أولياء الأمور في أن يضع أطفالهم، عبر الالتحاق بالأكاديميات، أقدامهم على أول سلم الشهرة والمال، باعتبار أن نموذج الأكاديميات في تونس مستنسخ من الأندية الأوروبية. ومنذ عقود طويلة، لم يكن هناك في تونس اهتمام كبير بتكوين اللاعبين في سن مبكرة في ظل غياب مراكز التكوين المتطورة، وانعدام المتابعة للاعبين الموهوبين في سنواتهم الأولى.

ونجحت بعض الأكاديميات خلال السنوات الأخيرة في شد انتباه الأندية، حيث زاد اهتمام عدد من الفرق التونسية بالمواهب المتكونة صلب هذه الأكاديميات، ما جعلها تحرص على التعاقد مع عدد من اللاعبين الصغار القادرين على تطوير مهاراتهم صلب الأندية.

صورة

 

22